في خطوة مثيرة للجدل؛ حصنت الحكومة
المصرية صندوق مصر السيادي، الذي يمنح رئيس سلطة الانقلاب
عبد الفتاح
السيسي، صلاحيات واسعة في نقل أصول الدولة وبيعها والتصرف بها، من طعن أو
اعتراض المواطنين.
ووافق مجلس الوزراء المصري، الخميس، على مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون
177 لسنة 2018 الذي ينشئ الصندوق السيادي وتنص على:
منع المواطنين من الطعن على نقل ملكية الأصول من جهات الدولة إلى الصندوق.
يقتصر حق الطعن بحسب مشروع القانون إلى الجهة المالكة للأصل أو الصندوق.
لا يحق رفع الدعاوى ببطلان العقود إلا من أطراف التعاقد.
ووصف مسؤولون سابقون وخبراء، في تصريحات لـ"عربي21"، تلك الخطوة
بالخطيرة والمثيرة للقلق، وتؤشر على أن النظام المصري ينتوي استغلال
تحصين صندوق مصر
السيادي والتصرف في أملاك المصريين، دون الحق في اعتراضهم أو ممانعتهم.
ويبلغ رأس مال الصندوق 200 مليار جنيه (12.5) مليار دولار، والمدفوع 5 مليارات
جنيه (312 مليون دولار) فقط، مع الإشارة إلى أن مصر لا تملك أي فوائض مالية أو ثروات
كبيرة لاستغلالها، ودائما ما يصفها السيسي بأنها "فقيرة أوي".
في تموز/ يوليو 2018، أقر البرلمان المصري مشروع قانون إنشاء الصندوق السيادي،
الذي أعلنت عنه الحكومة في نيسان/ أبريل 2018؛ بهدف استغلال أصول الدولة، والتعاون
مع المؤسسات والصناديق العربية والدولية.
وتعد الكلمة الأخيرة في نقل أصول وأملاك الدولة لرئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، إذ ينص القانون على أن نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة
إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها، يكون بقرار منه.
وفي كلمته على هامش افتتاح بعض المشروعات، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي،
توقع السيسي أن يصل حجم الصندوق لأرقام غير مسبوقة، مشيرا إلى أن أرقام الصندوق ستبلغ
عدة تريليونات من الجنيهات.
"نهب
أموال الشعب"
واتهم وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق، عمرو دراج، نظام السيسي بسرقة
أموال الشعب المصري من خلال إطلاق يده في بيع ونقل ما يشاء، وقال: "الأمر واضح،
السيسي يريد سرقة ما تبقى من أصول الدولة، لوضعها فيما يسمى بالصندوق السيادي دون مساءلة".
وفي تصريح لـ"عربي21"، أكد دراج أن هذا الأمر "سيتيح للسيسي
أمرين مهمين، الأول الاستمرار في الاقتراض بضمان هذه الأصول لتمويل المشاريع الفاشلة
وعمليات النهب والفساد، والثاني بيع الأصول في مرحلة لاحقة دون رقابة أو حساب".
ولكنه أشار إلى إمكانية إسقاط هذه المادة من خلال القضاء باعتبارها مادة غير
دستورية في حال وجد قضاء نزيه ومحايد، قائلا: "هذه المادة دون شك غير دستورية؛
حيث تحصن عمليات نهب المال دون رقابه، لكن في عصر السيسي لا يوجد مع الأسف قضاء يمكن
أن نعول عليه في تقييد جموح الحاكم المستبد الفاسد ومن معه من طغمة حاكمة".
تفصيل قوانين "عدم المساءلة"
ووصف الخبير الاقتصادي، ورئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات
الدولية باسطنبول، أحمد ذكر الله، قرار الحكومة الأخير "بالهروب من المسؤولية،
وعدم الوقوف أمام الشعب للمساءلة والمحاسبة على إهدار أملاكهم".
وأضاف لـ"عربي21": "نظام السيسي يحاول أن يتخارج ويبتعد ما
أمكن عن أية مساءلة ومراقبة ومحاسبة؛ بمعنى أن مجمل القوانين والقرارات التي صدرت بشأن
القطاع الاقتصادي في مصر بداية من عام 2014 وحتى الآن، كلها تسهل الابتعاد عن الشفافية
والرقابة والمحاسبة".
ودلل على ذلك بقرار الحكومة الأخير الخاص بتعديل قانون صندوق مصر السيادي.