هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اكتفت أوساط في النظام السوري، بتوجيه اللائمة للقوات الكردية التي "ارتمت في حضن الأجنبي"، والتعبير عن معارضتها لأي تحرك تركي في شمال سوريا، معيدة بذلك مواقف النظام السابقة من عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون".
ولم تلق هذه التصريحات صدى، لأنها لم تخرج عن النسق المعتاد، غير أن تصريحات الرئيس الأمريكي المتضاربة، وحديثه تارة عن انسحاب كامل لقواته من سوريا، وتارة أخرى عن انسحاب جزئي، زادت من اهتمام المراقبين بمواقف نظام الأسد، وطرحت تساؤلات عن احتمال قيامه بتحركات مفاجئة، من شأنها عرقلة أي تحرك تركي مرتقب.
وفي أول تعليق رسمي من النظام السوري على العملية التركية الوشيكة، نقلت وسائل إعلام عن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية قوله إن "سوريا لن تقبل بأي احتلال لأي أرض، أو ذرة تراب، ومن يرتمي بأحضان الأجنبي سيرميه الأجنبي بقرف".
وأضاف المقداد أنه "في حال شنت تركيا أي عدوان على أراضي البلاد، سندافع عن كل الأراضي السورية، ولن نقبل بأي احتلال لأي أرض أو ذرة تراب سورية، لكن على الآخرين وفي هذا المجال، ألا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة، لأننا على استعداد للدفاع عن أرضنا وشعبنا".
والسؤال: هل سيكتفي نظام الأسد بالحديث عن انتهاك "سيادته الوطنية" على سوريا، أم أن الأيام المقبلة ستشهد تحركات عسكرية؟
سيناريوهات مرعبة
ومجيبا على ذلك، اعتبر رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم"، مصطفى سيجري، أن أي قرار غير منضبط من جانب الولايات المتحدة، متعلق بسحب قواتها من سوريا دون التنسيق مع تركيا، قد يفتح الباب على سيناريوهات مرعبة.
وأوضح لـ"عربي21"، أن الوحدات الكردية قد تلجأ للاستعانة بالنظام والمليشيات الإيرانية ضد الجيش التركي والجيش الوطني السوري، وقال: "غير أنه في حال توفرت إرادة حقيقية من قبل الأمريكان، لعدم زعزعة استقرار المنطقة، عبر تنسيق تحركاتها مع أنقرة، فإن هذا السيناريو مستبعد".
اقرأ أيضا: أردوغان يعلن بدء العملية العسكرية "نبع السلام" شمال سوريا
وكان شاهين جيلو، القائد العام لـ"قسد"، قد أعلن أنهم يسعون للتعاون مع النظام السوري ضد العملية العسكرية التركية المحتملة في شرق الفرات، حيث تخطط "قسد" للتعاون مع النظام السوري عقب انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات واستعداد الجيش التركي إلى دخول المنطقة منعا لدخول تركيا شرق الفرات ولمواصلتها.
وبسؤاله، عن مدى جدية تهديدات "قسد" بتسليم مناطق للنظام قطعا للطريق على أي تقدم تركي، رد سيجري "باعتقادي لا تمثل "قسد" كتلة واحدة، فهناك قيادات مرتبطة بإيران (جبال قنديل)، وهي مع تسليم المناطق للنظام وإيران، بالمقابل هناك قيادات أخرى تدفع باتجاه القتال وعدم التسليم لا لتركيا، ولا للنظام".
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر لـ"عربي21" عن اجتماع سري بين النظام السوري و قيادات من حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، في مطار القامشلي، أمس الثلاثاء.
ووفق مدير شبكة الخابور، إبراهيم الحبش، فإن عددا من القيادات الكردية من بينهم آلدار خليل وبثينة أحمد وصالح مسلم، اجتمعوا برئيس فرع الأمن العسكري والمخابرات الجوية التابع للنظام في مدينة الحسكة، حيث تمت مناقشة إمكانية إقامة شراكة مع النظام والسماح له بالعودة إلى مراكز المدن التي تسيطر عليها "قسد"، مقابل تشكيل غرفة عمليات عسكرية واحدة لصد هجوم كتائب الجيش السوري الحر بمنطقة شرق الفرات.
وعن نتائج الاجتماع، قال لـ"عربي21": مصادرنا أكدت أن الاجتماع لم يثمر عن نتائج واضحة، غير أن اتفاقا تم على استكمال المباحثات في دمشق، بهدف التوصل إلى حل مشترك مع النظام.
