هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تنطلق الأربعاء، أعمال اللجنة الدستورية في مدينة جنيف السويسرية، التي تسجل وبدعم دولي صفحة جديدة في مسار الحل السياسي، والبدء بتشكيل دستور جديد للبلاد التي شهدت حربا على مدار ثماني سنوات.
وتتجه الأنظار إلى الاجتماع الأول لأعضاء اللجنة الدستورية، التي استغرقت نحو عامين لتشكيلها، ما بين آمال السوريين للانطلاق بعهد جديد، وتخوفات مشروعة.
وتتألف اللجنة من هيئة موسعة تضم 150 عضوا، عين النظام والمعارضة الثلثين مناصفة، بينما اختار المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الثلث الأخير من المثقفين ومندوبي منظمات المجتمع المدني السوري.
وفي السياق ذاته، قال الكاتب التركي، سيدات إرجين، إن تشكيل اللجنة الدستورية والتي ستبدأ نشاطاتها اليوم برعاية الأمم المتحدة تعد الخطوة الأكثر قيمة في مسار إيجاد الحل السلمي للأزمة السورية في عامها التاسع.
وأضاف في مقال على صحيفة "حرييت"، وترجمته "عربي21"، أنه "على الرغم من سعادتنا، بأن يجتمع المتخاصمون لأول مرة على طاولة مسار الحل السلمي، ولكن يجب علينا أن نكون واقعيين، ولا نتفاءل كثيرا، في ظل كارثة إنسانية أدت إلى مقتل حوالي نصف مليون شخص، وهجرة نحو 605 ملايين وأكثر من بلادهم".
اقرأ أيضا: "الدستورية السورية" تنفي استلام "مسودة" قبل اجتماعات جنيف
وأشار إلى أن السبب الرئيس بعقد الاجتماع بعد نحو عامين، هو عدم التوافق على الأسماء التي أقرتها الأمم المتحدة، التي تتكون من ائتلاف من خبراء سوريين وممثلين عن المجتمع المدني، وزعماء قبائل مستقلين.
ولفت إلى أن الدول الثلاث الضامنة تركيا وروسيا وإيران، شاركت عن كثب في إعداد القائمة، التي كانت عملية مرهقة، وسط محاولات من دول غربية التدخل في تشكيلها، كما أن هناك تحفظات على بعض الأسماء، فعلى سبيل المثال توقفت أنقرة على بعض منها، لأنها كانت قريبة من النظام السوري.
ونوه إلى أنه إذا كان إعداد القائمة الثالثة من أعضاء اللجنة الدستورية، استغرق نحو عامين، فالتساؤل يكمن بأنه كم من الوقت سيستغرق إعداد دستور جديد من اللجنة؟
وتابع بأن الجمعية العامة للجنة الدستورية تتألف من 150 عضوا، فيما ستتولى "لجنة الكتابة" وهي لجنة مصغرة داخلها، يشارك فيها 15 شخصا من القوائم الثلاث في صياغة الدستور الجديد، الذي سيعرض بعد ذلك على جميع أعضاء اللجنة الدستوية.
والتحدي أيضا، بأنه يستوجب موافقة 34 شخصا من أصل 45 عضوا من اللجنة المصغرة أيضا على أي تعديل أو قانون، وفي هذه الحالة يصعب التوصل لاتفاق بسبب الخلاف المتوقع بين المعارضة والنظام داخلها.
وبعد موافقة اللجنة المصغرة، فبحسب بنود الاتفاق، يلزم إقرار نص الدستور موافقة 75 بالمئة من أعضاء اللجنة الدستورية ككل، ما يعني موافقة 113 عضوا من أصل 150.
اقرأ أيضا: قبيل انعقادها.. المعارضة متخوفة من عرقلة النظام للجنة الدستور
وأوضح أنه من الناحية النظرية، قد تتفق قائمة النظام السوري مع "القائمة الثالثة" التي عينتها الأمم المتحدة، إلا أن ذلك يلزم أيضا تحصيل عدد معين من أصوات المعارضة، والعكس الصحيح، في حال اتفقت قائمة المعارضة مع "القائمة الثالثة"، فلن يكون من الصعب على قائمة النظام منعها.
وشدد على أنه لا يبدو واقعيا انتظار حل من اللجنة وحدها، والأمر منوط بدور الدول الضامنة المهيمنة على المشهد السوري، الذي ينعكس على فاعلية اللجنة الدستورية.
وأشار إلى أنه لايمكن التنبؤ بأن نشهد تقاربا بين أطراف أستانا الثلاث حول عمل اللجنة الدستورية، لافتا إلى أن التطورات العسكرية الميدانية، ستؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات في جنيف.
ونوه إلى أن هناك عائقا جديدا، وهو سعي الولايات المتحدة التي تريد أن يكون لها موطئ قدم في حقول النفط، وكذلك السعودية، ليكون لهما دور في المعادلة السورية.
يشار إلى أن تشكيل اللجنة الدستورية تم في مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي نهاية كانون الثاني/ يناير 2018، حيث أقرتها الدول الضامنة الثلاث لمسار أستانا، وهي تركيا وروسيا وإيران.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، تشكيل اللجنة، ضمن جهود متواصلة لإنهاء الحرب المستمرة منذ 2011.
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي، ياسر النجار، إن هناك عديد من المواقف تسجل حول تشكيل اللجنة الدستورية، أولها هو موقف المواطن السوري الذي لم تكن قضيته تتعلق بالدستور.
وأضاف النجار في حديثه لـ"عربي21"، أن سوريا عاشت قرابة خمسة عهود بعيدا عن تطبيق الدستور، تحت مظلة قانون الطوارئ، لذلك لا يرى المواطن السوري بالدستور، بل بمن يطبقه.
اقرأ أيضا: النظام السوري يعتقل عضوا في اللجنة الدستورية
الموقف الثاني، بحسب النجار، أن هناك العديد من المواقف من النخب التي وقفت ضد تشكيل اللجنة الدستورية، أو اعتبارها أنها انجاز أو نجاح، كما أن السوريين لا ينظرون لها أنها إنصاف لهم في ثورتهم.
ولفت إلى أن روسيا كدولة ضامنة، ساهمت بصياغة القرارات الدولية بخصوص الملف السوري، 2254 الذي يعد البوصلة لتشكيل اللجنة الدستورية، والقرار الأممي 2218، أرادت خلط الأوراق التراتبية التي صاغتها القرارات، وتشكيل حكم انتقالي، وإيجاد بيئة آمنة، وتشكيل ما يعرف بلجنة دستورية، بحيث تكون هي مرجعية الخريطة سياسية بمسار سوتشي، إلا أنها فشلت بذلك من خلال الضغط الدولي.
وأشار إلى أن إيران ترى أن تشكيل اللجنة الدستورية ليس لصالحها، بسبب مراهنتها بدعم رئيس النظام بشار الأسد، بالبقاء بالحكم، وهي لا تريد ان تجد نفسها خارج إطار منطقة النفوذ التي رسمت لها بسوريا، لذلك هي تدعم مسار الحسم العسكري.
ونوه إلى أن اللجنة الدستورية ليس لديها مرجعية قانونية، ولا تمتلك أدوات تنفيذ واضحة، كما أن النظام يستطيع تعطيل مسارها، وهو يرغب بأن يكون هو المرجعية القانونية من خلال برلمانه.