هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن مقتل زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، قائلة إن "الخليفة" مات، لكن جماعته الجهادية المتطرفة لا تزال على قيد الحياة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "ما أطلق عليها الخلافة، التي امتدت في سوريا والعراق، وعدت أتباعها بالمعركة النهائية، وتوقع الدعائيون من التنظيم المعركة الفاصلة التي ستهزم فيها جيوش الصليبية، وتؤدي إلى القيامة، وولادة نظام جديد، إلا أن الرجل الذي كان من المفترض أن يقود المعركة ونصب نفسه خليفة، وهو أبو بكر البغدادي، فجر نفسه بدلا من ذلك في نفق يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر مع ولديه".
وتقول المجلة إن "انتحاره ليتجنب اعتقال الأمريكيين له يشكل نهاية مرحلة، فجماعته سيطرت ذات مرة على منطقة تعدل مساحتها بريطانيا، وعاش فيها ملايين من السوريين والعراقيين، وخسر التنظيم هذا كله بسبب الغارات الأمريكية القوية والدعم للقوات العراقية والمليشيات السورية، واكتملت الهزيمة اليوم بخسارة الزعيم".
ويجد التقرير أنه "مع هذا كله فإن هذه ليست هي النهاية، فلا يزال التنظيم موجودا بصفته جماعة تمرد تقوم بهجمات على مستويات متدنية في أجزاء من العراق وسوريا، ويقوم بالضغط على المدنيين لدعم عملياته، ولديه فروع أو (ولايات) حول العالم، ومع أنه لن يحاول السيطرة على مناطقة مرة ثانية، لكنه سيظل تهديدا، بالإضافة إلى أن الظروف التي أدت إلى ولادته، الفساد والطائفية وعجز الحكومات التي تستغل الفقراء والناس المهمشين، لم تنته بل زادت وتحولت للأسوأ".
وتلفت المجلة إلى أن "البغدادي بقي منعزلا بعد صعوده الشهير على منبر المسجد في الموصل عام 2014، لكنه اختفى عن الأنظار طوال الخمسة أعوام اللاحقة، ولم تكن الجاذبية القيادية مهمة مثل الطموح، بل اعتقد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أنه من الباكر على الحركات الجهادية التفكير في الخلافة، لكن البغدادي، الذي استفاد من الفوضى في سوريا، جعل من جماعته قوية لدرجة أنها جذبت الآلاف من الأتباع الذي تدفقوا إلى سوريا من أنحاء العالم كله".
ويذهب التقرير إلى أن "وفاته ربما عرقلت عمل التنظيم، لكن ليس لمدة طويلة، ففي كتاب سيصدر قريبا قامت فيه الباحثة جينا جوردان من معهد جورجيا للتكنولوجيا، بدراسة ألف حالة تتعلق بقتل واعتقال قادة جماعات إرهابية، وحددت في دراستها ثلاثة عوامل تساعد على استمرار التنظيمات بعد وفاة القيادات: مستويات البيروقراطية داخلها، وقدرتها للحصول على المصادر المحلية، وحماستها الأيديولوجية، وهي عوامل لا تعتمد بالضرورة على زعيم واحد".
وتنوه المجلة إلى أن "تنظيم الدولة تتوفر فيه العوامل الثلاثة، من ناحية احتفاظه بسجلات دقيقة الأسلوب، الأمر الذي نقله إلى جماعاته الدولية، بحيث يمكن لكل واحدة استخدام هذا الأسلوب بطريقة مستقلة، ورغم فقدان التنظيم موارده اليومية (مليون دولار) من النفط العراقي والسوري، إلا أنه لديه جيوبه التي يعتمد عليها، خاصة بين السنة الساخطين من نظام بشار الأسد، ومع ملء قوات النظام الفراغ الذي تركته القوات الأمريكية فإن الصدى الأيديولوجي سيتردد بعيدا عن مقتل البغدادي، ونتيجة لذلك، (يجب أن يختار في النهاية خليفة بسهولة ويتعافى بسرعة)، كما تقول جوردان، وبالتأكيد أثبتت الدولة الإسلامية إصرارها قبل صعود البغدادي وبعد مقتل زعيمين لها في غارات أمريكية عام 2006 و2010".
