لا شك في أن فيلم "العزيمة" الذي أخرجه كمال سليم يُحيلنا إلى
السينما التي تتوخى الحقيقة، والتي لا تُجّمل ولا تضع المساحيق، سينما تبهرك بالقياس لزمنها الذي أُنتجت به.
لقد حمل هذا الفيلم ملامح تقدمية ثورية على كل المستويات، ولهذا اختير ليكون في قائمة أفضل فيلم في المئة عام الماضية.
مما هو جدير بالذكر أن كمال سليم طرح مفاهيم ثورية، تُبشِّر بمجتمع جديد من جهة، ومن جهة أخرى تُقدِّم نقدا اجتماعيا وسياسيا ذا محتوى فني عالٍ.
عندما نتأمل المستوى
الفني الذي أحرزه المخرج كمال سليم، بدءا من الكاميرا وحركتها، إلى اختيار العدسات الملائمة للمشهد إلى حجم اللقطة، نجد أنه فيلم متقدم بما تحمله الكلمة من معنى.
للمقارنة وشيء من الاستبصار: عندما نغمض أعيننا ونفتحهما، في تأمل لواقع السينما
المصرية والعربية؛ نجد عموما انتشار واسع لأفلام قبيحة، لا تمت للسينما بصلة. إنها
أفلام لا تعكس واقع الناس، ولا تقترب إلا سطحيا لهمومهم وأحلامهم وطموحاتهم.. أفلام لا تغازل في الجمهور إلا السذاجة والضحالة.
طبعا أستطيع أن أتفهم أنه من الطبيعي أن يكون هذا النوع موجودا في كل سينما العالم، لكن لا يجوز أن تصبح الركاكة هي العنوان السائد للحياة السينمائية. كما أنه لا يجوز أن تُصبح هذه الأفلام البوابة الذهبية لتفريخ الكثير من النجوم في كل مجالات التعبير البصري؛ لكي نجد أنفسنا في المطاف الأخير أمام حقيقة مؤلمة تخص الفن السابع وهي:
النجومية أصبحت تُقاس بمعايير لا تمت لمعايير ذات مستوى فني، حتى في حده المتوسط. وبهذا نرى ونشهد حالة تدنٍ وانزواء لسينما الحقيقة، تلك السينما الجديرة بالمناقشة والتمحيص والتأمل؛ الذي من شأنه أن يثير الجدل والسجال ويحرك عقول ومشاعر الناس.
ما حدث ويحدث مع الأسف والحزن، ليس فقط انتشار السينما السطحية؛ بل هناك إقصاء وتهميش وتضييق على إنتاج الأفلام الجيدة ذات المستوى الرفيع؛ والذي يُمكن أن يأخذ مكانة مرموقة في العالم.
ولكن الأمل ما زال ينتظر، معقودا على رجالات السينما الحقيقيين. فنحن الآن في أمسّ الحاجة إلى فن حقيقي يعكس هموم الناس.. فن نفتخر به وتكون له الغلبة.
أعتقد أنه حلم يراودنا جميعا.. حلم يبتعد ولو قليلا عن "إحنا اللي دهنا السما دوكو"، و"دلعني يا زغلول".. أليس كذلك؟!