هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لبورزو دارغاهي، عن زيارة زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا، واحتفاء الرئيس إيمانويل ماكرون به.
وتحت عنوان "الحرية والمساواة والسلاح: فرنسا تمنح سيسي مصر أعلى أوسمتها رغم انتهاكات حقوق الإنسان" قال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ماكرون اختار لتشريف السيسي وهو الحاكم الديكتاتوري لأكبر دولة عربية من ناحية عدد السكان، أعلى أوسمة الشرف في البلاد وهو "وسام جوقة الشرف"، وهي ميدالية بدأت في عهد نابليون بونابرت قبل 218 عاما.
ورغم هذا التكريم لم تعلن الدولة الفرنسية عنه ولم يستدع أي من المراسلين الصحافيين لتغطية المناسبة وبقية المناسبات التي أعدت للسيسي أثناء زيارته.
ولفت التقرير إلى اعتماد الإعلام الفرنسي الذي بحث عن لقطات للزيارة، على إعلام الدولة المصرية الذي تمارس عليه رقابة هي الأعلى في العالم.
ويقول زياد ماجد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في باريس: "بالتأكيد كان (المسؤولون الفرنسيون) محرجين ولهذا السبب لم تكن هناك كاميرات" و"أرادوا عملها بدون الترويج للمناسبة أو الزيارة".
ويقول دراغاهي إن الكارثة التي أحاطت بمحاولات المسؤولين الفرنسيين التكتم على زيارة السيسي تؤكد الطبيعة المتشابكة للتبني غير اللائق: بين دولة تقدم نفسها على أنها نموذج لحقوق الإنسان والحرية ودولة عربية برزت كأقسى نظام قمعي على وجه الأرض وبسجل متدهور في حقوق الإنسان وسجون مزدحمة بالمعارضين.
وفي الأسابيع القليلة الماضية اعتقلت القاهرة موظفين في واحدة من منظمات حقوق الإنسان المتبقية في البلاد، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مما أثار ردة فعل دولية.
وأفرج عن الثلاثة بكفالة لكنهم يواجهون تهما تتعلق بالأمن القومي. وفي يوم الخميس وجه المحققون الإيطاليون اتهامات لمسؤولين بالمخابرات المصرية في جريمة اختطاف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي غويليو ريجيني عام 2016.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش: "تعاني مصر في ظل عبد الفتاح السيسي أسوأ أزمة في حقوق الإنسان منذ عقود".
ومع ذلك أصر ماكرون على أنه لن يمارس ضغوطا على مصر فيما يتعلق بسجلها في حقوق الإنسان، بما في ذلك التغييب القسري والقتل خارج القانون والتعذيب والسجون الفظيعة والمحاكمات الجماعية.
وقال ماكرون: "لن أشرط التعاون العسكري والاقتصادي بهذه الخلافات (بشأن حقوق الإنسان)" وقال: "من الأفضل أن تكون لديك سياسة تدعو للحوار بدلا من المقاطعة التي ستخفض من فعالية واحد من شركائنا في مكافحة الإرهاب".
اقرأ أيضا : ماكرون يمنح السيسي أرفع وسام بالبلاد (صور)
ورغم الموضوع المشترك بين القاهرة وباريس المتعلق بمكافحة التشدد إلا أن هناك مصالح أخرى وراء هذا الاحتفاء وهي الأرباح التي تجنيها فرنسا من صفقات السلاح إلى مصر. وفي زيارته التقى السيسي مع مدراء كل من إيرباص وداسول أفييشين التي تبيع القاهرة مقاتلات رافال.
ووصل السيسي إلى الحكم عبر انقلاب عام 2013 ومنذ ذلك الوقت وهو يزور الانتخابات ويحصل على نسبة 95% من الأصوات ولهذا فهو يتذوق الشرعية التي أضفاها عليه قصر الإليزيه.
وحفلت القنوات التلفزيونية ومنصات التواصل الإجتماعي المصرية بصور السيسي وهو يلتقي المسؤولين والنخب التجارية الفرنسية الذين كانوا يقدمون له التحية.
ويقول أتش إي هيلير، الزميل البارز في المعهد الملكي للدراسات المتحدة: "كان هناك اتجاه واضح ويخدم الذات ويقدم على أنه براغماتية فظة" و"الحسابات الأساسية واضحة، لدى الإليزيه أولويات بالمنطقة وقد تضم حقوق الإنسان داخل القائمة ولكن ليس على رأس القائمة وبعيدا عن دعم الإليزيه لحقوق الإنسان".
وزاد التقرير بالقول: "ربما احتاجت فرنسا لمصر بأكثر من طريقة، فمع تراجع النفوذ الدبلوماسي الفرنسي العالمي وأثر فرنسا العسكري والاقتصادي فهي بحاجة إلى مصر كي تستعرض هذا التأثير".
وكانت مصر قوة في مواجهة تركيا التي تعتبرها باريس أكبر دولة إشكالية تهدد المصالح الفرنسية وأكثر من روسيا والصين.
وتساعد مصر، فرنسا القوة الاستعمارية المتراجعة على مواصلة التأثير في ليبيا وشرق المتوسط وحتى السودان.
وفي الوقت نفسه تقدم فرنسا لمصر السلاح المتقدم والغطاء الدبلوماسي رغم ما ترتكبه القاهرة من انتهاكات لحقوق الإنسان وسوء إدارتها للاقتصاد المصري.
ورغم التذمر والسخط داخل المؤسسة الفرنسية فإن النخبة الفرنسية تعيش سحر فكرة قدرة السيسي على إحلال الاستقرار في الشرق الأوسط وقتال التشدد.
والمشكلة أن تبني النخبة الفرنسية لزعيم كهذا قد تكون له نتائج عكسية ويشجع على التطرف من خلال منح المتشددين الذخيرة للتجنيد خاصة بين المحرومين والساخطين في الشرق الأوسط وأوروبا.
ويقول ماجد إنهم "لا يتظاهرون حتى بطرح موضوع حقوق الإنسان والديمقراطية والمعتقلين السياسيين" و"تلعب فرنسا دورا في تطبيع قمع السيسي" و"عندما تريد إرسال رسائل لمواجهة التطرف فأسوأ رسالة هي القبول بالحصانة والتعامل مع هذا النظام بدون شروط، وهذه طريقة للقول إننا نقبل بالمعايير المزدوجة وخروقات حقوق الإنسان. وهي ظرف مناسب لكل أنواع الراديكالية".