المشهد الأول
هل تذكرون ألكسندر فوتشيتش، رئيس صربيا الذي انبهرتم بقوله بعد عدم حصوله على مساعدات أوروبية لمواجهة فيروس كورونا: "إن التعاون الأوروبي خرافة والتضامن الدولي معدوم"؟
هل تتذكرون أن
الإمارات كانت من أوائل الدول التي
أرسلت مساعدات إلى صربيا التي قتلت وذبحت مسلمي البوسنة، ثم بعد ثلاثة شهور من انتشار كورونا قدمت مساعدات غير صالحة للبوسنة.
المشهد الثاني
بعد هروب محمد دحلان من غزة، أججت وساطته العلاقة الحميمة بين صربيا والإمارات منذ عام 2012.
وصلت ذروة هذه العلاقة إلى تقديم قرض إماراتي بمليار دولار واستثمارات بمئات الملايين من الدولارات إلى صربيا، وكوفئ دحلان على هذه السمسرة بمنحه وعائلته الجنسية الصربية.
المشهد الثالث
وسط احتفالات أهالي "عين زارة" جنوب طرابلس بتحريرها من المنشق حفتر قبل أسبوعين، كان المحتفلون يرفعون
دمية دب أبيض كبير حرروه أيضا من قذيفة هاون في نفس حجمه من عيار 120 مليمتر، كانت ملصقة على ظهره بشريط لاصق، ودسه أتباع حفتر تحت مائدة طعام في أحد البيوت لاستهداف سكانه، مع أن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام هذه الطرق الدنيئة التي تودي بحياة المدنيين.
المشهد الرابع
نقترب من تلك القذيفة التي أثقلت كاهل الدب المسكين وجمعت بين أبو ظبي وبلغراد تحت مائدة واحدة في بيت ليبي من بيوت عين زارة.
فقد أظهرت صور الدب والقذيفة التي نشرها موقع مختص بالبحث عن الأسلحة لدى الجماعات غير الحكومية، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اسمه "CALIBRE OBSCURA" بالإضافة إلى شهود عيان وتحليل الصور والرقم المسلسل على القذيفة؛ أنها من طراز "HE M62P10 - 1/2019" الذي ينتجه مصنع كروشيك الحكومي في مدينة فالييفو الصربية.
لدى صربيا في
ليبيا زبونان، الأول مباشر، وهو المنشق حفتر، إذ يواصل نهج الدكتاتور معمر القذافي الذي دأب على شراء السلاح اليوغوسلافي، مع الفارق أن صربيا التي كانت جزءا من يوغوسلافيا تنتهج حاليا أسلوبا آخر لإنعاش صناعتها وتجارتها من الأسلحة والذخيرة، إذ يتم جزء منها عن طريق شركات خاصة.
وزارة التجارة الصربية التي لم تعلق على اتهام بعض وسائل الإعلام باختراق صربيا حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، صرحت بداية هذا العام أن 329 شركة حصلت على ترخيص لتصدير السلاح في عام 2019.
وقد كشف موقع "BIRN" للتحقيقات الصحفية في البلقان أن سلوبودان تيشيتش، من أشهر تجار السلاح في صربيا، اتفق عام 2013 في مبنى وزارة الدفاع ببلغراد مع وفد من حفتر على عقد صفقة بقيمة 150 مليون دولار.
في العام التالي أبلغت صربيا لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بشأن ليبيا أنها أوقفت شحنات الأسلحة إلى ليبيا في حزيران/ يونيو 2014 ، ثم أدرجت أمريكا سلوبودان تيشيتش على اللائحة السوداء.
الزبون الثاني غير المباشر هو الإمارات، وقد ذكر تقرير خبراء الأمم المتحدة أواخر العام الماضي أن الإمارات واحدة من أكبر منتهكي الحظر المفروض منذ عام 2011؛ على تصدير الأسلحة إلى ليبيا.
وحسب وسائل إعلام صربية، فإن بلغراد في عام 2017 باعت 36 في المئة من أسلحتها إلى الإمارات والسعودية، وأن أكبر مستورد للأسلحة الصربية في 2019 الإمارات وأمريكا (لاستخدامها في أفغانستان) والسعودية وقبرص.
المشهد الأخير
الدب دليل على جريمة أخرى، إذ حذرت منظمة العفو الدولية قبل أسبوعين من "احتمال ارتكاب
جرائم حرب وانتهاكات أخرى في الفترة من 13 نيسان/ أبريل إلى 1 حزيران/ يونيو أثناء تصاعد القتال بالقرب من طرابلس، بما في ذلك النهب والهجمات العشوائية وزرع الألغام الأرضية المضادة للأفراد في المباني المدنية".
ووفق عدة مصادر، فإن الدمى
والمنازل المفخخة في المناطق المحررة من المليشيا التابعة لحفتر هي حيلة
من صنع عناصر شركة فاغنر الروسية. ورغم نفي موسكو علاقتها بهذه الشركة، فإن فاغنر تضم إلى جانب الروس عناصر من بيلاروسيا وأوكرانيا ومولدوفا.
في عام 2016 كشف تحقيق لصحيفة فونتانكا الروسية المستقلة أن فاغنر تضم عناصر من الصرب وصرب البوسنة، وهناك تقديرات تشير إلى أن عددهم يزيد عن مئة.
وحسب إذاعة أوروبا الحرة، فإن المحكمة العليا في بلغراد أصدرت عام 2018 قرارات إدانة بحق 28 من الصرب الذين حاربوا في سوريا وأوكرانيا.
قد لا يكون ما سبق سرا، لكن شاء القدر أن يلخص دب أصم استعانة الإمارات العربية المسلمة بالصرب والروس الأرثوذكس لارتكاب جريمة تاريخية بحق الشعب الليبي العربي المسلم.