سلطت
صحيفة "
الغارديان" البريطانية الضوء على وصول فيروس
كورونا إلى مخيمات
اللاجئين في الشرق الأوسط.
وقال مراسل
الصحيفة في الشرق الأوسط، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع وجود موجة
ثانية وثالثة من مرض كوفيد-19 في أنحاء العالم تحققت أشد المخاوف.
وأضاف:
"فبعد عدة أشهر من الأزمة، بدأ المرض يزحف إلى اللاجئين والنازحين، حيث بات إيقاف
زحفه من شبه المستحيل. وهناك حوالي 15 مليون شخص في أنحاء منطقة الشرق الأوسط،
كثير منهم مهدد بخطر المرض، يواجهون الآن احتمال انتشار المرض في مجتمعاتهم".
تقول الصحيفة إن عدد الإصابات في المخيمات في العراق
وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية ارتفع بشكل كبير خلال شهر أيلول/ سبتمبر. وبدأ
الارتفاع في عدد الحالات يتجاوز الذروات التي وصل إليها في البلدان القادرة على
التعامل مع التفشي. كما أن ظروف المخيمات المكتظة والمرافق الصحية المحدودة
والرعاية الصحية والتعليم حول مخاطر الفيروس لا تبشر بخير مع قدوم الشتاء.
وتقلق التداعيات المترتبة على تفشي المرض في المخيمات
وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة. وقالت رولا أمين، المتحدثة باسم الوكالة في
المنطقة: "إن هذا يتسبب أيضا بجائحة فقر تتسبب بمخاطر حماية كبيرة، فالناس
يعانون لإطعام أطفالهم ولإرسالهم للمدارس. وهناك مشاكل بخصوص الزواج المبكر وعمالة
الأطفال. وهناك أيضا أزمة اقتصادية تزيد سوءا، وسيكون لهذا تداعيات طويلة الأمد وخطيرة".
وأضافت: "بالطبع سيكون هناك قضايا صحية كثيرة
بشأن قدرة المجتمعات المضيفة التي تعاني هي نفسها. فهذه القدرات ستتحمل عبئا كبيرا
إن أصبح هذا التفشي أكثر انتشارا. فكيف يمكنهم معالجة واستيعاب هذا العدد الكبير
من الحالات؟"
وقالت أمين إن عدد الإصابات بين اللاجئين الذين
ترصدهم ارتفع إلى حوالي 1000 حالة، والخوف هو أن محدودية الإبلاغ عن الحالات يعني
أن العدد أكبر بكثير من هذا.
وما يزيد من قلق المنظمات الإنسانية هو اجتماع
العوامل؛ ففي شمال غرب
سوريا، حيث يعيش حوالي 4 ملايين لاجئ، كثير منهم نازحون في
زاوية من بلد محطم ينظر إليها على أنها أكثر المناطق المعرضة للخطر في العالم.
وقالت ميستي باسويل، مديرة السياسات للشرق الأوسط في
لجنة الإغاثة الدولية: "إن عشر سنوات من الصراع دمرت النظام الصحي، وجعلت
الرعاية الأساسية بعيدة عن متناول الكثير، ناهيك عن علاج كوفيد، وفرّ أكثر من 65%
من الشعب من بيوتهم بسبب الصراع، ويعيشون في مخيمات مكتظة عرضة لعوامل الطبيعة، حيث التباعد الاجتماعي شبه مستحيل، ومع وصول الشتاء في الأشهر القادمة، من الضروري
احتواء التفشي الحالي، والسيطرة على الوضع، قبل أن يصل إلى مستويات كارثية".
وأضافت: "في شمال غرب سوريا تزيد الحالات بشكل
درامي، ونخشى أن تكون هذه قمة رأس جبل الجليد فقط من ناحية الحجم الحقيقي للمشكلة.
فقدرات الفحص غير كافية، حيث تم إجراء أقل من 9000 فحص لحد الآن، ولكن قلة الفحوصات
هي أحد التحديات التي يواجهها الناس في شمال غرب سوريا".
