هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكل
الاتفاق على وقف الحرب في "قره باغ" بارقة أمل جديدة لإنهاء الصراع في سوريا،
وتحديدا بسبب تدخل روسيا وتركيا في الملفين.
وأعرب
الرئيس التركي عن أمله في أن تبدأ مسيرة سلام في سوريا على غرار ما حدث في قره باغ،
مضيفا خلال الإعلان عن توقيع اتفاق مع الجانب الروسي على تشكيل قوة سلام:
"لتحقيق ذلك يجب إقصاء النظام السوري والتنظيمات الإرهابية، وتركيا مستعدة للعمل
مع روسيا والقوى الإقليمية الفاعلة من أجل إنشاء سوريا جديدة تلبي تطلعات شعبها بشكل
مباشر".
وأكد
أردوغان على ثقته بإمكانية الإقدام على خطوات في سوريا وليبيا، مماثلة لتلك التي تم
الإقدام عليها في قره باغ.
ولم
يستبعد مراقبون خلال حديثهم لـ"عربي21" أن تُعيد أنقرة وموسكو التجربة ذاتها
في سوريا، أي تشكيل قوات حفظ سلام مشتركة، ونشرها على طول خطوط التماس بين قوات
المعارضة والنظام السوري في شمال سوريا.
لكنهم
أشاروا إلى تعقيد الملف السوري، ووجود أطراف أخرى مثل إيران والولايات المتحدة، وقال
الباحث في "مركز الحوار السوري" محمد سالم، إنه ليس من الواضح إذا ما كانت
القوات التركية ستشارك في أذربيجان في حفظ السلام أم لا، وذلك في إشارة إلى حديث روسيا
عن انتشار قوات حفظ سلام روسية فقط.
اقرأ أيضا: أردوغان يعلن تشكيل قوة سلام مشتركة مع روسيا بـ"قره باغ"
وكانت
المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قد أكدت أن روسيا تتحدث عن نشر قوات
حفظ سلام روسية فقط على طول خط التماس في قره باغ.
وقال
سالم: "لقد وصل التنسيق الروسي التركي مراحل متقدمة في سوريا من خلال الدوريات
المشتركة في شرق الفرات خاصة، وفي إدلب بدرجة أقل، مما يرجح استمرار التوافقات التركية
الروسية بشكل هش دون استقرار في إدلب تحديدا".
وأضاف
لـ"عربي21": "لا يعني استمرار التوافقات العامة عدم وجود بوادر تصعيد بين فترة وأخرى لتسخين طاولة التفاوض والتلويح بالعصا من قبل الروس تحديدا للحصول
على مكاسب جديدة".
أما
الكاتب والناشط السياسي، مصطفى النعيمي، فرأى أن الباب لا يزال مفتوحا أمام إعادة تركيا
وروسيا للخطوات التي تم الاتفاق عليها جنوب القوقاز، في سوريا.
واستدرك
خلال حديثه لـ"عربي21": "لكن تطبيق ذلك ميدانيا يقع على عاتق الروس، ومن الواضح
أن الأخيرة لا تمتلك الإرادة نحو محاسبة من يقوم بالهجمات على مناطق المعارضة السورية،
وكذلك إيران التي تستخدم النظام كواجهة سياسية لتمرير جرائمها في سوريا".
وحسب
النعيمي، فإن الموقف العسكري التركي في أذربيجان، يحظى بغطاء سياسي دولي، بدرجة أكبر
من الموقف في سوريا، وهذا ما يجعل الملف السوري أكثر تعقيدا.
ومتفقا مع النعيمي، أشار مصدر تركي خلال حديثه لـ"عربي21"
إلى موقف روسيا القوي في سوريا مقارنة بموقفها الضعيف في أذربيجان، نظرا لاعتراف
العالم باحتلال أرمينيا لأجزاء من أذربيحان، وهو ما دفع بموسكو للضغط للتوصل إلى حل
نهائي للنزاع هناك.
اقرأ أيضا: بوتين يقدر نهج أردوغان "البناء" ويؤكد مواصلة الحوار مع أنقرة
وأضاف المصدر التركي، مفضلا عدم الكشف عن هويته: "نلاحظ في سوريا كثرة اللاعبين، من الإيرانيين والروس والأتراك
والأمريكان والنظام والأحزاب الكردية الانفصالية، وبالتالي لا يمكن حل الملف السوري
في صفقة كالتي حصلت في أذربيحان"، معقبا: "الكل لديه مشروع واضح في سوريا يحارب
لأجله".
وقال:
"في سوريا نتحدث عن نظام متهالك لا يمكن له أن يستمر في حكم الدولة، ووجوده يقوض
عملية إعادة الإعمار التي تسعى روسيا إلى تفعيلها لتستفيد من عائداتها، وفي المقابل
لديك معارضة رخوة لا تستطيع أن تتحمل أعباء بناء دولة جديدة أبدا".
وتابع: "فضلا عن ذلك في حال
حصلت اتفاقية مشابهة في سوريا ليس من المعقول أن تسلم روسيا مناطق للمعارضة كانت قد
سيطرت عليها في السنة الماضية، بدليل الحشد والاستعداد لدخول معارك جديدة بداية السنة
القادمة حسب تقدير قوات المعارضة في إدلب".
ومن وجهة نظر المصدر التركي، فإن ملف سوريا أشد تعقيدا بكثير من باقي الملفات العالقة بين روسيا وتركيا،
وهذا ما شهدناه في ليبيا وأذربيجان، حيث تم التوصل لحلول جذرية نوعا ما، مع عجز تام
عن تقديم حل حقيقي في سوريا بعد 9 سنوات من الحرب وتقارب روسي تركي منذ 5 سنوات تقريبا.