هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فيما ينشغل الجزء الأكبر من
الإعلام العربي بإدانة وتشويه الخطوة التركية التاريخية بتحويل متحف آيا صوفيا إلى
مسجد، تجري تحضيراتٌ سياسية داخل الكيان الصهيوني لضم أجزاء من الضفة الغربية إلى
الاحتلال، وذلك في إطار ما يسمى "صفقة القرن" التي تسعى إلى تحقيق فكّ
الارتباط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، ما يحفظ
لإسرائيل التفوُّق والسيطرة على الفلسطينيين مستقبلا.
ومع أن ضم أجزاء من الضفة لا يغيّر كثيرا في
حقيقة الوضع القائم في كل الأراضي الفلسطينية الموجودة أصلا تحت الاحتلال والسيادة
الصهيونية عدا قطاع غزة الذي يعدُّ أشبه بمحتشد كبير ذاتيِّ التسيير، فإنّ هذا
التمادي الصهيوني والأمريكي يعبِّر عن حالة غير مسبوقة في الجسم العربي، انتقلت من
حالة الانقسام والوهن العام والتآمر السري مع الصهاينة إلى التنسيق العلني معهم
وتنفيذ سياستهم جهارا نهارا والانبطاح الكلي للإرادة الأمريكية ومشروعها القاضي
بإعادة صياغة المنطقة بما يوفر الحماية لإسرائيل ويعزز جبروتها.
ومن الواضح أن هذا المسعى يتم تنفيذه عبر عدة
جبهات؛ ففي سوريا أقرَّت الإدارة الأمريكية "قانون قيصر" الذي يمنع
إعادة الإعمار ويعاقب كل كيان اقتصادي يتعامل معها، وفي لبنان يتم تجويع الشعب
اللبناني وابتزازه للتخلي عن حزب الله ونزع سلاحه وتحييده في أي مواجهة مع
إسرائيل، وفي غزة تجرى العديد من المحاولات التي تحمل الجزرة في يد والعصا في اليد
الأخرى لأجل خنق المقاومة، وآخرها محاولة شراء سلاح حركة حماس بمشاريع تنموية
قيمتها 15 مليار دولار.
أما الجبهة الأخطر التي يتم التركيز عليها فهي
جبهة مصر باعتبارها بلدا عربيا محوريا يجري تكسيره على محورين، أولهما استهداف
الأمن الغذائي بتجفيف منابع النيل، وثانيهما استدراج الجيش المصري إلى حرب مدمِّرة
في ليبيا طرفها الآخر تركيا.
هذا كله يجري بتواطؤ عربي مفضوح انخرطت فيها
دولٌ كبيرة في المنطقة وسخَّرت إمكاناتها المالية وإعلامها لتنفيذ الخطة الأمريكية
وشيْطنة كل من يرفض هذا التوجُّه من أحزاب وجماعات ودول، وانبرى لذلك شيوخ البلاط
لإضفاء الشرعية الدينية على هذا التوجُّه الخياني وبات الرئيس "دونالد ترامب"
يقود الإنسانية إلى مرافئ السلام!
(الشروق الجزائرية)