ينوي النظام العسكري الحاكم في
مصر تدشين خط قطارات في الصحراء يربط
بين البحر الأحمر والبحر المتوسط كمشروع ملياري عملاق جديد لنقل الركاب والبضائع، ينضم
إلى مشروعات حفر تفريعة قناة السويس، وبناء مدن العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين
الجديدة.
وفاز التحالف المصري الصيني "سامكريت- الهيئة العربية للتصنيع
– ccecc,-
crcc" من بين 9 تحالفات عالمية
بتنفيذ مشروع القطار السريع العين السخنة- العلمين، بطول 543 كيلومترا، وبسرعة 250
كيلومترا بالساعة وبتكلفة تقدر بـ 9 مليارات دولار.
فيما خسر، تحالف "إيفك" و"chinastate وcrec"
من الصين، و"سيمنز الألمانية"، و"سكك حديد فرنسا"، و"أراسكوم"،
و"المقاولون العرب"، الصفقة.
مشروع القطار السريع يمر في الصحراء الشرقية والغربية في مصر، ويربط
بين منطقة "العين السخنة" بالبحر الأحمر (جنوب شرق)، ويمر بـ"العاصمة
الإدارية الجديدة"، ومدينة 6 أكتوبر بالجيزة، وينتهي بمدن "الإسكندرية"،
و"برج العرب"، و"العلمين الجديدة" (شمال غرب) على البحر المتوسط،
في نحو 3 ساعات.
الإعلان عن المشروع أثار تساؤلات الخبراء والمختصين، ومن بينهم الأكاديمي
المصري الدكتور عادل دوبان، الذي تساءل: "هل أظهرت الدراسات أي جدوى
اقتصادية
لإنشاء خط
سكك حديدية جديد بتكلفة باهظة تقدر بـ 9 مليارات دولار، من أجل نقل بعض الركاب
أو السياح من السخنة أو المدينة الجديدة في الجلالة إلى العلمين الجديدة؟".
وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك": "إذا كان الهدف من إنشاء
هذا الخط الذي يمر أغلبه في الصحراء هو نقل البضائع من ميناء السخنة إلى ميناء العلمين،
فهل تقيم مصر بنفسها خطا بديلا يكون منافسا لقناة السويس؟".
وتابع تساؤلاته: "ومن أين للموازنة العامة المرهقة بمصروفات الدولة
والمحملة بأعباء وأقساط الديون وفوائدها، تحمل تكلفة إنشاء خط جديد للسكك الحديدية
يتكلف 9 مليارات دولار، أي 144 مليار جنيه؟".
وتعجب من إنشاء خط سكة حديد بطريقة قطرية عابرة للصحراء الفارغة من
السكان، مع أن خطوط السكك الحديدية في مصر إما خطوط طولية موازية لوادي النيل أو عرضية
تقطع دلتا النيل.
"حماية السيسي نفسه"
وحول الهدف من المشروع، يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبد العزيز،
أن "مشروع قطار (العين السخنة-العلمين) في ظل الاستبداد والفساد السياسي؛ سيكون
حلقة جديدة من حلقات الشو السيساوية قليلة أو عديمة الجدوى، بإهدار 9 مليارات دولار".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الأكاديمي المصري: "تتبع
مشروع تفريعة قناة السويس الذي أهدر عليها الشعب 8 مليارات دولار، وكلها حلقات فاسدة
بما فيها العاصمة الإدارية التي يتم فيها إهدار 45 مليار دولار، من دم الشعب وثرواته".
"الجدوى الاقتصادية"
وحول الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، أشار عبد العزيز، إلى أن الاقتصاد
المصري يعاني "انخفاض مؤشرات النشاط الاقتصادي، وضعف القوة الشرائية للمواطنين،
وانفراد الجيش والمخابرات العامة والأمن الوطني بتنفيذ مشروعات ووساطات توريد للوزارات
وفرض إتاوات على رجال الأعمال".
ولذا جزم الأستاذ المساعد بكلية التجارة بجامعة الأزهر، بأن "الإعلان
عن جدوى لمشروعات هذا النظام؛ ما هو إلا تضليل وخداع لسرقة المزيد من ثروات الشعب المغلوب
على أمره".
