هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تحقيق أجرته شبكة "سي أن أن" الإخبارية عن "فوضى"
باليمن، جراء وصول أسلحة أمريكية الصنع لأيدي مختلف الميليشيات المتصارعة، لا سيما
تلك التي تحارب الحكومة الشرعية.
ويأتي التحقيق بناء على نتائج سابقة، كشفت عنها
الشبكة الأمريكية في شباط/ فبراير الماضي، مفادها أن السعودية والإمارات حولتا
اليمن إلى سوق سوداء للسلاح الأمريكي، بشكل يخالف القوانين الدولية لبيع الأسلحة،
لتصل في نهاية المطاف إلى أيدي متطرفين قريبين من تنظيم القاعدة، فضلا عن الحوثيين.
وبحسب تقرير بنتائج التحقيق الجديد، ترجمته
"عربي21"، فإن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، التي تحمل سلاحا
أمريكيا بدعم من السعودية، تجد نفسها اليوم أمام انفصاليين جنوبيين، يحملون سلاحا
أمريكيا أيضا، مررته لهم الإمارات، الحليفة الأخرى لواشنطن.
ويشير التقرير إلى أن ما كشفت عنه الشبكة في شباط/
فبراير دفع البنتاغون إلى إعلان إجراء تحقيق بالأمر، ولكن بعد مرور نصف عام فإن
المشهد يبدو أكثر فوضوية.
ولفت التقرير إلى أن تصاعد التمرد الجنوبي بدعم
إماراتي، في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس الماضيين، تسبب بعودة ظهور تنظيم الدولة على
الساحة اليمنية، عبر تبنيه سلسلة هجمات، هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عام، ما
يبعث بإشارات مقلقة إزاء انتعاش المتطرفين في غمرة الصراع.
اقرأ أيضا: "CNN": السعودية سربت أسلحة أمريكية إلى القاعدة باليمن
وفي تعليق على الكشف عن استخدام الانفصاليين
المدعومين إماراتيا أسلحة أمريكية، بحسب التقرير، قالت المرشحة الرئاسية
والسيناتور عن الحزب الديمقراطي، إليزابيث وارن، إنه من المقلق سماع أن معدات
عسكرية أمريكي باتت "بأيدي أعدائنا"، ولكن أن يثبت هذا الأمر تقريران
اثنان فإن الأمر يصبح
خطيرا.
وأضافت
"وارن" أنها تعتزم متابعة نتائج "سي أن أن" مع إدارة الرئيس
دونالد ترامب، مضيفة: "وزارتا الدفاع والخارجية لم تقدما إجابات لأسئلة
طرحتها في شباط (على خلفية التحقيق الأول)، وأعتزم ملاحقة الأمر".
انتهاكات لعقود التسليح
بالعمل مع صحفيين
محليين، تمكنت "سي أن أن" من تصوير عدد من العربات الأمريكية المضادة
للألغام، يقودها انفصاليون تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي.
إحدى تلك العربات كانت
من طراز "BAE Caiman"،
وتم تصويرها خلال معارك شبوة ضد القوات الحكومية، في آب/ أغسطس.
ووجد التحقيق أن هذه العربة، ومثلها الكثير من المعدات
وقطع السلاح، قد تسلمتها الإمارات من الولايات المتحدة بموجب صفقة تم
توقيعها عام 2014، بقيمة 2.5 مليار دولار.
وكانت تلك الصفقة، كما هو الحال مع غيرها،
بحسب التقرير، تتضمن أن الإمارات توافق على أن تكون هي المستخدم النهائي المرخص له
باستخدام لتلك الأسلحة، وهو ما يعني أن أبو ظبي قد خرقت العقد، كما يظهر في عدة
حالات، رغم تأكيد الإمارات لـ"سي أن أن"، بعد تحقيق شباط/ فبراير، أنه لم يحدث
أي انتهاك لشروط "المستخدم الأخير" بأي شكل من الأشكال.
وداخل العربة، توجد المزيد من الأدلة على الانتهاك، بحسب التقرير،
موضحا أن نظام التكييف فيها يضم رقما تسلسليا لشركة "ريل تايم
لابوراتوريز" الأمريكية، يشير إلى تصنيع القطعة بمنشأتها في ولاية ميسيسيبي.
ولدى سؤالها عما إذا كانت على علم بوصول تقنياتها إلى أيادٍ خاطئة في
اليمن، قالت الشركة لـ"سي أن أن" أنها زودت العربات العسكرية بمنتجها
عام 2010 كمتعاقد مع الحكومة الأمريكية، إلا أنها لا يمكنها التعليق على ما قد
تكون الأخيرة قد فعلته بالعربة.
بدورها، قالت متحدثة لشركة "BAE"،
المصنعة للعربة، إنها تتبع جميع القوانين والأنظمة المقيدة للتصدير في جميع الدول
التي تنشط فيها، مشيرة إلى ضرورة التواصل مع البنتاغون لمزيد من التوضيحات.
وأخيرا، فإن تعليق البنتاغون ورد على لسان
متحدثته، كارلا غليسون، التي أكدت أن تحقيقا مشتركا مع وزارة الخارجية بشأن عمليات
غير شرعية لنقل أسلحة باليمن "ما يزال جاريا".
ويُظهر أحد مقاطع
الفيديو المتعلقة بـ"لواء
العمالقة"، وهي ميليشيا مدعومة إماراتيا، يغلب عليها الطابع السلفي، استخدام
عناصرها عربة من طراز "MaxxPro MRAP" أمريكية الصنع، أثناء ما يعتقد أنها
معارك ضد الحكومة الشرعية.
اقرأ أيضا: هكذا تسعى الإمارات لشرعنة انقلاب المجلس الانتقالي في عدن
ورفض قادة "لواء
العمالقة" الحديث لـ"سي أن أن"، إلا أن مسؤولا إماراتيا كبيرا قال للشبكة في وقت سابق إن اللواء "جزء من القوات اليمنية" وتحت
"الإشراف المباشر" لدولة الإمارات، لكن تلك القوات انضمت الآن إلى
الانفصاليين.
وردا على أحدث الأدلة، قال مسؤول إماراتي: "لم تكن هناك حالات عندما تم استخدام معدات أمريكية
الصنع دون إشراف مباشر من الإمارات. باستثناء أربع سيارات استولى عليها
العدو".
بدورها، لم تستجب
الحكومة السعودية لطلب "سي أن أن" الحصول على تعليق على هذه المسألة.
ولا يتم دائما استخدام
الأسلحة الأمريكية مباشرة ضد حلفاء أمريكا في اليمن، ولكن وجودها يلعب أيضا في
الدعاية الإيرانية بالمنطقة.
أحدث مثال على ذلك،
بحسب التقرير، لقطات استخدمتها قناة لبنانية موالية لإيران، في إطار السردية
الداعمة لجماعة "الحوثي"، أظهرت مركبات مدرعة أمريكية الصنع يتم تفريغها
في ميناء يمني من سفن إماراتية.
وأضاف التقرير أن المطالبات للإدارة الأمريكية بوضع حد لمساهمة أسلحة
البلاد في تعميق أزمة اليمن الإنسانية تتزايد يوما بعد آخر، وسواء من داخل أروقة
واشنطن أو من خارجها.
ولفت إلى أن 100 رجل دين مسيحي من 50 ولاية كتبوا رسالة مفتوحة
للكونغرس، هذا الأسبوع، تطالب بوقف تسليح السعودية والإمارات، فيما قالت الأمم
المتحدة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن الدول المتورطة بتزويد أطراف الصراع اليمني
بالأسلحة قد تكون مسؤولة عن جرائم حرب.