هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في
الذكرى السنوية لمذبحة رابعة، صّرحت زوجة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي وابنه لموقع
"ميدل إيست آي" البريطاني، بأن "مرسي" كان يعلم بأن الغرب ما
كان ليسمح للإسلاميين بأن يحكموا مصر، لافتين إلى أن الرئيس الراحل كان "يلوذ
بإرادة الشعب، وبتطلعات الجماهير".
وأشارت
أسرة الرئيس المصري الراحل، إلى أنها على قناعة بأن "مرسي" ونجله الأصغر
قضيا قتلا على يد حكومة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، مؤكدين أن حالتي الوفاة
لم تكن طبيعية، مجدّدين دعوتهم لفتح تحقيق شفاف لمعرفة الحقيقة.
وتاليا
نص التقرير الذي ترجمته "عربي21":
علم
محمد مرسي منذ "اليوم الأول" أنه لم يكن ليسمح له بإكمال فترة رئاسته،
وأن ثمن كونه أول رئيس لمصر ينتخب ديمقراطيا قد يكون حياته، كما صرّحت أرملته
وابنه في مقابلة مع موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
وفي
أول مقابلة موسعة لهما، قالت الأرملة نجلاء محمود وابنها أحمد أن مرسي حذّر
العائلة في أثناء سنة رئاسته 2012 – 2013 بأن الغرب لم يكن ليسمح للإسلاميين بحكم
مصر.
وكان
مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، قد فاز بأول انتخابات رئاسية حرة تجري في مصر
عام 2012 بعد الإطاحة بالدكتاتور حسني مبارك قبل عام من ذلك، بعد أن جثم على صدر
مصر لزمن طويل. إلا أن قوى متنفذة داخل مصر وخارجها كانت تخشى من الإخوان المسلمين
ومن الإسلام السياسي.
وفي
مقابلة مع "ميدل إيست آي" عبر الإيميل، قالت نجلاء محمود: "رغم أن
المشروع الإسلامي منفتح ومتحضر وقيم ويؤمن بالتعايش السلمي، كان مرسي يعلم أن
بلدانا في المنطقة ستضع العراقيل في طريقه وتحول دون تقدمه."
وأضافت:
"وأنه قد يقتل من أجل ذلك، وأنه لا مؤسسات مبارك ولا الدولة العميقة وعناصرها
الفاسدة كانت ستقبل به. كان مرسي صادقا، ويؤمن بمشروع إسلامي حر وديمقراطي
ومدني."
ورغم
ذلك، كما تقول السيدة نجلاء محمود، فقد حاول مرسي "أن يلوذ بإرادة الشعب
وبتطلعات الجماهير."
وأضافت:
"أما بالنسبة لي، فلم أكن أتوقع ذلك، ولكني كنت أصدق كل ما يقوله، لأن توقعات
الرئيس كانت دائما في محلها. ولكني كنت مستعدة."
وقال
نجلها أحمد؛ إن العائلة كانت على قناعة بأن الأب وابنه الأصغر قضيا قتلا على يد
حكومة عبدالفتاح السيسي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة مرسي، واستولى
على السلطة في انقلاب عسكري عام 2013 وأضحى الآن رئيسا لمصر.
بعد
الإطاحة به، ألقي القبض على "مرسي" وعلى المئات من أعضاء وزعماء جماعة
الإخوان المسلمين الآخرين. ثم مات "مرسي" بسكتة قلبية أصيب بها في أثناء
إحدى جلسات محاكمته في حزيران/ يونيو 2019. يقول خبراء الأمم المتحدة إن الظروف
التي كان مُحتجزا فيها قد ترقى إلى أن تكون وفاته ناجمة عن عملية قتل ارتكبتها
الدولة بحقه.
وصرح
أحمد لموقع ميدل إيست آي أن والده اشتكى مرارا وتكرارا من الخطر المحدق بحياته في أثناء جلسات المحاكمة، إلا أن أحدا لم يستجب لنداءاته، وظلت حالته الصحية تتدهور.
وكتب
أحمد يقول: "من المؤكد أن وفاته لم تكن طبيعية، وطالبنا بتحقيق للكشف عن ذلك،
ومازلنا نؤكد أن الوضع بحاجة إلى شفافية ومعرفة الحقيقة."
"الأب والابن"
كان
عبدالله، شقيق أحمد الأصغر، ينظم حملة من أجل فتح تحقيق دولي في وفاة والده قبل أن
يلفظ أنفاسه هو الآخر في ظروف غامضة.
