هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورميكي" الإيطالية تقريرا، سلطت فيه الضوء على أهمية سيطرة قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق على قاعدة الوطية في مستقبل الصراع، وآثارها الإستراتيجية والمعنوية على حفتر وقواته ورعاته.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن سقوط أكبر قاعدة عسكرية يستخدمها حفتر في إقليم طرابلس يفتح المجال أمام حكومة الوفاق وتركيا لاستخدامها كنقطة رئيسية للهجوم المضاد.
وأشارت المجلة إلى أن قاعدة الوطية كانت منذ الرابع من نيسان/ أبريل من السنة الماضية، نقطة الدعم الرئيسية للهجوم على العاصمة الذي أراد بواسطته حفتر الاستيلاء على البلاد، بيد أن هذه الحملة العسكرية تمر الآن بأزمة، بعد أن فقد قائد "مليشيا برقة" في الشهر الماضي سيطرته على الجزء الغربي بأكمله حول طرابلس.
وأضافت: "تراجع أيضا إلى الجنوب والشرق أين تقع قاعدة الوطية ومدينة ترهونة، وبينما سقطت الأولى بعد حصار طويل، لا تزال الثانية محاصرة بعد أن طلب القادة السياسيون في مصراتة التفاوض مع القبائل المحلية لرغبتهم في عدم اقتحامها وتجنب حمام دم".
اقرأ أيضا: الوفاق تسيطر على بلدتين قرب حدود تونس وغارات جنوب سرت
ولفتت المجلة إلى أن وسائل إعلامية ليبية تتحدث عن مفاوضات مع قوات الزنتان والرجبان، وتعد الزنتان مدينة خاصة، مستقلة عن حكومة طرابلس، ولا تعترف بالكيانات السياسية حتى المرتبطة بحفتر، إلا أن بعض المليشيات المحلية دخلت الصراع بتوزيع نفسها على الجبهتين.
ونقلت المجلة عن مصادر ليبية تأكيدها على أن حفتر تلقى ضربة قوية بخسارة القاعدة، ويمكن أن يكلفه ذلك الهجوم بأكمله، وبعد أن أصبح معزولا بمئات الأميال تقريبا عن بنغازي، يواجه حفتر صعوبة في إدارة المساعدات من الرعاة الخارجيين، خاصة الإمارات ومصر وروسيا. والسبب وراء عدم تدفق الإمدادات التي وصلت إلى بنغازي في الأسابيع الماضية نحو طرابلس، ويعود ذلك إلى أن قوات الوفاق نجحت في تحقيق تفوق فني بفضل الطائرات التركية دون طيار التي تستهدف كل خطوط الإمداد بشكل مستمر.
وذكرت المجلة أنه يوم الأحد 17 أيار/ مايو، نُشرت عدة صور لهجمات جوية نُفذت ضد نظامين دفاعيين روسيين "بانتسير"، تمكنت الإمارات من نقلهما إلى إقليم طرابلس للدفاع عن قوات حفتر.
وكان يُعول عليهما من الناحية النظرية لاستعادة التوازن في الجو؛ لأن الأتراك لم يهاجموا فحسب، وإنما يمتلكون أيضا وحدات دفاع جوي فعّالة للغاية منعت الطائرات دون طيار التي تستخدمها الإمارات من التغطية على التقدم نحو طرابلس كما حدث في الأشهر الأولى من الحرب. ومن الناحية العملية، دُمر البانتسير الروسي حتى قبل أن يبدأ العمل به بسبب الغارات التركية.
وأوضحت المجلة أن هذا الجانب يضيف المزيد من التعقيد الجيوسياسي، بعد أن أعادت تركيا مؤخرا دخول مسار أطلسي للغاية معاد لروسيا، وتم تأكيد ذلك في مكالمتين حديثتين جدا، وقبل ثلاثة أيام، أجرى أمين عام حلف الشمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ محادثة مع الرئيس أردوغان، أكد فيها مركزية دور أنقرة في الحلف، في إطار المساعدة التي قدمتها تركيا لأعضاء الناتو في إدارة وباء كوفيد19، وطرح فرضية دعم الحلفاء لتكوين قوات دفاع عن العاصمة طرابلس.
وجمعت المكالمة الثانية بين ستولتنبرغ ورئيس الحكومة الليبي، فايز السراج، وذكرت بعض المصادر لمجلة فورميكي أن المكالمة كانت بتسهيل من أردوغان، وكان مضمونها "التعاون والتنسيق بين الناتو وليبيا" والمخاوف بشأن الوجود الروسي خلف حفتر.
اقرأ أيضا: "بانتسير" بحوزة الجيش الليبي بعد السيطرة على الوطية (شاهد)
وتشير المصادر الحكومية ذاتها في طرابلس إلى أنه في هذه المرحلة "سيستمر التقدم"، وأنه في الأيام القليلة القادمة ستكون هناك "تطورات على الجبهة الجنوبية". و"لن يتوقف بركان الغضب".
وبدوره، أوضح السراج في بيان صحفي أن "الأمر لا يتعلق بنهاية المعركة"، بل بلحظة مهمة نحو "يوم النصر الكبير"، أي "السيطرة على جميع مدن ليبيا، وهزيمة الاستبداد الذي يهدد أمل الليبيين في بناء دولة".
وأكدت المجلة أن أهمية الدور التركي "تظهر من خلال عشرات الغارات التي مهدت الطريق لقوات مصراتة وزوارة والزاوية. علاوة على ذلك، ولفهم كيفية تحرك الصراع من الجبهة الضيقة حول طرابلس إلى إسقاط أوسع بكثير، ينبغي التفكير فقط في استهداف إحدى منظومات البانتسير في سرت، على بعد مئات الكيلومترات شرقا.
في الختام، بينت المجلة أن إمكانية تحويل تركيا لقاعدة الوطية إلى موقع استراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، التي يمكن من خلالها السيطرة على المصالح التي أبدتها قبالة السواحل الليبية وحقول الآبار الواقعة جنوبا، تعد جانبا أساسيا للتوازنات المستقبلية للنزاع.
وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التدخل من قبل منافسي تركيا، وعلى رأسهم الإمارات. وأيضا فرنسا، التي لطالما كان لها مساندة غامضة لحفتر، ودخلت علاقاتها مع تركيا مرحلة عدائية إلى حد ما.
وفي المقابل، كشف الكرملين أن فلاديمير بوتين وأردوغان أعربا في مكالمة هاتفية عن قلقهما بشأن القتال المتزايد في ليبيا.