هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذرت صحيفة "التايمز" في تقرير أعده مراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، من الخلافات الأوروبية بشأن ليبيا، مشيرة إلى أنها تهدد آمال السلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قادة العالم حذروا يوم الأحد من تحول ليبيا إلى "سوريا ثانية"، حيث يهدد الانقسام داخل دول الاتحاد الأوروبي بتخريب الآمال في التوصل إلى سلام دائم.
ويذكر سبنسر أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انضم إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في لقاء تأخر طويلا استضافته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتعهد بتطبيق حظر تصدير السلاح إلى طرفي النزاع.
وتلفت الصحيفة إلى أن تركيا أرسلت أسلحة إلى الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، التي يتزعمها فائز السراج، في الوقت الذي تدعم فيه الإمارات العربية المتحدة الجنرال خليفة حفتر، في النزاع الدائر منذ خمسة أعوام، الذي قتل فيه آلاف الأشخاص، مشيرة إلى أن الرجلين حضرا اللقاء يوم الأحد، لكنهما لم يلتقيا وجها لوجه.
ويورد التقرير نقلا عن ميركل، قولها للصحافيين: "نعم إننا لم نحل مشكلات ليبيا اليوم كلها، لكننا نهدف لبناء زخم جديد"، وقال جونسون وغيره من قادة الدول الأوروبية إنهم قد يدرسون إرسال مراقبين دوليين لتأكيد تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
ويستدرك الكاتب بأن الهدنة تم خرقها أكثر من مرة في وقت يقول فيه المحللون إن تحقيق سلام دائم تم تأخيره بسبب الانقسام بين دول الاتحاد الأوروبي، في وقت قررت فيه الدول الإقليمية، مثل روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة، انتهاز الفرصة، ودعم الجماعات الوكيلة لها، ما زاد من العنف.
وتنوه الصحيفة إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان بدأ في الشهر الماضي بإرسال قوات إلى المنطقة ومقاتلين من الجماعات التي يدعمها في سوريا، وحل هو والرئيس فلاديمير بوتين، الذي يدعم حفتر، وسيطين بدلا من الدول الأوروبية، واستضافا معا في الأسبوع الماضي اجتماعا، إلا أن الطرفين المتحاربين لم يظهرا أي إشارات على التنازل وعقد تسوية.
ويفيد التقرير بأن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، عبر عن قلقه قبل بدء المؤتمر يوم الأحد، وقال: "علينا التأكد من عدم تحول ليبيا إلى سوريا جديدة".
ويشير سبنسر إلى أن فرنسا زادت من تعقيد الوضع من خلال دعمها للجنرال خليفة حفتر، رغم دعم الاتحاد الأوروبي للحكومة المعترف بها دوليا، لافتا إلى أن اليونان انضمت إلى الحرب في ليبيا عندما قرر أردوغان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السراج، التي تقول إنها تملك فيها حقوقا للتنقيب عن الغاز الطبيعي، ورد رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتستاكيس باستقبال حفتر في أثينا قبل سفره إلى برلين، واتصل مع المستشارة الألمانية، قائلا إنه سيرفض أي صفقة لا تحترم المصالح اليونانية.
وتذكر الصحيفة أن اليونان حذرت تركيا من أن أي محاولة للحفر قد تقود إلى الحرب، مشيرة إلى أن القوى الأوروبية التي دعمت الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 فشلت في فرض تسوية سياسية، وانقسمت بين إيطاليا التي دعمت حكومة طرابلس وفرنسا التي دعمت حفتر.
ويلفت التقرير إلى أن محاولة للتسوية جرت في شهر آذار/ مارس 2019، إلا أن هجوم حفتر على العاصمة عطل الجهود التي كانت ترعاها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هجوم حفتر لم ينجح، وتوقفت قواته في جنوب العاصمة حتى قررت روسيا إرسال مرتزقة شركة "واغنر"، التي حركت المعركة، وهو ما دعا تركيا لإرسال قواتها ومساعدات إلى حكومة الوفاق.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش لوقف انزلاق البلاد لحرب واسعة، إلا أن الآمال قليلة لتسوية طالما ظلت القوى الأجنبية تدعم أطراف النزاع، مشيرا إلى أن السراج يعتقد أنه قادر وبدعم من تركيا على قتال المارشال حفتر، فيما يرى الأخير أنه ليس هناك داع ليتراجع بعدما سيطر على معظم البلاد وبات على مشارف طرابلس.
وتنوه الصحيفة إلى أن قوات حفتر استعرضت القوة عشية المؤتمر، عندما هاجمت موانئ النفط جنوب العاصمة، ما أدى إلى توقف إنتاج النفط، مشيرة إلى أن آبار النفط ظلت تضخ طوال النزاع 1.2 مليون برميل نفط في اليوم، حيث يتم توزيع الموارد على الطرفين، إلا أن قوات حفتر باتت تسيطر على معظم الآبار الكبرى في البلاد.
ويجد التقرير أن العامل الرئيسي وراء رفض حفتر توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هو شعوره بأن فرنسا والإمارات والرئيس دونالد ترامب سيدعمونه مهما فعل، مشيرا إلى أن واشنطن دعمت حكومة طرابلس في البداية، لكنها غيرت موقفها بعد مكالمة قصيرة في نيسان/ أبريل 2019 بين ترامب وحفتر.
ويقول سبنسر إن تصريحات مسؤول السياسات الخارجية للمفوضية الأوروبية جوزيف بوريل بدت أكثر شدة، وهو الذي اقترح قوات حفظ سلام أوروبية، مشيرا إلى قول جونسون في تصريحات لشبكة "سكاي نيوز": "لو كان هناك وقف إطلاق النار فإننا نكون في وضع لنعمل ما نستطيع ونرسل خبراء وجنودا لمراقبته".
وتنقل الصحيفة عن الخبير في الشؤون الليبية من معهد كلينغديل في هولندا، جلال الحرشاوي، قوله إن فرنسا أثرت على الموقف الأوروبي وفتحت الباب أمام بوتين وأردوغان للتدخل المباشر، وأضاف: "أردوغان ليس عبقريا.. لكن أوروبا كانت بطيئة جدا لدرجة سمحت فيها لأردوغان بتحقيق هذه الأمور كلها، والأمر ذاته ينطبق على روسيا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الحرشاوي إن "هاتين الدولتين (تركيا وروسيا) غير الأوروبيتين لم تكونا قادرتين على عمل هذه الأمور كلها لو لم تحدث فرنسا انقساما في محور أوروبا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)