أخبار ثقافية

ريتشارد ناثان هاس.. مؤرخ الاضطراب العالمي الجديد

ريتشارد ناثان هاس من الجمهوريين الذين يعارضون سياسة دونالد ترامب- صفحته عبر فيسبوك
ريتشارد ناثان هاس من الجمهوريين الذين يعارضون سياسة دونالد ترامب- صفحته عبر فيسبوك
نشر موقع "معهد إلكانو الملكي" الإسباني مقال رأي للكاتب أنطونيو روبيو بلو، تحدث فيه عن كتاب صدر مؤخرا بعنوان "كتاب العالم: مقدمة موجزة" من تأليف مدير مؤسسة مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد ناثان هاس، الذي يسلط الضوء على عدة مواضيع تهم المجتمع الدولي، منها التناقضات السياسية والعولمة والتعليم والفوضى الدولية.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن ريتشارد ناثان هاس من الجمهوريين الذين يعارضون سياسة دونالد ترامب، وكان مستشارا لوزير الخارجية السابق كولن باول. ويعكس هذا العمل موقف مؤلفه من الوضع الذي تعيشه الولايات المتحدة حاليا، ومن المحتمل أن يؤثر نوعا ما على قرارات التصويت في الانتخابات الرئاسية.

وأشار الكاتب إلى أن المحاور التي تطرق لها المؤلف في هذا الكتاب لا تقتصر على المجتمع الأمريكي فقط، فالمشاكل التي تعاني منها الولايات المتحدة تنطبق على إسبانيا أيضا، مثل المشاكل السياسية والتعليمية والاجتماعية، حيث كان يُعتقد أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيحقق لها التوازن على جميع المستويات، ولكنه كان قرارا فاشلا.

اليوم، تشكك إسبانيا في نزاهة الاتحاد الأوروبي، ولا ترى في تشكيل اتحادات سياسية بين الدول الأوروبية خيارا ناجحا، خاصة في السنوات الأخيرة، وذلك بالنظر إلى مخلفات الأزمة المالية لسنة 2008 والأزمة الحالية المنجرة عن جائحة كوفيد-19.
 
وذكر الكاتب أن ريتشارد ناثان هاس عبّر في كتابه عن خيبة أمله من الوضع الذي آل إليه المجتمع الأمريكي، حيث إن تخرج أحدهم من جامعة مرموقة مثل ستانفورد بتخصص في مجال علوم الكمبيوتر، سوف يضمن له مكانة مرموقة في المجتمع ودخلا محترما، إلا أن معرفته في مجالي التاريخ والاقتصاد تكون محدودة للغاية.

ويعزو هاس ذلك إلى تقهقر مكانة العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية في المجتمع، مقابل زيادة تقدير المعرفة التقنية. في المقابل، يصر هاس على أن دراسة اللغات الأجنبية أمر جيد، لكن لا فائدة ترجى منها إذا لم تثر هذه اللغات اهتماما أكبر بالشؤون الدولية.

كما تحدث هاس عن أهمية التدريب، الذي يجادل الكثيرون بأنه مستمر في القطاعين العام والخاص، إلا أنه في كثير من الحالات يعد جزءا من البُعد البيروقراطي المرتبط بالترقية الوظيفية. كما أوضح هاس أنه أن تكون مؤهلا لمنصب ما، لا يعني أنك مستعد له بشكل جيد.

وأضاف الكاتب أن المؤلف يعتقد أن الأمريكيين يفتقرون إلى معرفة شاملة لما يحدث على الصعيد العالمي، التي تجعل العديد منهم ينتقلون بصعوبة بين عناوين الأخبار ولا يستطيعون التمييز بين الحقيقي والمضلل منها. ولاشك أن الاطلاع على العالم الخارجي مفيد أحيانا في عملية اتخاذ القرار.

فمعرفة العالم الخارجي أمر حيوي بالنسبة للأمريكيين لأسباب اقتصادية وسياسية، وليدركوا أن بلادهم التي كانت في السنوات الـ 75 الماضية قوة عظمى سيضمحل دورها القيادي تدريجيا إذا ما بقي ترامب في البيت الأبيض، فقد دمر ترامب السياسة الخارجية الأمريكية وساهم في اضطراب العالم الجديد.

وأكد الكاتب أن هذا العمل يتضمن دعوة للقراء من جميع الأعمار للتعرف على العالم الخارجي. يركز هذا الكتاب على الشؤون الخارجية بشكل خاص، حيث يسلط الجزء الأول الضوء على تاريخ موجز للعلاقات الدولية من نظام ويستفاليا (1648) حتى الوقت الحاضر، الذي حافظ على مستوى معين من السلام والاستقرار، لكنه لم يمنع اندلاع حروب أخرى مدمرة.