ويجد التقرير أن "القيادة الجديدة للتنظيم مهما كان شكلها فهي راغبة بإعادة البناء، وهذا واضح من مقتل البغدادي في إدلب البعيدة عن مناطقه في شمال شرق سوريا وغرب العراق، ومن الناحية النظرية فهي منطقة معادية يحلق فوقها الطيران الروسي والسوري بشكل مستمر، وتسيطر على الأرض هيئة تحرير الشام، الجماعة التي أعلنت عن فض علاقتها مع تنظيم القاعدة.
وتستدرك المجلة بأن "هناك جماعة حراس الدين، التي لا تزال موالية لتنظيم القاعدة، وعثر على البغدادي في بيت زعيمها، وهناك من أشار إلى أن زعيم حراس الدين كان عميلا، لكن العديد من الخبراء يثيرون احتمالًا آخر مثيرا للاهتمام، هو أن وجوده في إدلب يعني أن البغدادي ربما كان يبحث عن طرق للتصالح مع تنظيم القاعدة، الذي انفصل عنه في عام 2013، ولو حصل هذا السيناريو فإنه سيسبب صداعا لوكالات مكافحة الإرهاب الدولية".
ويشير التقرير إلى أن "للتنظيم حضورا أبعد من سوريا والعراق، ولا تزال فروعه تهديدا، رغم توقف وتيرة الهجمات منذ العام الماضي، ففرع التنظيم في شرق أفغانستان (ولاية خراسان) قام بعمليات انتحارية عام 2018 أكثر من حركة طالبان، رغم خسارته أكثر من 50 قياديا بارزا خلال السنوات الماضية، وأصبح فرع التنظيم في نيجيريا قويا بعد انفصاله عن بوكو حرام، ومنذ عام 2018 سجل 11 هجوما انتحاريا في إندونيسيا و6 في الفلبين".
وتفيد المجلة بأن "تركيا تخشى أن تكون هدفا للتنظيم، فقد أشار وزير الداخلية هذا الربيع إلى أن نشاطات التنظيم زادت عن الثلاث السنوات الماضية، وقال مسؤول أمني إن قادة التنظيم سيصبحون أكثر يأسا وإلحاحا للقيام بهجمات كلما فشلت محاولاتهم، وجرت حملة اعتقالات بعد أيام من مقتل البغدادي، بينهم ثلاثة أشخاص متهمون بالتخطيط لضرب اسطنبول في 29 تشرين الأول/ أكتوبر".
ويستدرك التقرير بأن "وجود البغدادي في قرية ليست بعيدة عن الحدود التركية، ومقتل المتحدث باسم التنظيم أبي حسن المهاجر في المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها تركيا يشيران إلى خلل أمني".
وتجد المجلة أنه "رغم شكر ترامب تركيا على دورها في مقتل البغدادي، إلا أن هناك تصريحات غامضة جاءت من أنقرة، وقال مصدر مقرب من الجيش التركي إنه لم يحدث لا تعاون استخباراتي أو عسكري في العملية، وأخبر الأمريكيون الجيش التركي بالعملية لتجنب المواجهة معه، وبدأت القوات الخاصة مهمتها من شمال العراق بدلا من القاعدة التركية في الجنوب، وهو ما يعد إشارة إلى العلاقة الباردة بين الدولتين".
ويشير التقرير إلى أن "العملية جاءت بعد أسابيع من قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، فاتحا الباب أمام التوغل التركي ضد قوات حماية الشعب، وترك تركيا وروسيا ونظام الأسد لترسيم المنطقة، وقرر ترامب التراجع عن قراره وإن بشكل جزئي، فقال إنه سيحتفظ بقوات لحماية آبار النفط ولمنع الأسد من الاستفادة منها، وهو قرار يطرح الكثير من الإشكاليات القانونية والاستراتيجية".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "إرث ترامب في المنطقة هو الارتباك وليس عملية ناجحة لقتل زعيم الدولة، فالمهمة الأمريكية في الشرق الأوسط اعتمدت على قوات أمريكية وتحالفات، وعندما يبدأ خليفة البغدادي بالعمل فلن تكون أمريكا مهيأة للتعامل معه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)