قضايا وآراء

بين يدي الرئيس المحترم " قيس سعيّد"!

عدنان حميدان
1300x600
1300x600

المتابع للمشهد التونسي يشعر بقلق شديد، بالتزامن مع الذكرى التاسعة للثورة ومع تأخر ممارسة الحكومة لمهامها وعدم منحها الثقة وإحساس المراقب بفقدان الانسجام بين مؤسسات الدولة وسلطاتها المختلفة.

(شعبية الرئيس)

الرئيس صاحب الشعبية الكبيرة داخل تونس وخارجها وقف مواقف مقدرة ضد التطبيع ومنحازة للشعوب المقهورة والمظلومة رافضا الإملاءات الأجنبية والوصاية الغربية.

ولفت الأنظار ببقائه بشقته المتواضعة ورفضه الانتقال لقصر قرطاج المخصص للرئيس وإعفائه لزوجته القاضية من عملها حتى لا يؤثر كونها زوجة الرئيس عليه.

واستقباله أكثر من مرة لشباب عاطلين عن العمل وتفاعله معهم وحرصه على الذهاب للمقهى الشعبي الذي كان يرتاده قبل أن يصبح رئيسا ومواقف أخرى كثيرة مشابهة حازت ولا زالت على إعجاب الجماهير.

(ولكن)

ولكن المراقب يقول إن وجود الرئيس في شقته بالحي الشعبي مرهق إداريًا وفنيًا وماليًا على الدولة! ويفرض على أجهزتها الأمنية وضع فريقي حراسة؛ واحد على شقته وآخر مماثل على قصر قرطاج الرئاسي؟! واللقاءات الجميلة مع العاطلين عن العمل لم تثمر عن شيء عملي لهم على أرض الواقع ؟! بل والخطاب الشهير الذي تحدث به الرئيس في ذكرى الثورة منتصف ديسمبر الماضي عن وجود مؤامرة قائلا: "هناك للأسف من يفتعل الأزمات وكل يوم هناك مؤامرة وستتصدون لها وأعرف أنكم أحرار ولن تمر عليكم هذه المهاترات التي تحاك لأنكم تعرفونهم بالاسم وتعرفون من يقف وراءهم في الظلام.."! يثير تساؤلًا حول كنه من يتآمر وما داموا معروفين بالأسماء لماذا لم تتخذ بحقهم إجراءات ولماذا لم يجمع الرئيس مجلس الأمن القومي للدولة لمناقشة ذلك؟! هل يقبل من أعلى شخص في الدولة أن يتحدث جماهيريًا عن وجود مؤامرة دون اتخاذ شيء عملي ملموس ضدها؟

(أسئلة موجهة للرئيس)

وسؤال آخر أتمنى أن أجد له جوابا: لماذا يرفض الرئيس قيس سعيد التوقيع على قانون أقره البرلمان يجرّم تمجيد نظام ابن علي؟!! وكيف يمكن أن ينسجم هذا الرفض مع النفس الثوري الذي يملكه الرئيس؟!

اللافت أيضا أن الرئيس التونسي - الذي أكن له كل احترام - يرفض التوقيع على قانون يرفع نسبة المشاركة في البرلمان للكتل والأحزاب الفائزة إلى 3 % كحد أدنى لدخول البرلمان ، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يقلل عدد الأحزاب المنتخبة الأمر الذي يسهل فرص التنسيق فيما بينها بدلًا من التشتت الكبير الحاصل حاليا.

بعض أعضاء البرلمان أصبحوا نوابا وهم لم ينالوا ألف صوت من أصوات الناخبين!

نقطة ينبغي التوقف عندها مع وجود من يتهم الرئيس صراحة بالعمل على إضعاف السلطة التشريعية في البلاد وتشويه صورتها والاستقواء بالشارع ضدها ، وهذا من شأنه إن تم أن يضعف مؤسسات الدولة والتي هي من سهّل أصلا والشارع الواعي خلفها طريق انتخاب رجل مثله رئيسا للبلاد.

اعتقد أن رجلا بمكانة وشخصية راشد الغنوشي يستحق أن يسمع له الرئيس ويشاوره ويقدر له مواقفه؛ وهذا جوهر بن مبارك يقول للمرة الثانية أعطي شهادة تقدير لحركة النهضة وقد كنت شاهدًا في أروقة المجلس قبل التصويت على الحكومة على حوار دار بين الشيخ راشد ونبيل القروي حيث طلب الأخير ضمانا كتابيا لتسوية ملفه القضائي مقابل تمرير الحكومة فأجابه الغنوشي بالرفض قائلا : تسقط الحكومة وتبقى تونس .

ومع ذلك لا يرى المراقب تعاونًا من الرئيس ولا من القوى التي تصف نفسها بالثورية مع النهضة كما يجب.

النهضة التي بدورها مطالبة برص صفوفها أكثر وحسم خياراتها بشكل أكثر جرأة، ولا يعقل لحركة سياسية أن يصوت أمينها العام السابق والعضو البرلماني الممثل لها والمنتخب على قوائمها السيد زياد العذاري خلافا لقرارها بمنح الثقة لحكومة الجملي.

ما يجري يجعل كل محب لتونس يفكر جيدا في مآلات استمرار مثل هذه الطريقة في التعاطي مع قضايا الدولة من مختلف الأطراف.

(مكتب الرئيس)

في الأمس القريب تحدثت رشيدة النيغر المتحدثة الإعلامية باسم القصر الرئاسي لقناة سكاي نيوز أن تونس رفضت السماح لأردوغان باستخدام مجالها الجوي ثم بعد ساعات قامت الصفحة الرسمية للرئاسية التونسية بنفي هذا الأمر جملة وتفصيلا ؟! قائلة أن الرئيس أردوغان لم يطلب استخدام مجال تونس الجوي!

السؤال: هل ستكتفي الرئاسة بالنفي؟! وماذا بعد أن تختلق متحدثة باسم الرئاسة تصريحات غير صحيحة؟! هل تمر مرور الكرام؟!


(نقطة إكبار)

هذا الكلام لا ينتقص بطبيعة الحال من مكانة الرئيس المتمكن دستوريًا والذي يسجل له في رسالته الأخيرة حول تكليف شخصية جديدة لقيادة الحكومة أنه ولأول مرة منذ عام 2011 يوضع حد لمن ليست لهم صفة دستورية  ويمنعوا من التدخل في مشاورات تشكيل الحكومة ومن هذه الجهات على سبيل المثال الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يراه البعض وقد جعل نفسه دولة داخل الدولة.

(في الختام)

المحبة لتونس والتونسيين هي التي تدفعني وأمثالي لتقديم مثل هذه النصائح وتسجيل هذه الملاحظات أملا باكتمال مسيرة الانتقال الديمقراطي في تونس على أكمل وجه.

التعليقات (1)
محمد قذيفه
الخميس، 16-01-2020 09:19 ص
(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ـ ـ ـ)