هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا المرشح الرئاسي السابق والسياسي المصري، حمدين صباحي،
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى الإفراج عن المعتقلين وسجناء الرأي، وتشكيل لجنة
خبراء لاتخاذ حزمة إجراءات لحماية البشر والاقتصاد خلال أزمة فيروس كورونا
المستجد.
وقال صباحي في خطاب وجّهه، السبت، إلى السيسي: "هذا نداء
من القلب والعقل من مواطن مصري إلى رئيس الجمهورية في ظل محنة تخيم على الوطن والعالم،
تنذر بأوخم العواقب، لكنها قد تستنهض أنبل الفضائل".
وأضاف: "إن البشرية تدفع ثمنا فادحا لكي تتعظ وتتعلم.
والدرس الأهم أن هذه الجائحة قالت للإنسان: لا أمان لك إلا بنجاة سواك. كلنا يواجه نفس المصير، ولكي ننجو لابد أن نتوحد في المواجهة. هذه هي حكمة
المحنة التي تفرض على الكل أعمق معاني الوحدة وأوسع إجراءات التضامن الإنساني بين كل
الشعوب، والوحدة الوطنية أولى والتضامن الوطني أوجب، وهذه قيمة طالما آمن بها وسعى
إليها الراشدون اختيارا، لكنها تحت وطأة الوباء أصبحت اضطرارا".
واستطرد صباحي قائلا: "هذا ما يلزمنا بأن نحرص على وحدتنا
وتضامننا الوطني لأنهما شرط النجاة. ولا يكفي أن يكون هذا الفهم طريقةً لإدارة أزمة
تنتهي بانفراجها، بل منهجا متواصلا في الحياة والحكم يتحلى به الشعب والسلطة، الموالاة
والمعارضة، المواطن والرئيس".
ورأى أن هذا "منهج كفيل بأن يفتح للوطن ومواطنيه آفاق
مستقبل أفضل إذا مارسناه بتعفف عن المن، واستعلاء عن المكايدة، واستغناء عن المقايضة،
وهو منهج يتطلب من الجميع مراجعة أمينة نزيهة لتفكيرنا وسياساتنا وسلوكنا. مراجعة تقدم
نقد الذات على نقد الآخرين، وتستهدف تحقيق الوحدة والتضامن بين كل المصريين باحترام
تنوعهم الطبيعي وإنهاء التمييز بينهم وتأكيد المساواة على قاعدة المواطنة".
ودعا صباحي إلى "إدراك خطرين داهمين هما أكثر ما أصاب
وحدة المصريين وتضامنهم، وما زالا يهددانها، وهما الظلم والكراهية، وإنه لا علاج ناجعا
لهما إلا بالعدل والمحبة".
واستطرد قائلا إن "أفضل مناخ لنشر العدل والمحبة هو
احتضان مصر لكل بنيها بلا نبذ ولا عزل ولا إقصاء ولا تمييز ـ ما عدا من خرج عليها حاملا
السلاح سافكا دمها الزكي بالإرهاب ـ واحترام آرائهم بلا حجر ولا منع ولا قمع ثم تأخذ
منهم ـ وكلهم يخطئ ويصيب ـ ما يحقق شروط النجاة والأمان، وما يحفظ وحدتها وتضامنها".
اقرأ أيضا: باحث عسكري: السيسي يخشى نزول الجيش للميادين المصرية
ودعا السيسي إلى صياغة استراتيجية وسياسات عامة وإجراءات
تنفيذية، مقترحا "تشكيل لجنة اقتصادية اجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد
وأعمال وممثلين للعمال لبلورة حزمة قرارات متماسكة ومتكاملة تكفل حماية الاقتصاد القومي
من آثار هذه الجائحة، وتحقق منذ اللحظة الأولى الحماية والمسؤولية الاجتماعية الواجبة
تجاه الفئات الأكثر تضررا والأشد احتياجا" .
وطالب المرشح الرئاسي السابق بالإفراج عن السجناء في ظل
ما وصفه باكتظاظ السجون، ومخاطر تفشي الوباء فيها على النزلاء والضباط والجنود والعاملين
وأسرهم.