من جانبه قال الباحث الاقتصادي المصري محمد عمر، بحديثه لـ"عربي21"،
إن "الجدوى الاقتصادية للمشروع لا يجيب عنها سوى الدولة والأيام".
وتابع رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز "عيون الخليج":
"إن كانت الدولة تعي ما تقوم به وخططت له بحيث يكون نواة اتصال بين القاهرة الكبرى
والمدن الجديدة امتدادا للسخنة للتخديم على تلك المشروعات العمرانية هنالك؛ فستكون
المخاطرة أقل واحتمال ربحيته وسداد ديونه أعلى".
وأضاف: "وإن قامت الدولة بهذا المشروع اجتهادا؛ فالعكس صحيح، وربما
يعرض مصر لصدمات مالية لم تشهدها من قبل".
"عبء على الشعب"
وأعلن الخبير الاقتصادي علي عبد العزيز، عن تعجبه من أنه "في ظل
انخفاض الإنفاق على دعم احتياجات الشعب التعليمية والصحية، وإصرار النظام على ذلك؛ فإنه يهدر عشرات المليارات على مشروع ينافس قناة السويس نفسها".
وتابع: "لا ننسى أن هذه التكلفة عبء جديد على المواطنين بزيادة
الدين الخارجي والذي بلغ 111 مليار دولار، بدون أية رؤية لكيفية السداد أو زيادة مصادر
الدولار بالصادرات أو غيرها".
وحول مدى تحمل ميزانية الدولة هذا المبلغ، قال الباحث محمد عمر:
"لا شك أن ميزانية الدولة لا تتحمل هذا المبلغ، وأنها ستعتمد على قروض ميسرة من
بنوك عالمية لتمويل المشروع"، مشيرا إلى أن "الدين الخارجي لمصر تراجع لأول
مرة بعد ارتفاعه المفجع منذ سنوات خلال 2020، بما يقرب من 104 مليارات دولار".
"تبعات التغول الصيني"
وعن تغول الاستثمارات الصينية في مصر وخطورة ذلك مستقبلا على الاقتصاد
المصري، يعتقد الخبير المصري، أن "تمكين الشركات الصينية جزء من تحالف السيسي،
مع الصين وروسيا لدوافع حماية شخصية له من أية عواقب لجرائمه دوليا".
ولفت عبد العزيز، إلى أن "أي انقلاب عسكري على السيسي، أو ثورة
ضده فسيقف الروس والصينيون معه، كما فعلوا مع السفاح بشار الأسد"، مؤكدا أن
"الاعتبار الأول إذن هو الحماية الشخصية، والمقابل مصالح ونفوذ وأموال للروس والصينيين".
من جانبه يرى عمر، أن "المستفيد الأول من تلك الاستثمارات هو الصين،
حيث إنها تجد أفريقيا سوقا واسعا لمنتجاتها، فضلا عن أنها لا تعتمد على الأيدي العاملة
المصرية في مشاريعها، بل على الأيدي الصينية".
وأكد أن "الأهداف الصينية من وراء استثماراتها، ليست بمصر فحسب
بل بأفريقيا ككل، ستظل هي إيجاد موضع قدم لها وتمركز جيواستراتيجي على حساب الأمريكان".
وأشار إلى أن "الاستثمارات الصينية بمصر بلغت 35 مليون دولار بالربع
الأول من 2020".
"7 مليارات دولار"
وحول حجم الاستثمارات الصينية في مصر، أكد سفير الصين بالقاهرة لياو
لي تشانغ في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2019، أنها بلغت 7 مليارات دولار، من خلال 1560 شركة، وفرت نحو 30 ألف فرصة عمل، مشيرا إلى أن منطقة "تيدا" الصينية بالسويس
خلقت 3500 فرصة عمل بمصر، وتوفر ضرائب تقدر بنحو 58 مليون دولار لمصر.
وأشار السفير الصيني في 18 حزيران/ يونيو 2020، إلى أن المشروعات الكبرى
المنفذة من قبل مستثمري بلاده تشهد تقدما وخاصة بحي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية
الجديدة ومنطقة "تيدا" وخاصة بالمجالات الكهربائية والألياف الزجاجية.