وأشار هاس إلى أن الاقتصادي البريطاني جون كينز كان من القلائل الذين توقعوا ما يمكن أن يحدث، لكن العالم ظل يتحول بين انعزالية الأمريكيين والأوروبية الأحادية. في المقابل، يعتبر هاس فترة الحرب الباردة لحظة تاريخية عظيمة، رغم ما انطوت عليه من مخاطر خاصة احتمال اندلاع حرب نووية. مثلت تلك الفترة مهد التعاون وولادة منظمات دولية كبيرة، واضطلعت خلالها الولايات المتحدة بدور أكبر على الصعيد العالمي.

ولكن خلال السنوات الثلاثين الماضية، أدت سلسلة من الأحداث إلى سقوط الأنظمة الشيوعية وتضاعف الصراعات الإقليمية. وفي القرن الحادي والعشرين، تحدت كل من روسيا والصين النظام الليبرالي الدولي الذي تأسس منذ عقود، وتلاشى وَهْمُ القيادة العالمية للولايات المتحدة، بينما سادت الفوضى المسرح العالمي.

وذكر الكاتب أن الجزء الثاني من الكتاب يقدم نظرة عامة عن مختلف مناطق العالم، أوروبا، وشرق آسيا، والمحيط الهادئ، وجنوب آسيا، والشرق الأوسط، وأفريقيا والأمريكتين. ويرى المؤلف أن هذه المناطق تشترك في سمة عدم الاستقرار، والصراع على الحدود، وعدم اليقين، التي لم تنج منها حتى بعض بلدان أوروبا بعد عملية الدمج في الاتحاد الأوروبي.

وفي آسيا، لم تساهم المعجزات الاقتصادية التي حققتها بعض الدول في إرساء استقرار أكبر، وذلك بسبب التحديات الجيوسياسية، التي ترى فيها الصين فرصة لمحو قرن من التاريخ يتسم بالإذلال. وبالنسبة للشرق الأوسط، كل شيء يؤكد استمرار الصراعات واستحالة تحقيق الاستقرار. وفي أفريقيا، لا تزال نقاط الضعف السياسي والاقتصادي للعديد من بلدانها قائمة إلى الآن. وفي الأمريكتين أيضا ينعدم الاستقرار مع تفاقم خطر ما يسمى بالدول الفاشلة.

وأورد الكاتب أن الجزء الثالث من الكتاب كان مخصصا للحديث عن العصر العالمي، حيث أصبحت التعددية ضرورية أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من أن بعض القوى تبحث عن تعزيز الثنائية. وحسب هاس، تعتبر التعددية أفضل طريقة لمحاربة التحديات العالمية والتعامل مع قضايا مثل الانتشار النووي، وتغير المناخ والهجرة والصحة والحمائية والسياسات النقدية وسياسة التنمية.

وبين الكاتب أن الجزء الأخير من الكتاب تمحور حول النظام والفوضى، وتتمثل أطروحة هاس في أننا نعيش في عالم غير كامل لا يوجد فيه سلام كامل ولا عدالة ولا مساواة. وعلى الرغم من ادعاء العكس، يبدو أحيانا أننا نعيش حقا في نظام دولي وليس في مجتمع دولي. وقد ثبت أن نظام ميزان القوى القديم غير فعال في القرن العشرين. وهكذا ظهرت الحاجة إلى التعددية والتعاون الدولي. لكن كما يقول المؤلف؛ النظام لا يمثل الوضع الطبيعي للشؤون الدولية ولن يظهر من تلقاء نفسه.


للاطلاع على النص الأصلي (هنا


التعليقات (1)
sandokan
الثلاثاء، 03-11-2020 02:09 م
الأفكار التقليدية لا تنفع البشرية في شيء على الإطلاق و إنها مجرد أفكار تحقق مصالح أولئك الدين يروجون لها .. لقد غذا المشهد أشد تعقيداً اليوم ، و الأكيد أنه سيراوح حاله مدة طويلة ، فهناك الكثير من الضروف و المشاكل ، و الأمال ، و المتطلبات و الخطابات التي تتعايش في منطقة ذاث إرث تاريخي عميق ، و لكن بالرغم من أننا لا يمكن أن ننسب كل هذه المشاكل إلى الغرب ، لأن هناك مجموعة من الإشكاليات الداخلية حاضرة هناك ، فإنه من الممكن أن نؤكد أن جزأً أساسياً منها له أصل من ذلك التدخل الدائم للغرب .. و مما لا شك فيه إن إدراك التنوع المهم للخطابات التي يرجع أصلها إلى ما هو إيديولوجي أكثر مما هو ديني ، يسمح لنا بفهم الصراعات التي تعالج من وجهة نظر لا تعد و لا تحصى ، تأتي كردود أفعال في كثير من المرات تقدم المصالح السياسية على مصلحة التعرف على ^^ الآخر ^^ و في هذه الحالة كما في حالات كثيرة أخرى ، فإن التاريخ يأتي لتأكيد ذلك .