وقال
أحمد إن شقيقه الذي كان في الخامسة والعشرين من عمره، لم يكن لديه طبيّا ما يشكو منه
قبل وفاته، التي عزتها السلطات إلى سكتة قلبية.
وتابع:
"لم يكن يعاني من أي مرض مزمن. لا نعرف السبب الحقيقي لوفاة عبدالله، ولكن ما
نعرفه هو أن وفاته كانت في ظروف غامضة، فقد توفي خارج المنزل بعد أن انتهى من
الصلاة وكان داخل سيارته، فنقل إلى مستشفى بعيد عن المكان."
وأكد
أحمد وجود شخصين غريبين في المكان الذي انهار فيه عبدالله.
وأضاف:
"كان يوجد في مكان الحادث رجل وامرأة لم يكن عبدالله يعرفهما، نقلاه إلى
المستشفى في حالة مثيرة وغامضة، مما يثير مزيدا من الشكوك، وهو أمر تؤكده حتى
السلطات الأمنية. وفاة عبدالله لم تكن طبيعية، وهي الأخرى بحاجة إلى فتح تحقيق
فيها."
ويقول
يحيى حامد، الذي كان وزيرا في حكومة مرسي ويعيش الآن في المنفى، إنه كان على صلة
وثيقة بعبدالله قبل وفاته.
وتعليقا
على تقرير خبراء الأمم المتحدة على وفاة مرسي، صرّح يحيى حامد بما يلي: "توفي
عبدالله بعد وقت قصير من إدلائه بمعلومات مهمة للأمم المتحدة حول وفاة
والده."
وأضاف:
"كنت على اتصال وثيق مع عبدالله مرسي، ولديّ قناعة بأن عمله الشجاع جدا مع
الأمم المتحدة هو الذي أدى إلى موته."
وفرضت
عدّة قيود على دفن الوالد والولد، وحُظرت إجراءات الجنازة، وتمت عملية دفن مرسي
ونجله في أثناء الليل.
يقول
أحمد: "منعوا الصلاة في المسجد، وفي مخالفة صريحة لرغبات الرئيس {مرسي} لم
يسمحوا بدفنه في مسقط رأسه، والأمر نفسه حصل مع عبدالله."
وألقي
القبض على شقيق أحمد الأكبر، أسامة، في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2016 بتهمة
التخطيط لتنظيم مظاهرات، فيما وصف فريق الدفاع عن عائلته بأنها تهم ملفقة. وقال
أحمد إن السبب الوحيد من وراء اعتقاله هو كون أسامة نجل الرئيس ومحاميه.
لا
أحمد ولا بقية أفراد عائلة مرسي تمكنوا من زيارته، ومازالت الزيارة محظورة منذ
سنين، بينما يحتجز في ظروف قاسية جدا، كما يقول أحمد.
وقال
الفريق القانوني الذي يمثل عائلة "مرسي" إن أسامة يواجه خطر التعرض
للقتل بالسم داخل السجن.
وتقول
منظمة العدالة الدولية غيرنيكا 37 إن أسامة يواجه "خطرا حقيقيا بأن يتعرض
للقتل بالسم داخل السجن"، مضيفه أنه "يتعرض حاليا لنفس الأخطار على
حياته، كتلك التي تعرض لها الراحل والده".
ويوم الخميس، عشية الذكرى
السنوية السابعة لمذبحة رابعة، عندما قتلت قوات الأمن المصرية ما لا يقل عن 1150
متظاهرا ضد الانقلاب، تسربت من السجن أنباء عن وفاة قيادي آخر في جماعة الإخوان
المسلمين.
فقد
توفي عصام العريان، أحد كبار القادة في جماعة الإخوان المسلمين وعضو البرلمان
السابق، في داخل مجمع سجن طرة بالقاهرة. وكان العريان مُحتجزا منذ سبعة أعوام في
حبس انفرادي داخل سجن العقرب سيئ الصيت، وتحت حراسة مشددة.
وكان
العريان حسبما هو موثق في شهادته المصورة داخل قاعة المحكمة، قد أخبر القاضي في كانون
الثاني/ يناير 2018 أنه أصيب داخل المعتقل بمرض التهاب الكبد سي، وأن طلباته
المتكررة بأن يُنقل للعلاج في مستشفى تخصص قد رفضت.
"مطهر
اجتماعي"
تعيش
عائلة مرسي فيما يشبه المطهر الاجتماعي، ويقول أحمد إن العائلة تعاقب لمجرد أنها
على علاقة قرابة بالرئيس المخلوع.
