هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، السبت، تقريرا حصريا عن تحدي عصائب أهل الحق العراقية التي يقودها قيس الخزعلي، لإيران، من خلال شنها هجمات صاروخية على مصالح الولايات المتحدة في العراق.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن
"مليشيا عصائب أهل الحق، إحدى الفصائل العراقية المسلحة والمتنفذة المدعومة
من إيران، تمردت على التعليمات الصادرة من طهران، واستمرت في مهاجمة مصالح
الولايات المتحدة، بحسب ما صرح به قادة عسكريون وسياسيون".
وتاليا نص التقرير كاملا
تمردت مليشيا عصائب أهل الحق، إحدى الفصائل العراقية
المسلحة والمتنفذة المدعومة من قبل إيران، على التعليمات الصادرة من طهران، واستمرت
في مهاجمة مصالح الولايات المتحدة، بحسب ما صرح به لموقع ميدي إيست آي قادة عسكريون
وسياسيون.
وكانت إيران قد أصدرت أوامر في شهر أكتوبر لحلفائها المسلحين
في العراق، بعدم مهاجمة الأهداف الأمريكية؛ تجنبا لردود فعل الرئيس دونالد ترامب، الذي
يرغب في إعاقة المساعي الإيرانية للتفاوض مع خلفه جو بايدن من أجل العودة إلى الاتفاق
النووي الذي أبرم في عام 2015.
فعلى الرغم من التوجيهات الإيرانية الصارمة، إلا أن عصائب
أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي قامت ببعض الهجمات ضد السفارة الأمريكية في بغداد وضد
المبعوثين الأمريكيين على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية "، دون تنسيق مع أي من
الفصائل الأخرى أو الإيرانيين"، بحسب ما صرح به قائد واحد من الفصائل المسلحة.
وهذا يشير إلى أن عصائب أهل الحق تعمل خارج السيطرة الإيرانية، وبذلك فهي لا تعتمد على حماية طهران أو أي من التشكيلات العراقية الأخرى شبه العسكرية،
الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل هذا الفصيل.
ويوم الخميس، تعرضت قافلتان عسكريتان تنقلان معدات للقوات
الأمريكية للضرب بالمتفجرات، ما ألحق بهما أضرارا مادية على الطريق الرئيسي جنوبي
بغداد، بحسب ما صرحت به مصادر أمنية.
اقرأ أيضا: MEE: ما وراء انسحاب فصائل السيستاني من الحشد الشعبي
وكانت تلك التفجيرات قد سبقها هجوم صاروخي استهدف السفارة
الأمريكية في وسط بغداد يوم السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر، ونجم عنه قتل طفل
وجرح سبعة آخرين، بالإضافة إلى إلحاق أضرار مادية في عدد من الممتلكات الخاصة والمباني
الحكومية.
أعلنت مجموعة تسمي نفسها "لواء قاصم الجبارين"
المسؤولية عن هجوم الخميس، بينما أعلن فصيل آخر يسمي نفسه "أصحاب الكهف" المسؤولية
عن الهجوم الصاروخي في تشرين الثاني/ نوفمبر.
حتى وقت قريب، لم تكن أي من المجموعتين معروفة من قبل،
ثم بدأ اسماهما يترددان خلال الشهور القليلة الماضية، حيث تداولتا على إعلان المسؤولية
عن الهجمات التي تستهدف قوافل الدعم اللوجستي لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة
في العديد من المحافظات العراقية.
ومع أن أصابع الاتهام كانت تشير إلى كتائب حزب الله،
المليشيا الشيعية الأكبر نفوذا، إلا أن قيادات أربعة من الفصائل الشيعية المسلحة،
بما في ذلك تلك المجموعة وعصائب أهل الحق، نفوا في تصريح لموقع ميدل إيست آي ضلوع كتائب
حزب الله في هذه الهجمات.
وبدلا من ذلك، أصروا على أن عصائب أهل الحق هي من قام
بالهجمات، منهية بذلك هدنة مع الولايات المتحدة كانت المليشيات قد التزمت بها في شهر
تشرين الأول/ أكتوبر.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال قائد بارز في مليشيا
عصائب أهل الحق اشترط عدم الكشف عن هويته: "كانت الهدنة مشروطة بجدولة مغادرة
القوات الأمريكية من العراق خلال شهر واحد، إلا أن الأمريكيين لم يفوا بالشرط، ولم يفعلوا
شيئا ليثبتوا نيتهم في المغادرة".
