نشرت صحيفة "
إل سالتو دياريو" الإسبانية تقريرا، قالت فيه
إن المنظمات غير الحكومية تواصل التنديد بالفظاعات وجرائم الحرب التي يرتكبها السعوديون
في
اليمن، ولكن على الرغم من وجود أدلة على مساعي الرياض لتدمير الشعب اليمني، فإن
الغرب لا يزال يدعم هذه الحرب.
وتقول الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن منظمة
الأمم المتحدة حذرت مجددا من مغبة ترك الشعب اليمني يواجه مصيره بمفرده، وحثت العالم
على تحمل مسؤوليته الأخلاقية والتدخل قبل تعرض ملايين اليمنيين للموت.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه النداءات يبدو أنها أخيرا وجدت من يستمع إليها
في إسبانيا، بعد أن كان الكثيرون يصمون آذانهم عنها، بسبب المغالطات الإعلامية والتعتيم
على سياسات الحكومة الإسبانية. والآن اكتشف الناس أن تحذيرات الأمم المتحدة ليست خبرا
جديدا، فقد ظلت تصدر لمرات عديدة في ظل تواصل مأساة الشعب اليمني التي يبدو أنها مرشحة
لتتواصل لعدة أسباب.
فالحرب في اليمن لا تظهر أي علامات على قرب وضعها لأوزارها، بما
أن كل الأطراف تواصل أعمال القتال والسعودية لا تزال مصرة على تدمير اليمن عبر إخضاعه
للحصار والقصف والجرائم ضد الإنسانية.
وتضيف الصحيفة أن الأمراض والجوع يتهددان الشعب اليمني خلال السنوات
الأخيرة، وأضيف إليهما انتشار فيروس كورونا الذي زاد الأوضاع تعقيدا. ويعاني اليمن
أكثر من أي بلد آخر من تبعات تغير المناخ، حيث تعرض إلى فيضانات فاقمت الدمار الذي
لحق بالاقتصاد.
وبالتوازي مع هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة، امتنعت الدول الأخرى عن
تمويل برامج الإغاثة الإنسانية، رغم تأكيد منظمة الأمم المتحدة على أن هذه البرامج
كانت لتنقذ حياة ملايين الناس.
وانتقدت الصحيفة الحكومة الإسبانية، على خلفية مواصلتها الدفاع عن قرار
بيع الأسلحة للمملكة
السعودية التي تواصل قتل المدنيين في اليمن، وعدم استعدادها لصرف
يورو واحد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في السنوات الأخيرة.
واعتبرت الصحيفة أن الحكومة الإسبانية السابقة بقيادة رئيس الوزراء
ماريانو راخوي، كانت قد دعمت التدخل العسكري السعودي والإماراتي في اليمن في إطار انسجام
المواقف مع الدول الأوروبية الأخرى، ولكن ما تفعله الحكومة الحالية يبدو أكثر سوءا من
سابقتها.
وتقول الصحيفة: "في وقت تتواصل فيه الفظاعات وجرائم الحرب التي
يرتكبها حلفاؤنا السعوديون، يواصل الغرب ومن بينهم الحكومة الإسبانية دعم هذه الحرب،
وبيع الأسلحة بنفس الحماس لأمراء الحرب، بينما تتم مغالطة الشعب الإسباني برواية أن
قطاع الصناعات العسكرية ملتزم بحماية حقوق الإنسان".
وترى الصحيفة أن وسائل الإعلام الإسبانية مصممة على تجاهل واحدة من
أكبر الأزمات في السنوات الأخيرة، تماما كما فعلت مع الحرب السورية وأزمة اللاجئين.
إذ أن المعلومات التي تصل إلى الرأي العام الإسباني تبقى شحيحة، والصحفيون باستثناء
قلة لا علم لهم بما يحصل في اليمن، ولا يقدرون على إيجاد الخيط الرابط بين ما يحدث
هنالك من جهة، وسياسات الحكومة والملك في إسبانيا، ولذلك فإنهم لا يطالبون الحكومة
بتوفير التمويل اللازم لإنقاذ الشعب اليمني.
واعتبرت الصحيفة أن بيع الأسلحة إلى المملكة السعودية عمل مشين وغير
أخلاقي، يمنح أمراء الحرب القدرة على قتل الأبرياء. ولذلك يمكن الحديث عن تواطؤ إسباني
في هذه
الجرائم، كما أن الفشل في توفير التمويل الإنساني اللازم بالرغم من إدراك أن
كثيرا من الناس سوف يموتون بسبب هذا القرار، هو جريمة أكبر.
وبالتالي يمكن اعتبار الحكومة الإسبانية الحالية تماما مثل سابقتها
مذنبة تجاه اليمن، وحقيقة كون الصحافة غير قادرة على رفع صوتها، تفضح مرة أخرى خرافة
حرية الإعلام الملتزم بفضح تجاوزات السلطة.
وقالت الصحيفة إنه بينما يتسارع عدد الوفيات في اليمن، خاصة في صفوف
المدنيين والأطفال، تحذر منظمة الأمم المتحدة من أن برامج الإغاثة التي تخدم أكثر من
10 ملايين مواطن يمني سيقع إنهاؤها، حيث تعرض 12 برنامجا منها من أصل 38 إلى الغلق أو
الخفض بشكل كبير، وإذا تواصل هذا المسار، فإن عشرين برنامجا آخر يواجه نفس المصير.
وفي أثناء تفاقم هذه الأزمة، تواصل المملكة العربية السعودية ارتكاب
جرائم الحرب وقتل الأطفال بالغارات الجوية. ولذلك يبدو التصريح المنسوب لولي العهد
محمد بن سلمان منطقيا جدا، حيث تشير بعض المصادر إلى أنه قال لضباطه: "نريد أن
نحدث أقوى تأثير ممكن على وعي الأجيال اليمنية. نريد أن يرتعد أطفالهم ونساؤهم وكل
رجل منهم في كل مرة يسمعون فيها اسم المملكة السعودية."
وتقول الصحيفة: "إن السعودية مملكة في غاية الوحشية، وقد كانت
تروج للفكر الجهادي والتطرف لعدة عقود، وهي نفس البلد الذي حصل منه الملك السابق خوان
كارلوس على عمولات ضخمة بعشرات ملايين اليوروهات."
وانتقدت الصحيفة الإعلام الإسباني، لأنه فشل أيضا في الحديث عن قرار
خوان كارلوس باختيار الإمارات العربية المتحدة كمنفى له، رغم كونها بلدا مشاركا في
قصف اليمن، ودعمت المجموعات المتطرفة في هذا البلد من أجل القضاء على الإخوان المسلمين،
وتسببت في نشر فوضى كبيرة في جنوب اليمن الذي يعيش حربا داخلية مصغرة بالتوازي مع قتاله
ضد الحوثيين.