شهد العام 2019 جولات عديدة بين
المعارضة
المصرية بأطيافها، بداية من جماعة الإخوان المسلمين وحتى المعارضة المدنية، وبين النظام
العسكري الحاكم، لم تنجح جميعها بتحريك المياه الراكدة، بل إن النظام زاد عملياته الأمنية
بحق المعارضين، لتشمل إلى جانب أنصار "الإخوان" رموز المعارضة المدنية، وتيار
اليسار، ومؤيدين سابقين للانقلاب.
والشاهد الغالب على العام المنصرم؛ هو غياب
حراك المعارضة بالشارع المصري، على الرغم من مواصلة النظام إصداره عشرات أحكام المؤبد
والإعدام بحق المعتقلين، وإعدام 26 شخصا على الأقل في 6 قضايا بداية من شباط/ فبراير
وحتى الخميس الماضي، الذي شهد إعدام 3 مصريين.
ولم تنجح المعارضة بكل أطيافها وتوجهاتها
أيضا بوقف إجراءات النظام نحو التمكين لرئاسة عبدالفتاح السيسي بالحكم حتى 2030، عبر
استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية التي ضاعفت صلاحيات السيسي.
وعلى غير المتوقع من جماعة الإخوان المسلمين، جاء رد فعلها باهتا، إزاء وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي في 17 حزيران/ يونيو الماضي، في أثناء محاكمته، ما اعتبره البعض حينها فشلا ذريعا للمعارضة المصرية.
وعلى المنوال ذاته، لم تتمكن المعارضة المدنية
أيضا من تفعيل أدواتها، وتواصلت معاركها الجانبية، بل إن حالة القمع الأمني طالت عددا
من رموزها، التي كان أهمها "خلية الأمل"، حيث اعتقل تحت هذا المسمى عشرات
الناشطين فجر يومَي 25 و26 حزيران/ يونيو الماضي.
إلا أن ظهور الفنان والمقاول محمد علي بالمشهد، في أيلول/ سبتمبر الماضي، كان له وقع آخر، عبر مقاطع فيديو كشفت حجم الفساد
بالمؤسسة العسكرية، وحالة البذخ الشديد التي يعيشها رأس النظام، وبناء عدد كبير من القصور
والاستراحات الرئاسية.
ورغم غياب دور المعارضة بشكل مباشر، إلا
أن آلاف المصريين غير المصنفين تحت أي تيارات خرجوا للتظاهر يوم الجمعة 20 أيلول/
سبتمبر الماضي، وعلى مدار أسبوعين متتاليين بالقاهرة وعدة محافظات مصرية، بينها الصعيد
لأول مرة، إلا أنه سرعان ما خفتت تلك الشعلة بفعل البطش الأمني للنظام، واعتقال أكثر
من 4 آلاف متظاهر.
"خسر كثيرا من مؤيديه"
وقطع أحد رموز المعارضة المدنية، الناشط
السياسي سمير عليش، بأن النظام هو من خسر جولة العام 2019، مرجعا السبب بأنه
"لم يستطع أن يخمد المعارضة، بل المعارضة نزلت الشارع في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي".
عليش أضاف في حديثه لـ"عربي21"
أنه "إثر حديث الفساد الذي أعلن عنه محمد علي، ورد السيد الرئيس عليه: أيوة ببني وهابني وهابني (سأبني)؛ اضطر النظام للتراجع بتوسيع دائرة مستحقي الدعم".
وأشار السياسي المصري إلى أنه "فضلا عن
ذلك، فقد قام النظام بتغيير نظري لسياساته الإعلامية، كما بدا واضحا في حديث رئيس البرلمان
علي عبدالعال حول متابعة قرارات الحكومة".
وأكد أن النظام اضطر أيضا لتصعيد الضربات، لتنال نخبة النخب، مثل الدكتور حسن نافعة، والدكتور حازم حسني؛ فخسر أكثر"، معتبرا
أن كل ما سبق يدفعه للقول بأن "النظام خسر كثيرا من مؤيديه في 2019".
"انتصار النقاط وليس الضربة القاضية"
من جانبه، يؤكد عضو المكتب التنفيذي للمجلس
الثوري المصري، الدكتور محمد صلاح حسين، أن الثوار سجلوا عددا من النقاط في عام
2019، وأضاف لـ"عربي21": "إن ازدياد حالة الاحتقان الشعبي، بالإضافة
لعدم استسلام الثوار بالخارج والداخل، والإصرار على إزاحة النظام، وتحرير المعتقلين
ومصر كلها من حكم العسكر، واسترداد مقدرات المصريين؛ هي نقاط تحسب للثوار ومناهضي الانقلاب".
ويرى أن "تزامن تلك الحالة مع الفشل
المستمر لمنظومة الانقلاب لهو أصدق دليل كسب الثوار نقاطا عديدة بالمعركة ضد نظام
خسر الكثير من كتلته الصلبة والشعبية، والدليل على ذلك التغيرات التي طالت الإدارات
الإعلامية للنظام مؤخرا، وحالة الرعب من نزول عدة آلاف للشارع في20 أيلول/ سبتمبر الماضي".
وأوضح حسين، أن "الفشل المستمر لمنظومة
الانقلاب بتوفير حياة كريمة للمصريين، بالإضافة لآلة القمع الشديدة المسيطرة على الشعب،
مع فضح جرائم النظام بإهدار المال العام بمشاريع لا طائل منها ولا ربحية لها؛ أدى للفشل
الاقتصادي الكامل، وجعل مصر دولة فاشلة".
وقال السياسي المصري إن "كل هذه الأمور يكشفها
الثوار بمواقع التواصل، والفضائيات المختلفة، وأصبح هذا النبض ملموسا بالداخل بصورة
جيدة، وتجد كثيرا من الكتلة الصلبة انسحبت من مساندة نظام الطاغية".
وأضاف: "وعليه، نستطيع القول إن
"الثوار بالخارج والداخل كسبوا الكثير من النقاط، بينما خسرت منظومة الانقلاب
عددا أكثر منها، وسنرى حتما انهيار منظومته بالقريب العاجل".