وأكمل مخاطبا السيسي: "تابعت بتقدير وتأييد حزمة الإجراءات
التي اتخذتها حكومتكم لإبطاء انتشار ومن ثم احتواء الوباء، والتي تماثلت مع الخطوات
التي اتخذتها دول العالم من تباعد اجتماعي، وحظر تجول، وإغلاق لبعض البؤر، ومنع السفر،
وغيرها من الخطوات التي أصبحت تمثل خريطة طريق دولية لمواجهة الوباء".
واستدرك بقوله: "غير أني أسترعي انتباهكم إلى أن الحكومة
قد تجاهلت خطوة رئيسية في هذه الوصفة الدولية هي الإفراج عن السجناء. وهو الإجراء الجوهري
الذي طبقته عديد من الدول، وتوحد عليه أعداء ألداء كحكومتي الولايات المتحدة الأمريكية
وإيران. وهذه نقطة ضعف فادحة في أداء الحكومة تأخرت فيها كثيرا إلى الآن ما عدا عددا محدودا استبشرنا به خيرا ووجهنا الشكر المستحق، ولا زلنا ننتظر لنوجه المزيد".
وشدّد على أن "الإفراج عن السجناء فضلا عن لزومه كجزء
لا يتجزأ من جدية مواجهة الوباء هو خطوة فارقة في البيئة السياسية والمجتمعية المواتية
لتحقيق الوحدة والتضامن الوطني في هذه المحنة وما بعدها"، مضيفا: "ولا أريد
يا سيادة الرئيس في هذا النداء أن أركز على مسؤوليتكم القانونية، وهي قائمة ومؤكدة؛
فبيدكم وحدكم قرار العفو عن المحكوم عليهم، وبيد النائب العام قرار الإفراج عن المحبوسين
احتياطيا".
وقال صباحي: "كما لا أركز على المسؤولية السياسية التي
تتحملونها تجاه كل السجناء المحكومين والمحبوسين احتياطيا. ولي رأي قانوني محدد في
هذه المسؤولية وما ترتبه من آثار، لكنني آثرت إرجاء هذا كله على أهميته، لأنني أخاطب
في هذا النداء مسؤوليتكم الأخلاقية التي تسبق مسؤوليتكم القانونية والسياسية".
وتابع: "أفرج عن السجناء يا سيادة الرئيس. الآن الآن وليس غدا، فخير البر عاجله. وكل صبح يشهد بارقة أمل في قلب كل سجين وأهله وأحبائه أن يكون هذا
يوم الفرج والإفراج. وكل ليل بدون قرارك يشهد خيبة أمل في قلوب ملايين المصريين ولوعة
وحسرة وغضبا وشعورا فاجعا بقلة الحيلة وهوانهم عليك وافتقاد النصير. والأمر، بعد الله،
بيدك. فلا تجمع عليهم مصيبتين: الوباء وافتقاد الأحباء".
وأضاف: "لا أطلب فقط الإفراج عن سجناء الرأي الذين أعرفهم
وأوافقهم، وبعضهم في منزلة أبنائي وإخوتي، ولهم من المحبة في قلبي ما لا يقل عن محبتي
لأبنائي وأحفادي وإخوتي. ومعرفتي الوثيقة بهم تحسم اقتناعي ببراءتهم من كل اتهام، وإنما
عن كل سجناء الرأي من كل اتجاه، وعن كل المحبوسين احتياطيا وليس فقط سجناء الرأي".
ودعا صباحي إلى الإفراج "عن كل المحكوم عليهم في
جرائم لا تمثل خطرا على المجتمع. وفي مقدمتهم كبار السن، والمرضى، والغارمين والغارمات،
ومن قضى نصف العقوبة، فهؤلاء جميعا وذووهم ينتظرون قرارك بفارغ الصبر، ومسؤوليتكم الأخلاقية
أن ترعى مصالحهم وتحفظ لهم حقوقهم، وأولها الحق في الحياة الذي يهدده الوباء الآن".
واختتم المرشح الرئاسي السابق بقوله: "إنني على ثقة
أن قرار الإفراج هو عين الصواب وواجب الوقت، وهو ضمانة أكيدة لوحدة وتضامن نحتاجهما،
ولعدل ومحبة نفتقدهما. وهو راحة لضميرك الإنساني وإجلاء لمعدنك المصري".