وقال القائد إن إخفاق واشنطن في إعداد أي خطط للانسحاب
الكامل من العراق يعني أن فصيله لم يعد بحاجة للالتزام بوقف إطلاق النار.
وأضاف: "يتطلب الواجب الديني والوطني من الجميع
الوقوف ضد الوجود الأجنبي في العراق، واستخدام كل الوسائل السياسية والعسكرية لطردهم".
عصيان مفاجئ
يذكر أن عصائب أهل الحق فصيل شيعي مسلح انشق في عام
2006 عن جيش المهدي، الجناح العسكري السابق لحركة رجل الدين المتنفذ مقتدى الصدر.
في البداية، جذب الفصيل إليه المقاتلين من أصحاب الخبرات
والمهارات القتالية، وقام بالاشتراك مع كتائب حزب الله بعشرات الهجمات الفتاكة ضد القوات
الأمريكية ما بين 2006 و2008.
منذ البداية، حظيت عصائب أهل الحق بمساندة إيران، التي
زودتها بالمعدات وأشرفت على نشاطاتها، وكانت حتى الشهر الماضي واحدة من أهم وأقوى الأذرع
الإيرانية في العراق. لذلك، فقد جاء عصيان كتائب أهل الحق مفاجئا للقوى الشيعية
السياسية والمسلحة.
ورغم أن رد الفعل الإيراني غير واضح حتى الآن، إلا أن
الهجمات الأخيرة، التي نفذتها مجموعات صغيرة مرتبطة بعصائب أهل الحق بشكل أحادي ودون
تنسيق مع الفصائل الأخرى، أثارت خلافات كبيرة مع كتائب حزب الله الشريك التقليدي لعصائب
أهل الحق، لما يزيد عن عقد من الزمن والفصائل الشيعية الأخرى المدعومة إيرانيا.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال سياسي شيعي بارز مقرب
من إيران اشترط عدم ذكر اسمه: "ما زال المسؤولون الإيرانيون يلحون على الفصائل
العراقية أن تتحلى بالصبر، وتتجنب شن هجمات ضد المصالح الأمريكية في العراق؛ لأن تلك
الهجمات قد تربك الوضع السياسي في العراق وإيران معا".
اقرأ أيضا: "ربع الله".. فصيل شيعي يثير الرعب ويمارس الابتزاز بالعراق
وبحسب ما قاله ذلك السياسي، فإن عصائب أهل الحق هي الفصيل
العراقي الأبرز الذي يعرب عن عدم سعادته بالتوجيهات الإيرانية، وأنه بدأ فعلا بالتمرد.
وقال إن عصائب أهل الحق قالوا في لقاء عقد مؤخرا مع الزعماء الشيعة إن "الوضع
في العراق له خصوصيته، وإنهم لن يتقيدوا بوجهة النظر الإيرانية، وإنهم لن يخضعوا للإرادة
الإيرانية".
وقال السياسي: "إن الكتائب أكثر التزاما بالتوجيهات
الإيرانية، ومقاتلوها أكثر انضباطا، ويرون أن من الضروري عدم إرباك المشهد العراقي
بأي سلوك لا يمكن التنبؤ به، ومن هنا فقد كانوا ضد هذه الهجمات منذ البداية".
وأضاف: "تسعى عصائب أهل الحق إلى إعادة إنتاج خطابها الإعلامي والسياسي، والتأكيد على فكرة انتمائها الوطني، وعدم انتسابها إلى إيران. تتعلق المقاربة الجديدة للعصائب بالتحضيرات للانتخابات البرلمانية القادمة، والتنافس على زعامة فصائل المقاومة المسلحة في العراق".
وطبقا لما يقوله قياديون في الفصائل، فإن من غير المتوقع
حاليا أن ينشب قتال بين عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله. إلا أن إصرار عصائب أهل الحق
على الاستمرار في مقاربتها الجديدة سيعني بالضرورة أن إيران قد تقصيها وتضحي بها، وتتركها
لتواجه الأمريكان والحكومة العراقية وحدها.
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال قائد في كتائب حزب
الله مشيرا إلى زعيم عصائب أهل الحق: "كل السيناريوهات ممكنة. ما سيحدث مع عصائب
أهل الحق يتوقف على ما يقرره الإيرانيون. ومن المتوقع أن تسعى إيران لإعادتهم إلى حضنها، والحد من طموحات قيس الخزعلي أو إرضائه بتسوية ما".
وأضاف: "ولكن، هل سينجحون في ذلك؟ لا أحد يعلم سوى خزعلي والإيرانيين".