في تصعيد
غير مسبوق بين البلدين؛ تبادلت
مصر وإثيوبيا الاتهامات بشأن فشل مفاوضات
سد النهضة
الإثيوبي، وصل لحد التراشق الرسمي.
وقالت
الخارجية المصرية في بيان، إن بيان نظيرتها الإثيوبية تضمن العديد من المغالطات المرفوضة
جملة وتفصيلاً، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق.
ووصفت
موقف إثيوبيا بـ"المتعنت" وانتقدت تبنيها "لمواقف مغالا فيها تكشف عن
نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل سد النهضة دون
أدنى مراعاة لمصالح مصر".
واستنكرت
مصر المزاعم القائلة أنها تسعى للاستئثار بمياه النيل، واصفة ذلك بـ"الشعارات
الجوفاء، والتي ربما تصدر للاستهلاك المحلي".
واختتمت
المباحثات الثلاثية المنعقدة بين إثيوبيا ومصر والسودان، الخميس، بالعاصمة أديس أبابا،
بشأن سد النهضة دون التوصل لاتفاق.
وكان
هذا هو الاجتماع الرابع والأخير لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة ممثلين من البنك
الدولي والولايات المتحدة الأمريكية بصفتهم مراقبين للاجتماعات.
"تراشق
مصري – إثيوبي"
ووصف
وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، مقترحات مصر بشان ملء سد النهضة
بغير المقبول، قائلا: "اقتراح مصر الجديد غير مقبول".
وقالت
هيئة الإذاعة والتلفزيون الإثيوبية إن مصر قدمت مقترحا جديدًا يشمل ملء سد النهضة خلال
فترة تتراوح بين 12 و21 عامًا.
ونفت
مصر هذه المزاعم، وقالت في بيانها "عكس ما ورد في بيان وزارة الخارجية الأثيوبية
الذي زعم أن مصر طلبت ملء سد النهضة في فترة تمتد من 12 إلى 21 سنة، فإن مصر لم تُحدد
عدد من السنوات لملء سد النهضة".
ووسط
هذا التراشق والتصعيد، لم يعد أمام الأطراف الثلاثة سوى حضور اجتماع في وزارة الخزانة
الأمريكية لوزراء الخارجية والري من الدول الثلاثة في 13 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وإذا
لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسيتم الاستناد إلى المادة العاشرة من إعلان المبادئ الموقع
بين الدول الثلاثة بشأن السد، عام 2015.
وتعطي
هذه المادة الحق للأطراف المعنية في طلب الوساطة، وهو مطلب مصري متكرر، أو إحالة الأمر
إلى الرؤساء لبحث أي خلاف.
"هل
تتربص إثيوبيا بمصر؟"
من
جهته اتهم مساعد وزير الخارجية الأسبق جمال بيومي إثيوبيا بالتعنت وموقفها بالمغلوط،
قائلا: "هناك تربص إثيوبي بمصر منذ زمن بعيد، وموقفها يتصف بالعند، ولا يستند
لحق فني أو سياسي"، مشيرا إلى أن "هناك مواقف تاريخية تؤكد ذلك منذ 14 قرنا".
وأوضح
لـ"عربي21": "لم يعد أمام الطرفين سوى التدخل الأمريكي، بما تملكه من
قوة وسلطة، كما حدث بين مصر وإسرائيل في عهد السادات"، مشيرا إلى أن "الكرة
الآن في الملعب الأثيوبي، وأمريكا قد تساعد في الوصول لحل".
وأكد
أن "إثيوبيا تراوغ من المفاوضات، وتماطل وتغالط، وجميع تصرفاتها لا تنم عن وجود
أي صداقة أو حتى مجاملة رغم كل الترضية المصرية بزيارة الرئيس، وقسم رئيس وزرائها بعدم
المساس بحقوق مصر المائية".
وأعرب
مساعد وزير الخارجية الأسبق عن اعتقاده بأن مياه النيل وفيرة، وتكفي الجميع، و"إثيوبيا
لن تستخدمها في الري إنما في توليد الكهرباء؛ لأن كمية الأمطار عليها أكبر من أن تستغلها
في الري، وكافية ولكنها ترفض أي اقتراحات مصرية لمجرد الرفض".
"إثيوبيا تهدر
فرصة تاريخية"
من
جهته قال رئيس حزب الكرامة المصري، محمد سامي، إن "الخطوة المتوقعة التي ينتظرها
الرأي العام المصري، هي التصعيد المسؤول، أي الانتقال إلى مرحلة الوساطة المتمثلة في
الولايات المتحدة، أو محكمة العدل الدولية، ولكن تتطلب التحلي بالصبر كمفاوضات طابا".
ولكنه
في تصريحات لـ"عربي21" أعرب عن شكوكه حيال الإدارة الأمريكية، قائلا:
"لست واثقا في الموقف الأمريكي، لكن التلويح باستخدام القوة أمر غير مجد في أي
فترة".
واستبعد
أن يكون المفاوض المصري مسؤولا عن فشل المفاوضات لأن الإدارة المصرية "كانت إدارة
مسؤولة وهادئة ودقيقة على المستوى الفني والدبلوماسي"، مشيرا إلى أن "إثيوبيا
أهدرت فرصة تاريخية للتوصل لاتفاق مع مصر".
ورغم
ما أثاره البيان المصري من قلق بسبب لغته الغاضبة والحادة، أكد سامي أن "البيان
جاء بمثابة مكاشفة ومصارحة مع الرأي العام المصري حيال نتائج المفاوضات مع الجانب الإثيوبي،
على الرغم من التمهيد الإعلامي أثناء المفاوضات الأخيرة بقرب التوصل لاتفاق".
وتخشى
مصر من تأثير "كارثي" محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل،
البالغة 55 مليار متر مكعب، في حال عدم التوافق على سنوات ملء خزان السد.
اقرأ أيضا: مصر وإثيوبيا تختتمان اجتماعات سد النهضة "دون توافق"