هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت مجموعة العمل
الوطني المصري إن التعديلات الأخيرة التي أقرها البرلمان المصري، الخاضع لسيطرة نظام
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، على قانوني الإرهاب والكيانات الإرهابية، "تقنن
الأوضاع الاستثنائية، وتشرعن التعدي على الحقوق والحريات والممتلكات الخاصة"،
مشيرة إلى أن تلك التعديلات "شملت توسعا مخيفا لتعريف الكيانات الإرهابية، وتمويلها،
وتشديد الآثار الناتجة عن الإدراج على قوائم الإرهاب أو الكيانات الإرهابية".
ونوهت المجموعة،
في بيان لها، الثلاثاء، وصل "عربي21" نسخة منه، إلى "خطورة التمادي
في تقييد المجتمع، ومصادرة حرياته، لصالح تكريس سلطات استبدادية"، مشدّدة على
أن "ترسانات القوانين لم تحم يوما حكما تسلطيا، ولم تكن يوما سببا في أدامه حكمه،
بل علمنا التاريخ وتجارب مصر السابقة أنها فقط تعجل بزواله، وعودة الحقوق لأهلها".
وأضافت: "لا
يخفى على المتابعين السعي الواضح من خلال التعديلات لتأسيس أوضاع قانونية جديدة، وتجاوز
عقبات قانونية كانت تعطي محكمة النقض صلاحيات إلغاء أحكام إدراج بعض المتهمين على قوائم
الإرهاب، وتجميد أموالهم بناء على التحريات الأمنية؛ فلم يعد شرطا لذلك إثبات ممارسة
أي نشاط إرهابي"، مؤكدة أن هذه التعديلات تأتي "في ظل تصاعد موجات الاستبداد،
وتتابع عمليات حصار المجتمع بترسانات القوانين التي تقضي على كافة الحريات".
واستطردت قائلة:
"تلك القوانين التي كانت قد صدرت أصلا في غيبة البرلمان، وكأنها ستحل محل قوانين
العقوبات والإجراءات الجنائية، فعملت بالفعل على توسيع دائرة الاتهام بتمويل الإرهاب
لتطال الشركات والاتحادات والمؤسسات بأشكالها المختلفة، وملاحقة المعاملات البنكية
والتجارية تحت احتمالية اعتبارها نشاطا إرهابيا، ووفق مخيلة التحريات الأمنية".
وتابعت: "كما
جاء حذف بعض النصوص التي تشترط ارتكاب فعل إرهابي لتكشف الاتجاه نحو إعطاء الأجهزة
الأمنية صلاحيات واسعة لإدراج الأشخاص والكيانات تحت مظلة الإرهاب ومصادرة أموالهم،
ولا يشترط لذلك غير مجرد النية والمتروك بطبيعة الحال تقديرها لتحريات الأمن الوطني".
وأردفت: "في
الوقت الذي تصور البعض أن التعديلات تستهدف المتهمين في خلية الأمل التي ضمت شركات
ورجال أعمال مُتهمين بتمويل الإرهاب، فإن الأمر رغم ذلك أوسع بكثير، لأنه سيصبح سيفا
مُسلطا على رقبة المجتمع كله بمجرد تصديق السيسي عليها. كما أن التعديلات تلقي بظلال
كثيفة على توجهات السلطة التي تدعي حرصها على جذب الاستثمارات في الوقت الذي ترهب فيه
الشركات والمؤسسات، فضلا عن وضع المعاملات المالية والبنكية والتجارية تحت سيف قانون
مكافحة الإرهاب".
اقرأ أيضا: منظمة: تعديل قوانين الإرهاب يشرعن الأوضاع الاستثنائية بمصر
بدوره، قال مركز حريات
للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "المسار الكارثي الذي بدأ منذ 3 تموز/ يوليو
2013 يواصل عملية اختطاف الدولة والمجتمع بكل ما يملك من أدوات، ولعل أخطرها هي الأدوات
التشريعية التي يطارد بها المجتمع، ويلاحق الحريات، ويصادر الحقوق، مؤكدا أن "التعديلات
التي وافق عليها البرلمان 24 شباط/ فبراير، وتنتظر تصديق قائد الانقلاب، هي صورة من
صور التدهور التشريعي، وتحمل قدرا كبيرا من الخطايا".
وأكد، في بيان
له، الثلاثاء، وصل "عربي21" نسخة منه، أن "هذا الإرهاب التشريعي الذي
يمارسه البرلمان المصري يؤكد عدم شرعية هذا البرلمان، وأنه أداة طيعة في يد النظام،
وسيفه التشريعي المسلط على رقاب الشعب المصري المقهور".
وأشار مركز حريات
للدراسات إلى أن "القوانين الاستثنائية – وفي القلب منها قانونا الإرهاب والكيانات
الإرهابية- هي قوانين غير دستورية، أريقت بموجبها وتحت شعار مكافحة الإرهاب دماء العشرات
من شباب وأبناء هذا الوطن، وما زال العشرات ينتظرون ذات المصير على أعواد المشانق،
وما زالت المحاكم تحت مظلة هذه القوانين تزخر بالمزيد".
وشدّد مركز حريات
للدراسات على أن "هذه التعديلات – اللادستورية – تعصف بكافة الحقوق والحريات،
وتطلق يد السلطة البوليسية في الشعب مستبيحة إياه أرواحا وأعمارا وأموالا".
وذكر أن "هذه
التعديلات لا تتناقض مع الدستور (دستور 2014) فحسب، وإنما تهدم القواعد القانونية،
الثابتة والمستقرة، في سائر بلدان العالم، وأخصها عينية العقوبة وعدم العقاب على النوايا،
بل والأعمال التحضيرية، التي تسبق الشروع في ارتكاب الفعل المادي المؤثم قانونا"،
مشدّد على أن "هذه التعديلات تخالف جملة وتفصيلا كافة المواثيق والعهود الدولية،
لاسيما المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته.
ونوّه إلى أن "هذه
التعديلات الثمانية تؤدي إلى ازدواجية القوانين الجنائية وتنازعها، مما يصيب المنظومة
القانونية في مصر بالشلل، ومن شأنها أن تغل يد القضاء في الإثبات، وتجعل من تحريات
الأمن الوطني بديلا عن الأحكام القضائية، ما يفضي حتما لمزيد من أحكام الإعدام ومصادرة
الأموال واستباحة الملكية الخاصة للمواطنين (أفراد وشركات ومؤسسات واتحادات)، وأحكام
تفني بموجبها الأعمار في غياهب السجون".
وأشار إلى أن "الخرق
في ثوب القوانين والتشريعات الاستثنائية لن ترقعه تلك التعديلات اللادستورية، وسيظل
العوار وعدم الدستورية لصيقا بها، يبطل الأحكام الصادرة بناء عليها، لاسيما على المستوى
الإقليمي والدولي"، مؤكدا أن "هذه التعديلات ستقضي على ما تبقي من فرص الاستثمار
في مصر، ما يؤدي لآثار اقتصادية وخيمة، وزيادة معاناة المواطنين بارتفاع الأسعار وارتفاع
معدل البطالة".
واختتم مركز حريات
للدراسات، بقوله: "هذه التعديلات تعكس مدى الهلع والفزع الذي يعتري النظام السياسي
في مصر من مجرد تفكير آحاد الناس في معارضته، رغم تعديلاته الدستورية، ورغم تحصنه بترسانة
من القوانين الاستثنائية، ورغم المحاكم العسكرية والاستثنائية، ورغم أحكام الإعدام
الصادرة والمنفذة بحق مئات الأبرياء".