هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الماضي القريب عندما أراد
الشعب الجزائري التّحرر من الاستعمار لم تقف في طريقه فرنسا بجيشها وكفاءتها في
إدارة الحروب، ولم يقف في طريقه الحلف الأطلسي، وإنما خط بنفسه طريق النصر، ورسم
خريطة البلاد المستقلة، ولم تنفع مع إرادة الجزائريين كل الطرق والأساليب في خنق
الثورة التحريرية وإنهاء روح المقاومة.
في الماضي القريب عندما أراد
الشعب الجزائري التّحرر من الاستعمار لم تقف في طريقه فرنسا بجيشها وكفاءتها في
إدارة الحروب، ولم يقف في طريقه الحلف الأطلسي، وإنما خط بنفسه طريق النصر، ورسم
خريطة البلاد المستقلة، ولم تنفع مع إرادة الجزائريين كل الطرق والأساليب في خنق
الثورة التحريرية وإنهاء روح المقاومة.
لذلك؛ فإن من يحسن قراءة التاريخ، يدرك أن
اللعبة التي أقبل عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برسم خريطة وقال إنها "دولة
إسرائيل" ووضع عليها بعض بقع الحبر الأزرق، وأشار بأن هذه النقاط ستكون هي
دولة فلسطين المستقلة، هذه اللعبة التي تم التسويق لها بأنها "صفقة القرن"
لا يمكن أن تتجسد على أرض الواقع، لأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لا يؤمن بها.
لن يكتب لهذه الصفقة الغريبة
النجاح، حتى وإن حضر بعض الخونة من السفراء العرب مؤتمر الإعلان عنها، ولن تعرف
طريقها إلى التجسيد، حتى وإن رحبت بها دول عربية معروفة بعمالتها وولائها إلى
الصهاينة.
لن تنجح الصفقة لأنها أغرب صفقة في التاريخ،
والعقل لا يكاد يتقبل ما حدث، لأن العرب باعوا القضية بـ50 مليار دولار وهم الذين
سيدفعون الثمن، في عملية مرتبة منذ مدة استبقها الكيان الصهيوني بإعلان بدء زيارة
الإسرائيليين إلى بلدان الخليج!
ما حدث لا يمكن أن يطلق عليه "صفقة"
حتى في الأوساط الإعلامية والسياسية الأمريكية، فقد وصفت صحيفة "واشنطن بوست"
الصفقة بأنها مجرد حملة "علاقات عامة"، ولا يمكن أن تكون خطة للسلام،
وكيف يكون السلام في ظل عدم وجود طرف فلسطيني موافق أو داعم للخطة؟ وقد عبر عن هذه
الحقيقة الكاتب الأمريكي "جيمس بوت" أن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يأمر
بقتل أحد أعدائه، كما فعل مع قاسم سليماني، لكن لا يمكنه وقف صراع طويل بمجرد "فرقعة
أصابعه".
وحتى السلطة الفلسطينية التي سارت منذ إنشائها
في مسار أوسلو، رفضت الصفقة جملة وتفصيلا، وبدأ خطابُها يتخذ منحى أكثر راديكالية،
بل إن الرئيس محمود عباس المعروف بمواقفه الهلامية، قال صراحة "إن القدس ليست
للبيع وصفقة القرن لن تمر، وستذهب إلى مزبلة التاريخ".
ومهما يكن فهي فرصة أمام الفلسطينيين لينهوا
الانقسام ويتوحدوا لتحرير البلاد من المحتل، وإذا حدث هذا فإن المواقف العربية
المهرولة والمرحبة بصفقة القرن لن يكون لها قيمة تُذكر، لأن الأمر لا يعنيهم،
ويبقى موقف الفنانة اللبنانية إليسا أقوى وأشرف من كل هذه الحثالات العربية عندما
قالت "البيت لنا والقدس لنا".
(الشروق الجزائرية)