عمليات محدودة
بدوره، رجح المحلل السياسي، أسامة بشير، أن يقوم النظام السوري بتحركات محدودة، أي التقدم نحو مناطق محدودة، وتحديدا في محيط مدينة الحسكة، بدعم روسي وإيراني لخلط الأوراق.
وقال لـ"عربي21"، إن مدى هذه التحركات مرهون برد فعل تركيا، حيث من الواضح أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال حاول النظام منفردا قطع الطريق على إنشاء المنطقة الآمنة.
واستدرك بشير بقوله "بالمقابل لن يكون التحرك التركي شاملا، لأن تركيا أيضا ستقوم بعمليات محدودة لاختبار ردة الفعل الأمريكية، ما يعني إفساح المجال أمام النظام لاستغلال ذلك، بدخول بعض المناطق دون قتال".
توافق تركي- روسي
أما الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، فاستبعد بشكل قاطع، أن يقوم النظام بتحركات من شأنها عرقلة التقدم التركي، مرجعا ذلك إلى التوافقات التركية- الروسية.
وفي حديثه لـ"عربي21"، اعتبر أن مصلحة النظام وروسيا لا تقتضي الوقوف بوجه تركيا، التي يعني دخولها إلى شرق الفرات، تقليصا للنفوذ الأمريكي في سوريا.
اقرأ أيضا: فصائل معارضة تدخل تركيا تحضيرا لعملية الفرات.. هذه تحركاتها
غير أن هذا التوافق، لا ينسحب على إيران، التي أبدت معارضتها للتحركات العسكرية التركية، والحديث للسعيد، الذي أضاف "تبقى طهران الغائب الحاضر فيما يخص التحركات العسكرية من جانب النظام".
ومضى قائلا: الأجواء متوترة للغاية، ومن الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع في تلك المنطقة، والتحليل وسط كل هذا التضارب في التصريحات، هو أمر صعب للغاية.
عدم وضوح
ومتفقا مع السعيد، قال المحلل السياسي، المختص بالشأن الروسي، بسام البني، إن روسيا تعتبر التواجد الأمريكي في سوريا أمرا مقلقا، بينما لا تنظر إلى الوجود التركي في سوريا بالسوية ذاتها.
وتابع في حديثه لـ"عربي21" أن تركيا على تنسيق كامل مع روسيا، بعكس الولايات المتحدة، ما يجعل من روسيا غير معترضة ضمنيا على التحركات التركية، فبالنهاية التحركات هذه محكومة بتوافقات.
وأكد البني، أن كل الاتفاقات والمواثيق بين روسيا وتركيا في الملف السوري، تلزم الأخيرة باحترام سيادة سوريا، الأمر الذي يقود إلى عدم ديمومة الوجود التركي في سوريا، وتحديده بـ"محاربة الإرهاب".
أما عن النظام السوري، وتحركات قواته، رأى البني أن آلية تدخل الأخيرة في القتال ليست واضحة، حتى اللحظة، مستدركا "باعتقادي إذا استمر التراجع الأمريكي في دعم "قسد" فلن يكون لدى الأخيرة حل سوى الاتفاق مع دمشق، والعودة إلى أحضان السلطة السورية والعمل معا ضد تركيا".
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، قال الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترامب تشاور مع وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي على مدى الأيام الماضية بشأن العملية العسكرية التركية المتوقعة في سوريا.
وفي بيان له، قال المتحدث جوناثان هوفمان: "للأسف، اختارت تركيا أن تتحرك من جانب واحد، ونتيجة لذلك نقلنا القوات الأمريكية في شمال سوريا بعيدا عن مسار التوغل التركي المحتمل لضمان سلامتها، لم نقم بتغييرات في وجود قواتنا في سوريا في ذلك الوقت".
وصبيحة الأربعاء، قال مدير الاتصالات بالرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، إن الجيش التركي سيعبر مع الجيش السوري الحر الحدود مع سوريا "قريبا"، وذلك لبدء عملية عسكرية شرق الفرات.
وأضاف ألتون على تويتر، إن على المقاتلين الأكراد هناك أن يحولوا ولاءاتهم، وإلا اضطرت تركيا "لمنعهم من تعطيل" مساعيها في التصدي لمقاتلي تنظيم الدولة.