هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تطورت العلاقات سريعا بين الحكومة الموازية والموالية للواء الليبي
المتقاعد، خليفة حفتر وبين نظام بشار الأسد، إلى درجة التطبيع وفتح سفارة رسمية في دمشق،
مع استمرار التساؤلات عن دلالة الخطوة ومدى تأثيرها على علاقة الجنرال الليبي
بحلفائه المعارضين للأسد خاصة السعودية والإمارات.
وقام الوفد الليبي الذي شارك فيه رئيس مخابرات "حفتر" بافتتاح
سفارة في دمشق بعد لقاء جمعهم بـ"بشار الأسد"، مؤكدين أنه سيتم فتح
قنصلية سورية في الشرق الليبي قريبا، وذلك لمواجهة التدخل التركي في ليبيا وفي
سوريا"، وفق تصريحاتهم.
"مقر في دمشق"
وقال من يسمى بنائب رئيس الحكومة الموازية وغير المعترف بها، عبدالرحمن
الأحيرش، إنه والوفد المرافق له التقوا "الأسد" شخصيا، حيث جرى افتتاح
سفارة ليبية في العاصمة دمشق، واصفا إياها بـ"الخطوة الكبيرة جدا حتى لو كانت
ستغضب كثيرين، لكنها ستفرح الأكثر"، وفق كلامه.
مراقبون للزيارة رأوا أن "الخطوة قد تسبب بعض الامتعاض ضد حفتر من قبل
الدول المعارضة لإيران التي تعتبر حليفا رئيسا لنظام الأسد، خاصة الإمارات
والسعودية، لكن البعض أكد أن الجنرال العسكري لا يتحرك إلا بخطط من أبو ظبي، لذا فإن الخطوة جاءت بمباركة إماراتية"، وفق تصوراتهم.
اقرأ أيضا: نظام الأسد يفتتح سفارة ليبية بدمشق ويسلمها لحفتر
فما هي تأثيرات التقارب بين معسكر حفتر وبين نظام الأسد على العلاقة مع
"الإمارات والسعودية"؟
"مناورة لا قيمة
لها"
من جهته، رأى عضو مجلس الدولة الليبي، عادل كرموس أن الزيارة "مجرد
مناورة سياسية غير ذات قيمة على الصعيد الدولي"، لأنها صادرة عن جهة
"غير معترف بها دوليا، بل ومحظور التعامل معها وفق قرارات مجلس الأمن
الدولي".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "على الصعيد الداخلي
للجهتين "حفتر وبشار" فهما يعتبران من خلال هذا التواصل أنهما يخرقان
الحظر المفروض عليهما دوليا، لذا فسيعتبر السذج أن هذا التصرف نصر كونه تحدى
المجتمع الدولي ومارس مهامه، وكل هذا هدفه إرضاء أنصاره فقط"، على حد تعبيره.
"خطر ومصير
واحد"
لكن عضو البرلمان الليبي الموجود في شرق البلاد، جبريل أوحيدة قال من جانبه
إن "حكومة الوفاق لا تملك أي حق أو قدرة في التصدي لما قامت به خارجية
"الحكومة التابعة لمجلس النواب" مع سوريا أو غيرها سواء إعادة العلاقات
أو حتى التطبيع، خاصة أن البرلمان لا يعترف بسلطة الأمر الواقع الموجودة في
"طرابلس".
وفي تصريحات لـ"عربي21" أكد أن "التنسيق الروسي مع حكومة
البرلمان (الحكومة الموازية) يتم علنا، وحكومة النظام السوري معترف بها وهي تواجه
نفس الإرهاب وبنفس العناصر وبدعم من نفس الدول، لذلك أصبح مصير "ليبيا
وسوريا" واحدا ويتطلب التنسيق الدائم لمواجهة نفس الخطر"، وفق تصوره.
"تغيير
مواقف"
ورأى الأكاديمي والباحث الليبي، محمود منصور أن "التقارب لن يؤثر على
مواقف الإمارات والسعودية من "حفتر"، خاصة أن هناك تغيرا سعوديا في الموقف
مع إيران، أما الإمارات فعلاقتها بـ"إيران" جيدة الآن، والأمر كله يصب
في توجهات الجنرال العسكري في محاولة توسيع دائرة حلفائه".
وأضاف لـ"عربي21": "كل الهدف هو زيادة توسع حفتر سياسيا حتى
مع أطراف ليس لها ثقل مثل بشار، في مقابل سعيه إلى تقليص دور حكومة الوفاق في ظل ضعف
هذه الحكومة على المستوى الخارجي".
ولفت إلى أن إعلام "حفتر" الممول إماراتيا فسيعتبر
الخطوة نصرا كبيرا.
"نهب وديعة
ليبية"
الناشطة الحقوقية من الشرق الليبي، نادين الفارسي قالت من جانبها إن
"هدف فتح سفارة هناك هو خطة وضعها وزير خارجية "حفتر" من أجل
الاستيلاء على الأموال الليبية الموجودة في سوريا وهي عبارة عن وديعة تتعدى الـ200
مليون دولار"، وفق معلوماتها.
اقرأ أيضا: هل ينسق حفتر مع نظام بشار الأسد في ليبيا؟
وأشارت إلى أن "هذه الخطوة تشبه خطوة مماثلة قامت بها حكومة
"حفتر" في دولة الأردن ونجحت بالفعل في الاستيلاء على أموال الدولة
الليبية هناك، ووجدوا في سوريا مبتغاهم كونها تخضع لحليفه الروسي وأنها ستسهل لهم
كل الإجراءات وهو ما يحدث الآن"، كما صرحت لـ"عربي21".
خطط روسية "مشبوهة"
وبدوره اعتبر المرشح السابق لرئاسة الحكومة الليبية، فتحي رجب العكاري أن الزيارة
وما تم فيها وكل تحركات الحكومة غير المعترف بها تنفيذ لتوجيهات وخطط روسية
"مشبوهة"، ومشككا في جدواها، وصفها بأنها "استناد مريض حفتر على ميت الأسد".
وبخصوص توقعاته لرد فعل الإمارات والسعودية على هذا التقارب، قال:
"اللعبة الآن في مراحلها الأخيرة، وما يهم "حفتر" الآن ويراهن عليه
هو إرضاء الروس بالدرجة الأولى عبر دعمه لنظام "بشار" ومراهنته على ما
يحدث في سوريا الآن، أما بخصوص حلفائه المذكورين فهو قد تحصل على كل الدعم الذي يحتاجه منهما"، بحسب
تصريحاته لـ"عربي21".
بدورها، استنكرت وزارة خارجية حكومة "الوفاق" الليبية، تسليم النظام السوري السفارة الليبية للحكومة التابعة لحفتر.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن "هذا الإجراء مخالف لقرارات مجلس الأمن الدولي القاضية، بعدم التعامل مع الأجسام الموازية لحكومة الوفاق، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد"، معتبرة أن "هذا الأمر يعد سطوا على حقوق الدولة الليبية، وانتهاكا للسيادة، وهو عمل مرفوض ومستهجن".
وأشار البيان إلى أن حكومة الوفاق ستعمل على اتباع كافة الإجراءات والوسائل القانونية، لضمان وقف "هذا العبث"، داعيا مجلس الأمن ولجنة العقوبات إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بالخصوص.