في
الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرئيس محمد
مرسي (شهيد الظلم)، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ
مصر،
نستذكر شهادات بحقه ليست مدحا تناقله محبوه ولا نقدا تطاولت به ألسنة خصومه، وإنما كلمات مختارة في مجالات عدة، ومن شخصيات مختلفة قيلت بحق ذلك الرجل الذي ظُلم حيا وميتا.
وعليه نرى كيف كان
حريصا على عدم سفك دماء المصريين أو الانتقاص من الشرعية المستمدة من ثورة يناير، حتى لو كان ثمن ذلك كرسيه وحياته. ونستشهد على ذلك بتصريح ضابط مصري نقلته وكالة أسوشيتد برس وقال فيه: مرسي قيّد يد الجيش الراغب في الانتقام عندما اندلعت أعمال مسلحة ضد الجيش في سيناء، قائلا للسيسي: "لا أريد أن يريق المسلمون دماء بعضهم بعضا".
فمن حقنه لدماء المصريين إلى الهلع الذي فرضه حضوره بين صفوف قادة دولة الاحتلال وأصدقائهم، وكلامهم خير شاهد على ذلك "والفضل ما شهدت به الأعداء". فهذا الوزير يوسيه بيلين يقول: "لا أحد في إسرائيل يذرف دمعة على محمد مرسي، فأنا أفضل دكتاتورية السيسي على حكمه الديمقراطي".
أما البروفيسور آرييه إلداد، الجنرال في جيش الاحتلال، فقال كما نقل صالح النعامي: "اندلاع ثورة يناير تزامن مع تقديرات أوساط الأمن الإسرائيلي بأن الرئيس المنتخب محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين، كان ينوي إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، وإرسال المزيد من القوات العسكرية المصرية إلى شبه جزيرة سيناء".
وإن تركت مسألة السياسة الخارجية والعلاقات الدولية جانبا وذهبت إلى حقل ألغام قادة الفكر والسياسة من الإسلاميين، في ما يرتبط تحديدا بالفن والإعلام، تجد في لقاء الرئيس مرسي بالفنانين الجواب؛ فهذا هو المطرب محمد منير يصف اللقاء مع الرئيس الراحل مرسي بحسن النية، وأن الرئيس مد يده للفن لذلك على الفنانين أن يمدوا أيديهم أيضا، حتى يكون لهم دور إيجابي في نهضة مصر، بينما كان رد الفنان عادل إمام عن سؤال مذيع له حول اللقاء لافتا، حين قال إن الرئيس مرسي تكلم بطريقة تدل على ثقافة عالية واحترام كبير لحرية التعبير، واستشهد بأفلام أمريكية تعتبر تأريخا للسينما وتدل على أنّه متابع ويعرف ما معنى الثقافة وما معنى السينما.
عادل إمام ذاته الذي دعا بعد إعلان فوز محمد مرسي إلى احترام الشرعية لأنها واجب وطني، "فنحن نقبل بنتيجة الصندوق وسنساعد مرسي كما هو مطلوب منه أن يساعدنا، على أن تكون هناك دائما معارضة كبيرة وقوية تدفعنا بشكل دائم إلى المسار الصحيح".. هكذا صرّح.
ونذكر في 27 آب/ أغسطس 2012 حين نشرت قناة DW الألمانية أول قرار لمرسي حول تشكيل فريقه قائلة: عين الرئيس المصري محمد مرسي مفكرا مسيحيا وأستاذة جامعية وقياديا سلفيا في فريق مساعديه، سعيا على ما يبدو إلى الانفتاح على خصومه الذين يتهمون جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها بالرغبة في الهيمنة على البلاد.
ولكن هذا لم يشفع لمرسي عند تلك القناة التي كانت أحد أذرع الهجوم عليه بشكل مبالغ به خلال مدة رئاسته، وحتى سجنه لم يشفع له في ترك الانتقاص منه أو تنحية الأحقاد عليه جانبا، حالها حال كثير من وسائل الإعلام فضلا عن قادة دول وحكومات عربية وغربية.
وعند إعلان وفاته، تناقل الناس رسائل التعزية به من رئيس تركيا وأمير قطر ورئيس وزراء المغرب السابق بنكيران، ولكن الملكة الأردنية السابقة نور الحسين فاجأت الجميع بنعيها له حين كتبت: "ارقد بسلام.. الرئيس الأول والوحيد المنتخب ديمقراطيا #مصر #مرسي".
نعم لقد كانت "وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي في الظروف المأساوية التي رأيناها هي شهادة إلى الأبد على صلابة الرجل، على شجاعته، على إنسانيته، على تمسكه لآخر نفس بقيمه وبمواقفه"، كما قال
الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي.
رحل الرئيس مرسي وبقيت مواقفه خالده
وصموده داخل محبسه مدرسة لكل من بعده، في الثبات على الموقف والشجاعة في الحق وعدم الرضوخ للباطل مهما علا صوته وسوطه، وعند الله تجتمع الخصوم.