وحيث جفت مساعدات الدولار، وهناك ضغط على الرد العالمي
على كوفيد في كل الاتجاهات، اضطرت المجتمعات للجوء إلى إمكاناتها الذاتية للتعامل
مع الجائحة. ويقول إبراهيم درويش، مسن يعيش في تجمع غير رسمي في إدلب جنوب الحدود
التركية: "نستخدم ماكنات الخياطة لصناعة الكمامات، ونعقم الخيام بقدر
استطاعتنا، يقولون لنا إن الصابون هو الحل، ولكن لا تنسى أن كثيرا من الناس لا
يستطيعون شراء الصابون، ناهيك عن استطاعتهم الدخول في حجر صحي إذا مرضوا. وثقافيا
هناك إشكالية في فعل ذلك على أي حال".
ويعيش في مخيمات إدلب للنازحين حوالي 20% من الذين
سافروا من أماكن أخرى من سوريا إلى آخر معقل معارض للحكومة، حيث دمرت المستشفيات
بشكل كبير على مدى السنوات الخمس الماضية عن طريق الغارات الجوية التي شنتها الطائرات
الروسية والسورية. ويعيش بقية النازحين في بيوت عشوائية وتجمعات تجعل متابعة
ظروفهم الصحية أكثر صعوبة.
ويبقى
الرصد صعبا في أماكن أخرى من المنطقة: في منطقة شمال شرق سوريا حيث فرت أعداد
كبيرة من الأكراد من وجه الهجوم التركي في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وعبر الحدود
في العراق، حيث يبقي الإيزيديون في مخيمات اللجوء في المناطق الكردية في الشمال بعد
أكثر من ست سنوات من محاولة تنظيم الدولة إبادتهم. وإلى الجنوب هناك حوالي 300 ألف
من سكان الموصل لا يزالون يعيشون في تجمعات، ويمنعون من العودة إلى بيوتهم.
وفي الأراضي الفلسطينية، فإن وضعا كان يعتبر قابلا
للإدارة أصبح بشكل متزايد مثيرا للقلق.
وقال المفوض العام للأونروا فيليبي لازاريني:
"حتى شهر تموز/ يوليو، كان لدينا أقل من 200 حالة إصابة بكوفيد-19 بين
اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة: الضفة الغربية وغزة وسوريا ولبنان والأردن،
والآن هناك أكثر من 7800 حالة مؤكدة بين اللاجئين الفلسطينيين وحوالي 800 وفاة.
هذه المجتمعات ضعيفة اقتصاديا وسياسيا مهمشة اجتماعيا، كثير منهم يعيشون يوما بيوم، حيث يعملون بأجرة يومية. ونسمع باستمرار من اللاجئين الفلسطينيين أنهم يفضلون أن
يصابوا بفيروس كورونا من أن يموتوا جوعا. وضعفهم حاد جدا".
وتقول مفوضية اللاجئين إنها تتوقع أن تكون آثار
الجائحة القادمة حادة. وبحسب أمين، فإن "50% من بنات اللاجئين في خطر عدم العودة
للمدرسة، وهناك مستوى عال من الإدراك بين اللاجئين حول محاول فعل كل شيء ممكن
لتجنب الفيروس. والناس يدركون ما هي المخاطر، ولكن هناك تحديات حقيقية في الأماكن
المكتظة. وهناك مشكلة في إمكانيات الفحص وأدوات الحماية وإمكانيات المستشفيات
والتغذية الجيدة".
وقالت سها نجار، نازحة عراقية شمال الموصل، إن زوجها أصيب
بالفيروس في حزيران/ يوليو، وتم نقله إلى مستشفى في المنطقة. وقالت: "لو بقي، لأصبت أنا أيضا معه، وأكون سعيدة بذلك، فتفريق العائلة أسوأ من الموت معا".