هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تفجرت الخلافات بين فصائل جهادية في مدينة إدلب وأريافها الغربية، وسجلت هذه المناطق اشتباكات عنيفة بين "هيئة تحرير الشام" من جانب، وفصائل جهادية منضوية في غرفة عمليات "فاثبتوا".
يأتي ذلك على خلفية حملة اعتقالات "تحرير الشام" للمنشقين عنها مؤخرا، وفي مقدمتهم أبو مالك التلي، مسؤول اللجنة العسكرية في غرفة عمليات "فاثبتوا" المشكلة حديثا، وسط اتهامات له بإضعاف الصف.
وأفادت مصادر محلية لـ"عربي21"، باندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مساء الثلاثاء امتدت إلى صباح الأربعاء، إثر شن فصائل "فاثبتوا" هجوما على السجن المركزي في إدلب، الذي تسيطر عليه "تحرير الشام"، مشيرة إلى فشل جهود التهدئة.
وأوضحت المصادر أن التوتر بين "تحرير الشام" و غرفة "فاثبتوا"، تفجر إثر اعتقال التلي، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات التي انشقت عن "تحرير الشام"، ومن المحسوبين على التيار المتشدد داخلها.
وكان التلي، وبعد أيام من انشقاقه، قد اندمج مع فصائل في غرفة عمليات "فاثبتوا"، وهي "تنسيقية الجهاد"، بقيادة القيادي أبو العبد أشداء، و"لواء المقاتلين الأنصار"، و"جماعة أنصار الدين"، و"جماعة أنصار الإسلام"، و"تنظيم حراس الدين".
اتهامات متبادلة
وبعد اعتقال التلي، طالبت غرفة عمليات "فاثبتوا" "تحرير الشام" بإطلاق سراحه، وحملت في بيان ما وصفته بـ"الطرف المعتدي" نتائج عدم الاستجابة.
وأضافت، أن "الغرفة فوجئت منذ تشكيلها باستفزازات متكررة من جانب "تحرير الشام"، والأمر يثير التساؤل حول دوافع هذه الاعتقالات خاصة في مثل هذه الأوقات التي تشهد تطبيقا كاملا لبنود مخرجات أستانا".
من جانبها، ردت "تحرير الشام" على لسان مسؤول العلاقات الإعلامية فيها، تقي الدين عمر، باتهام "حراس الدين وأنصار الدين اليوم بنشر عناصرهم في بعض المناطق وقطع الطرقات، ونصب الحواجز وتعدى ذلك التدقيق على المجاهدين وتفتيشهم".
اقرأ أيضا: "تحرير الشام" تعيد ترتيب تنظيمها العسكري بإدلب.. لماذا الآن؟
وأضاف في تصريح وصل لـ"عربي21": "لقد باتت الحقيقة تتكشف للجميع، بأن قرارا اتُّخذ عند هؤلاء بكسر حالة الانسجام وتوحيد القرار العسكري لدى الفصائل العاملة على أرض المحرر، وأن الأمر لا علاقة له بملف أبي مالك التلي أو أبي صلاح الأوزبكي، وإنما اتخذوهما شماعة".
وتابع تقي الدين بأن تصرفات تلك المجموعات لا تخرج عن أمرين، إما أنهم يوكلون قرارهم لقيادة متهورة وليست أهلا لتحمل المسؤولية، أو أن تلك التصرفات عن سابق قرار وتقصد، مما يثير الشكوك حول نواياهم، وعلى العقلاء في تلك المجموعات، خفت أصوات النشاز التي تدعو إلى التفرقة واتخاذ القرارات المتهورة، والسماع إلى صوت العقل والحكمة، والجلوس مع إخوانهم لفض الخلافات ومناقشة الأمور العالقة".
تناطح بين التيارات
وحسب الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، فإن القتال والتوتر بين الفصائل الجهادية، مرده إلى التناطح بين تيارات متشددة بداخلها، وأخرى أقرب إلى الاعتدال.
وأضاف لـ"عربي21"، أن "تحرير الشام" بقيادتها الحالية تمثل الطرف الأكثر اعتدالا، معتبرا أن "مهمة تحرير الشام بالحد من قدرات التيار الجهادي المتشدد، ليست بالمهمة السهلة، وخصوصا أن المواجهة ستؤدي إلى انشقاقات داخل "تحرير الشام"، وخصوصا لدى أنصار التيار السلفي".
الباحث بشؤون الجماعات الجهادية، خليل المقداد، قال إن دخول "تحرير الشام" على خط التفاهمات الإقليمية والدولية، وقبولها باتفاقات "خفض التصعيد" وما أعقبها من تفاهمات "تركية- روسية"، أدى إلى زيادة الانقسام بين أوساط الفصائل الجهادية.
حتمية الصدام
وأضاف لـ"عربي21"، وسط هذا المشهد يبدو أن هذا الصدام بين الفصائل حتمي، وقد يكون تأخر قليلا، وقال: "ما يبدو واضحا أن تحرير الشام، باتت منخرطة ومنسجمة مع التفاهمات التركية/الروسية، وهو ما دفع بالتيار الآخر إلى التكتل والرفض".
وتابع المقداد، أن "تحرير الشام، لن تسمح بحدوث انشقاقات أكثر، ولذلك بدأت بحملة اعتقالات ما تسبب أخيرا باندلاع مواجهة".
وما هو واضح للمقداد، أن "تحرير الشام" لن تقف حتى تقلم أظافر فصائل "فاثبتوا" لتتجنب أي تعطيل محتمل منها للاتفاقات الدولية والإقليمية حول إدلب.
واستدرك: "غير أن فصائل فاثبتوا، لن تُسلم بسهولة، ولديها من الإمكانيات – على قلتها- ما يمكنها من الدفاع عن نفسها، وهذا الوضع إن استمر على ما هو عليه، فإن الفاتورة ستكون كبيرة وعالية".
وأردف المقداد، بأن الساحة مرشحة لمزيد من التصعيد بين التيارات الجهادية، وخصوصا أنه من غير المستبعد أن نشهد انشقاقات جديدة داخل "تحرير الشام".