تتجه حكومة الاحتلال
الافتراضية (الطوارئ) لاختبار مبكر في حال نجت من شبح الانتخابات الرابعة، حيث
ستقرر ما إذا كانت "ستطبّق السيادة" على أجزاء من الضفة الغربية ضمن
رزمة الجوائز التي منحتها صفقة ترامب للكيان على حساب
الفلسطينيين.
ووفقا لاتفاق حكومة الطوارئ 20 نيسان/ أبريل،
سيُسمح لنتنياهو بطرح هذه القضية للتصويت أمام مجلس الوزراء أو حتى الكنيست
(البرلمان) اعتبارا من الأول من تموز/ يوليو، شريطة استيفاء حكمين مسبقا: الحصول
على "موافقة تامة" من الولايات المتحدة، وإجراء "استشارات"
على الصعيد الدولي.
وبناء عليه، ينتظر الفلسطينيون تحديا كبيرا
يتمثل في هجوم
إسرائيلي واسع على غرار عدوان حزيران/ يونيو 1967، تم إقرار خطته في
الاتفاق بين حزب "الليكود" بزعامة رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو وتحالف
"أزرق أبيض" بزعامة بني غانتس، الذي تطرق للشأن السياسي الوحيد الذي ورد
في الاتفاقية، هو فرض ما يسمّى "السيادة الإسرائيلية" على
المستوطنات
ومناطق شاسعة في الضفة.
وقد تمنح جائحة كرورنا الاحتلال أفضلية لتنفيذ
خطة الاستيلاء الجديدة، في ظل انشغال العالم بمكافحة تداعيات انتشار الفيروس،
وتمكينه من تطبيق خطة الضم في الضفة الغربية، ضمن الخيارات التالية:
1. ضم مناطق المستوطنات فقط وهي تشكل 4 في المئة
من مساحة الضفة الغربية، أو المخطط الهيكلي للمستوطنات والذي يشكل ما نسبته 10 في
المئة من مساحة الضفة.
2. ضم الكتل الاستيطانية والتي تحظى بإجماع واسع
في المجتمع الإسرائيلي، وغالبيتها غربي الجدار العازل وتصل مساحتها إلى حوالي 10
في المئة من مساحة الضفة.
3. ضم غور الأردن، وهو ما يشكل 17 في المئة من
مساحة الضفة.
4. ضم جميع المناطق المصنفة C حسب اتفاقية أوسلو، وهي ما
نسبتها 60 في المئة من مساحة الضفة.
5. ضم جميع المناطق المذكورة في مخطط الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب، والتي تشكل مساحتها 30 في المئة من مساحة الضفة (غور
الأردن 17 في المئة، المستوطنات المعزولة 3 في المئة، الكتل الاستيطانية 10 في
المئة، بالإضافة للطرق). وفي المقابل، تسلم "إسرائيل" للسلطة ما تبقى من
مناطق C، بالإضافة لجنوب الخليل ومنطقتين في النقب، لربطها مع قطاع غزة.
بناء على الخيارات السابقة سيواجه الفلسطينيون
تحديا مركزيا في طريقة مواجهة المخطط الاستيلائي الكبير، ما يضعهم أمام ثلاثة
سيناريوهات رئيسية:
السيناريو الأول التحرك في غطاء سياسي
ودبلوماسي وشعبي بوتيرة متواضعة، كما حصل بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس، وذلك
في ظل انشغال الجميع بوباء كورونا. وكلما كان الضم مقلصا ومحدودا تتضاءل فرص وجود
ردود فعل عنيفة. وهو السيناريو المرجح حتى الآن في ظل تصريحات حسين الشيخ، القيادي
في حركة فتح ووزير الشئون المدنية في حكومة إشتية، حيث أشار إلى أن التصدي
للمخططات الإسرائيلية، لن يغير الواقع الأمني القائم حاليا في الضفة، في إشارة إلى
استمرار التنسيق الأمني، ومنع أي نشاط للمقاومة الفلسطينية يمكن أن يهدد الدور
الوظيفي للسلطة.
في السيناريو الثاني تدفع عمليات الاستيلاء
والسيطرة الفلسطينيون نحو موجة تصعيد كبيرة، من خلال المقاومة الشعبية، وعمليات
المقاومة الفردية، وتصاعد الاحتقان في الشارع الفلسطينية، ما يجبر السلطة
الفلسطينية على اتخاذ قرارات حادة اتجاه الاتفاقيات والعلاقة مع الاحتلال، ما يؤثر
على مشروع التنسيق الأمني، واتساع نطاق المواجهة، وهو سيناريو ضعيف، بناء على
قراءة سلوك السلطة خلال محطات سابقة.
السيناريو الثالث والأخطر، محاولة الاحتلال
مراعاة شروط الضم الأمريكية عبر الالتفاف على التطبيق من طرف واحد، واستئناف
المفاوضات مع السلطة الفلسطينية سعيا لتبني رؤية ترامب لتطبيق
صفقة القرن، وفي حال
فشل المفاوضات تتجه حكومة الاحتلال لضم تدريجي ناعم للمستوطنات، بغطاء من السلطة
التي وافقت على مبدأ التفاوض على تحسين شروط الصفقة.
ويتضح من دراسة خيارات الضم أن أبرز أولويات
نتنياهو في الوقت الراهن هي غور الأردن، وفي حال تم ضم أراضي الأغوار، فإن معالم
المرحلة الاستيطانية القادمة قد تتمثل في وسط الضفة الغربية، وهي المرحلة الأخطر
إذ تهدد الوجود الفلسطيني.
وبما أن أخطر مشروع على أجندة حكومة الطوارئ
تنفيذ مشروع الضم الإسرائيلي- الأمريكي في الضفة الغربية، فإن السلطة وحركة فتح
أمام تحد حقيقي لمواجهة هذا التهديد الوجودي، كونهما من يسيطر على الضفة الغربية
على المستوى التنظيمي والأمني والحكومي، أو الرضوخ مقابل الحفاظ على السلطة
وامتيازات شبكة المصالح الأمنية والاقتصادية.
إن اكتفاء قيادة المقاطعة وعلى رأسها الرئيس
محمود عباس؛ بالتلويح بوقف أو تجميد الاتفاقيات مع الاحتلال، سيكون فارغا إذا لم
يتبعه توافق الكل الفلسطيني على برنامج مقاومة لمواجهة الضم والتهويد في الضفة
الغربية، وهو السيناريو الذي يخشاه الاحتلال، ويمكن أن يفشل مخطط الضم وينقل
الفلسطينيين من مربع الدفاع إلى خط الهجوم، لوقف تآكل المشروع الوطني، وإعادة
الصراع إلى مكانته الحقيقية، صراع بين الشعب الفلسطيني والاحتلال على الأرض
والهوية.