ويقول:
"كل شيء محظور على العائلة، بما في ذلك السفر. ونحن موضوعون على قائمة الحظر
لمجرد أننا أبناء مرسي، مع أننا لم نشارك في أي نشاط سياسي أو اقتصادي وليس لدينا
أي نشاط حزبي ولم تكن لدينا أي وظائف داخل البلد، إلا أن السلطات تنتقم منا لأننا
أبناء أول رئيس مدني منتخب، ونعاقب لأننا أبناء مرسي، وهو شرف نعتز به".
وتقول
نجلاء محمود، التي رفضت حمل لقب سيدة مصر الأولى، إنهم كانوا يعيشون حياة بسيطة في
شقة مستأجرة في المجمع الخامس في القاهرة عندما كان زوجها رئيسا.
وأضافت:
"رفض الرئيس كل الامتيازات الرئاسية، حيث كان يريد لنا أن نعيش في مستوى
مواطنينا نفسه. كنا نشاهد البعض يتآمر عليه، وشهدنا الأكاذيب وحملات التشهير في وسائل
الإعلام. ومع ذلك ثبتت نزاهة الرئيس أمام كل العالم بالرغم من كل الافتراءات. لقد
عشنا حياة بسيطة في منأى عن الإعلام أو بهرجة الاحتفالات الفاخرة. لم يكن الرئيس
يرغب في أن نظهر في الصورة معه، حيث كان يسعى لترسيخ صورة الرئيس الذي يعمل موظفا
لدى الشعب."
يتناقض
تواضع مرسي وتكريس ذاته للخدمة العامة مع ما نعرفه عن سلوك السيسي وزوجته وأفراد
عائلته.
بينما
دارت اشتباكات مميتة حول قصر الرئاسة في الاتحادية بين معارضي مرسي ومؤيديه في كانون
الأول/ ديسمبر 2012، كان السيسي وعائلته يتجولون داخل قصرهم المشيد حديثا بعدة
ملايين من الدولارات في منطقة الحلمية داخل القاهرة، بحسب ما ورد في تصريح لمحمد
علي المقاول المليونير الذي تحوّل إلى واشٍ.
وكان
محمد علي قد قال في مقابلة سابقة مع "ميدل إيست آي": "كان الناس في
الاتحادية يموتون، ولم يكن الناس يجدون الوقود أو الطعام، ومع ذلك استمر
التجوال".
وعندما
أصبح السيسي وزيرا للدفاع، رفضت زوجته، انتصار، العيش في البيت نفسه الذي كان يعيش
فيه ذات مرة المشير عبدالحكيم عامر الذي قاد الجيش المصري في أثناء حرب عام 1967 في
الشرق الأوسط.
وقال
محمد علي في مقابلة أجريت معه في شهر تشرين الأول/ أكتوبر: "حينها أمر السيسي
بهدم المنزل وبناء بيت جديد في مكانه". وكان السيسي يأتي كل بضعة أيام لتفقد
البيت، بما في ذلك تلك الجولة في كانون الأول/ ديسمبر 2012 عندما اندلعت
الاشتباكات حول الاتحادية.
وأضاف
محمد علي: "أدركت مدى تفاهته، فقد كانت البلاد مشتعلة ويقتل الناس بعضهم بعضا
في الشوارع، ولم يشغل باله سوى البيت وما يتعلق به من تفاصيل مثل حمام السباحة
والغرف، وتصميم غرفة النوم الرئيسية، وغرف نوم الأطفال".
كان
محمد مرسي مدركا جيدا للخطر المحدق به من قبل وزير دفاعه والخصوم، "ولكنه لم
يكن يفكر في ذاته حتى عندما ألقي القبض عليه في أثناء ثورة الخامس والعشرين من
يناير."
وقالت
نجلاء محمود: "كان صامدا وقويا، يعرف أن طريق النضال يتطلب تضحيات كبيرة، لا
حياة الترف وامتيازات المناصب الحكومية. كان عازما على إصلاح الأوضاع في وطنه الذي
كان يئن تحت هيمنة الفساد والدكتاتورية."
قبل
شهر من مذبحة رابعة، حذّر مرسي مصر من أنه قد يموت في سبيل حماية ثورة 2011، حيث
قال في خطاب ألقاه عشية الانقلاب: "حياتي ثمن لحماية الشرعية. إذا كان دمي
ثمنا للحفاظ على الشرعية، فأنا على استعداد لذلك، في سبيل استقرار هذا
الوطن".