هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تقلصت المهام المصرية التاريخية بشكل غير مسبوق تجاه القضايا الفلسطينية، رغم حضورها السابق في جميع الملفات الفلسطينية، ما يثير الجدل حول موقع الدبلوماسية المصرية بالمرحلة المقبلة.
وبدلا من لقائهما في القاهرة
كالمعتاد؛ تلتقي حركتا فتح وحماس في تركيا، بهدف محاولة إنهاء حالة الانقسام
بين الفرقاء، وإجراء محادثات حول إمكانية تنظيم انتخابات عامة في الضفة الغربية
المحتلة وقطاع غزة المحاصر لإعادة الوحدة بينهما، في هذا الظرف التاريخي الحرج.
اللقاء الذي تحتضنه تركيا؛ يأتي في
ظل موجة التطبيع العربي الحالية التي بدأتها الإمارات في 13 آب/ أغسطس الماضي،
وتبعتها البحرين بنحو شهر، كما أنه يثير التساؤل حول غياب الدور المصري الذي لعبته
القاهرة -المؤيدة للتطبيع- على مدار سنوات في الوساطة بين الفلسطينيين.
ومساء الاثنين، طلب الرئيس الفلسطيني
محمود عباس من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دعم التوجه الفلسطيني نحو تحقيق
المصالحة والذهاب للانتخابات، وتوفير مراقبين من تركيا في إطار المراقبين
الدوليين، للمراقبة على الانتخابات.
واتفق الأمناء العامون للفصائل
الفلسطينية، في 3 أيلول/ سبتمبر الجاري، على جملة قضايا بينها: العمل على إنهاء
الانقسام، "وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة
والنزيهة، وفق التمثيل النسبي".
دلالة واحدة
وحول دلالات انتقال الملف الفلسطيني
الداخلي للدبلوماسية التركية بدلا من القاهرة، أكد الخبير في القانون الدولي
والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير، أن "له دلالة واحدة هي: إدراك
(حماس)، و(فتح) عدم نزاهة الوسيط المصري وتحيزه الكامل لصالح العدو".
الأكاديمي المصري، أضاف
لـ"عربي21"، أنه "منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، وحتى الآن فقدت مصر
مكانتها الدبلوماسية، وأصبحت دولة تابعة بعد أن كانت قائدة".
اقرأ أيضا: الاحتلال يشن اعتقالات بالضفة.. وهدم قاعة أفراح (صور)
وأكد أن "الانقلاب رهن سياسات
مصر ليس بيد آل سعود وآل زايد، بل أصبح بيد إسرائيل؛ وصارت مصر الآن رائدة وقائدة
للتطبيع والاستسلام فقط لا غير"، على حد قوله.
وجزم أبوالخير، بأنه "لم يبق
لمصر من دور في أي قضايا دولية؛ سوى التبعية وانعدام الدور على الصعيدين الإقليمي
والعالمي بفضل الانقلاب"، معتقدا أن ذلك يعود إلى طبيعة الحكم العسكري،
"فمنذ انقلاب 1952، وسياسة مصر مرهونة وأسيرة للتوجهات الأمريكية أو بالأصح
الصهيونية".
عهد جديد
من جانبه، قال الباحث والأكاديمي
المصري، الدكتور محمد الزواوي: "هذا يدل بصورة واضحة على تزايد النفوذ
الإقليمي التركي من ناحية، وكذلك على مصداقية القيادة السياسية في أنقرة من ناحية
أخرى".
المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة
سكاريا التركية، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الدول العربية
التي كانت مسيطرة على ملف القضية الفلسطينية في ما كان يسمى محور الاعتدال منذ عقود، أثبتت عدم مصداقيتها بعد
هرولتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني".
وأضاف أن "هذا مؤشر جديد على
ازدياد الشرخ داخل المنظومة العربية تحت مظلة الجامعة العربية، بما سمح بدخول
أطراف أخرى غير عربية على خط القضية الفلسطينية وعلى رأسها تركيا وإيران".
الأكاديمي المصري، لفت أيضا إلى أن
"هذا اللقاء يدل على أن منظمة التحرير كذلك والقيادات بالضفة لم تعد تثق
بوعود الدول الداعمة لها، وأن تدخلاتها السابقة فاقمت الخلاف الفلسطيني
الفلسطيني".
اقرأ أيضا: عباس يدعو أردوغان لدعم المصالحة والانتخابات الفلسطينية
وتابع: "يؤخذ في الاعتبار
حسابات تلك الدول السياسية حول موقفها من الإخوان المسلمين ومن ثم حركة حماس، بما
أثر سلبا على القضية الفلسطينية، التي لم يكن ينقصها تلك الهرولة في التطبيع
المجاني لدعم موقف نتنياهو السياسي الداخلي بالكيان الصهيوني".
وختم الزواوي بأن "لقاء تركيا
يؤشر لبداية عهد جديد للقضية الفلسطينية، لا سيما إذا نجحت أنقرة في ما لم تنجح فيه
الحكومات العربية من لم الشمل، وإجراء مصالحة تعضد وحدة البيت الفلسطيني لمواجهة
التحديات الجسيمة للقضية الفلسطينية".
رسالة فلسطينية
وعلى الجانب الآخر، لا يعتقد
الأكاديمي المصري الدكتور ممدوح المنير، أن "القاهرة فقدت ملف الوساطة بين
فتح و حماس؛ ليس لقوة الموقف الدبلوماسي المصري ولكن لحجم البلطجة السياسية التي
تملكها القاهرة على قطاع غزة، فهي تستطيع خنقها أكثر واستعادة دورها ثانية بتشديد
الحصار وإغلاق معبر رفح".
مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية
والاستراتيجية بإسطنبول، أضاف في حديثه لـ"عربي21": "لذلك أعتقد أن
لقاء أنقرة لن يعدو كونه لقاء تشاوريا وإشارة غير مباشرة للأطراف العربية؛ أننا
يمكن أن نذهب بعيدا عنكم لحماية القضية
الفلسطينية".
وأشار إلى أن "تركيا وخاصة
رئيسها رجب طيب أردوغان له مواقف متقدمة ومشرفة من القضية الفلسطينية؛ رغم أن هناك
تطبيعا مؤسساتيا كاملا بين أنقرة وتل أبيب، سابقا على وصول حزب (العدالة والتنمية)
للحكم هناك".
المنير، أكد أن "هذا قد يوفر
أوراق ضغط نسبية لتركيا على تل أبيب في العلاقة مع الفلسطينيين".
وعن الدور المصري على الساحة
الدولية، فيعتقد الأكاديمي المصري، أنه "لم يتغير منذ قدوم السيسي لسدة الحكم،
وهو دور خفير الحراسة؛ حيث قدم السيسي نفسه للغرب والشرق بدور التابع الذي يقوم
بمهام الحارس الذي يحمي الغرب من الإرهاب ويقلم أظافره".
وختم بالقول: "وحتى ينتهي
الانقلاب والدولة العسكرية فلن تبارح مصر
مكانتها المتردية للأسف الشديد".
ماذا بقي لمصر؟
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"،
كتب الباحث والمحلل السياسي عبدالله النجار، أن "مبارك قلص دور مصر الدولي
حتى أصبح أقصى طموح الدبلوماسية المصرية هو الوساطة بين حماس والكيان الغاصب أو
الوساطة بين حماس وفتح".
وتابع: "اليوم فقدت الدبلوماسية
المصرية ملف الوساطة بين فتح وحماس، وانتقل الملف للدبلوماسية التركية"،
متسائلا: ماذا بقي لمصر على الساحة الدولية؟".