هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف
اقتصاديون مصريون، أن السبب وراء لجوء نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح
السيسي، لنظام الصكوك الإسلامية، يأتي ضمن خطة موسعة لتوفير مصادر اقتراض جديدة،
بعد تفاقم الدين العام المصري، وتواصل خسائر البورصة على مدار العام، وكذلك تراجع
عدد المقرضين بدول الخليج، ومؤسسات التمويل الدولي.
وحسب
الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن الاعتماد على الصكوك الإسلامية،
كنظام تمويلي تأخر كثيرا، وأنه في ظل ارتفاع الدين العام، وطريقة إدارة السياسة النقدية
والمالية، فإن الصكوك لن تقدم حلا سحريا، أو علاجا سريعا لأزمات الاقتصاد المصري.
وكان
وزير المالية، محمد معيط، قد أكد لوكالة "رويترز"، قبل أيام، أن بلاده
تدرس التقدم بثلاثة طروح سندات في الجزء المتبقي من السنة المالية الحالية
2019/2020، وهي سندات خضراء وصكوك، وذات عائد متغير، مشيرا إلى أن أدوات الدين
الحكومية شهدت نزوحا صافيا بلغ 12 مليار دولار، خلال الفترة من أيلول/ سبتمبر،
وحتى كانون الأول/ ديسمبر 2018، في ظل أزمة الأسواق الناشئة، لكن أعقبه تدفق من 8
إلى 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام الجاري.
وكانت
الوزارة أعلنت في تموز/ يوليو الماضي، أنها ستطرح صكوك إسلامية دولية على سبيل
التجربة، بقيمة تتراوح بين 1 و 1.5 مليار دولار، على أن يقوم مصرف أبو ظبي
الإسلامي، بإلإشراف عليها وإدارتها، لقياس مدى إقبال المستثمرين الأجانب
والمحليين، على الصكوك كأداة تمويلية جديدة.
بدائل
تمويلية
من
جانبه يؤكد خبير الاقتصاد المصري، علاء السيد لـ "عربي21"، أن الصكوك
الإسلامية لن تقدم جديدا للاقتصاد المصري، الذي يعاني من تفاقم الديون الداخلية
والخارجية، وهو ما جعل مصر ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم في
تدوير الديون، كما أنها تحتل المركز الثاني في القائمة العربية بعد المملكة
العربية السعودية.
ويشير
السيد إلى أن الأزمة ليست في الصكوك الإسلامية، لأنها أداة تمويل جيدة ومضمونة، ولكن
الأزمة في سبب لجوء نظام الانقلاب لها في هذا التوقيت، حيث يريد النظام من خلالها
فتح أبواب جديدة من المُقرِضين الجدد، الذين يمكن استغلالهم في سداد الأقساط
الشهرية والنصف سنوية، المستحقة على مصر، للمقرضين والممولين المحليين والدوليين.
ووفق
الخبير الاقتصادي، فإن السياسة النقدية والمالية التي يعتمد عليها النظام المصري،
هو الاقتراض من أجل السداد، وليس الاقتراض من أجل الإنتاج، والإنتاج من أجل
السداد، وهو ما تؤكده الأرقام المتعلقة بسداد خدمة الديون المستحقة على مصر، حيث
تقوم الحكومة باستغلال نسبة تتراوح من 83 إلى 85%، من كل قرض جديد، لسداد
استحقاقات القروض السابقة، أما النسبة المتبقية والتي تترواح من 15 إلى 17%، فمن
المفترض أنها تذهب للمشروعات التنموية، ولكن هذا لا يحدث على الإطلاق.
ويضيف
السيد قائلا:" الممولون الدوليون ينظرون بقلق للاقتصاد المصري، نتيجة تفاقم
معدلات الاقتراض التي أخذت أشكالا عديدة، ولذلك فكر نظام الإنقلاب في الصكوك
الإسلامية، كوسيلة تمويل جديدة، يمكن أن تفتح الباب أمام مقرضين جدد، كانوا
ممتنعين عن الدخول في السوق المصري".
وينهي
السيد حديثه لـ "عربي21"، بالتأكيد على أن الطبيعة التي يعمل بها
الاقتصاد المصري، لن تترك فرصة للصكوك الإسلامية من أجل تطوير وإنعاش الأداء
الاقتصادي والمالي، سواء في البورصة أو من خلال المساهمة في مجالات التنمية
المستدامة.
اقرأ أيضا: هل تنقذ مبادرة البنك المركزي المصري ركود العقارات؟
تعويض
لأموال الخليج
ويؤكد
الباحث والخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، لـ "عربي21"، أن "نظام
الصكوك الإسلامية، شهد عدة مراحل في مصر، كانت بدايتها فترة حكم الرئيس الراحل
محمد مرسي، عندما أقر مجلس الشورى قانون الصكوك الإسلامية، ولكن القانون تم إلغاؤه
بعد الإنقلاب العسكري بأسابيع، لاعتبارات سياسية وليست اقتصادية، ثم تم تعديل
قانون هيئة سوق المال، لضم نظام الصكوك كنظام تمويلي جديد لهيئة سوق المال".
ويشير
الصاوي إلى أن "نظام السيسي، بعد أكثر من 6 سنوات على الانقلاب، يحاول
استخدام الصكوك كوسيلة تمويل جديدة وجاذبة، بهدف تقليل أعباء الديون التي ورط فيها
مصر، كما أنه يريد استغلال الصكوك في تعويض الأموال التي كانت تأتي من دول الخليج
في بداية الانقلاب، ولكنها توقفت بعد ذلك لعدة أسباب، منها انخفاض أسعار البترول،
وحرب اليمن التي مولتها السعودية".
وحسب
الخبير الاقتصادي، فإن "البورصة المصرية تمر بأسوأ مراحلها، وهناك عزوف واضح
من المستثمرين في شراء الأسهم التي طرحتها الحكومة لشركات المملوكة للدولة، خلال
الأشهر الماضية، كما أن الأموال الساخنة التي أنعشت خزانة الدولة، فيما يتعلق
بالتداول في أذون الخزانة، بدأت تبحث عن أسواق بديلة لمصر، ولذلك جاءت خطوة الاستعانة
بالصكوك، لإنعاش البورصة، وتوفير سيولة في السوق المصري".
ويضيف
الصاوي قائلا: "الأرقام الرسمية تقول إن الدين الخارجي أصبح 108 مليارات دولار،
ونسبة الدين العام بالنسبة للناتج الإجمالي المحلي 124%، وفوائد الديون بموازنة
2019/ 2020، وصلت إلى 569 مليار جنيه (35.5 مليار دولار)، وهو ما جعل الحكومة تبحث
عن أي وسيلة تساعدها في تجاوز هذه الأزمة، التي تدمر الاقتصاد المصري".