هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده كل من فرناز فصيحي وريك غلادستون، يكشفان فيه عن تفاصيل المحاولة الفرنسية الفاشلة لعقد اجتماع بين الرئيسين دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، أثناء مشاركة الأخير في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن خط الهاتف تم إعداده بطريقة سرية، ينتظر فيها الرئيس ترامب على الجانب الآخر، وكل ما كان على الرئيس روحاني عمله وهو في جناحه الخاص في الفندق هو الخروج منه، والانتقال إلى غرفة مؤمنة، حيث يستطيع سماع صوت ترامب عبر مكبر للصوت.
ويقول الكاتبان إن المسؤولين الإيرانيين صدموا بالعرض الذي وصلهم عبر الرئيس إيمانويل ماكرون، في زيارة غير معلنة لجناحهم في فندق ميلنيوم هيلتون في نيويورك يوم الثلاثاء، حيث اجتمع قادة العالم لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتعلق الصحيفة قائلة إن هذه المهمة كانت تشبه فيلم إثارة هوليوودي، فحاول ماكرون لأشهر المساعدة في تذويب الجليد بين الولايات المتحدة وإيران، وتجنب حرب تصعيد وحرب جديدة.
ويكشف التقرير عن أن فريقا من المستشارين كان يرافق ماكرون، حيث انتظر خارج جناح الرئيس الإيراني، وذلك بحسب ثلاثة أشخاص على معرفة بالمناورة الدبلوماسية، التي كشفت عنها يوم الاثنين مجلة "نيويوركر"، وتم تبادل الرسائل بين الزعيمين من خلال مساعدي روحاني، وفي النهاية رفض روحاني حتى الخروج من غرفته، وعاد ماكرون خاوي الوفاض، فيما ظل ترامب ينتظر.
ويقول الكاتبان إن روحاني شعر أن المكالمة هي مجرد مصيدة له، خاصة أنه لم يتلق ضمانات من الرئيس الأمريكي بإلغاء العقوبات المدمرة التي فرضها على إيران، وكان يخشى من استغلال ترامب للمكالمة والحصول على عناوين إخبارية وسرقة الأضواء، مشيرين إلى أنه كان من الواضح أن روحاني سيعاني من ردة فعل سياسية عكسية في بلاده، حيث يعبر المتشددون عن غضبهم حتى من مجرد تفكير روحاني في الحوار مع ترامب.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بالنسبة للإيرانيين، فإن الوساطة الفرنسية أكدت لهم رغبة ترامب، المرافقة ليأسه، للحصول على لحظة مسرحية مثل التي صنعها مع ديكتاتور كوريا الشمالية كيم أونغ- جون في حزيران/ يونيو 2018، وبالنسبة لهم فقد كانت المحاولة إثباتا لنجاح استراتيجيتهم القائمة على زيادة التصعيد، ردا على سياسة "أقصى ضغط" التي فرضها ترامب على الجمهورية الإسلامية.
وينقل التقرير عن مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، علي فائز، قوله: "بالنسبة لروحاني فإن الحديث مع ترامب يعد تهمة"، ولهذا لم يكن روحاني مستعدا للمخاطرة، إلا إذا "عرف أن هناك مكافأة ستأتي منها".
ويجد الكاتبان أن رغبة ترامب في عقد لقاء أو الحصول على مكالمة مع روحاني أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تعكس ما يقول المحللون إحباط الزعيم الأمريكي الكبير من المشكلات الدولية التي تتراكم فوق بعضها، مشيرين إلى أن هذا الإحباط تزايد من خلال محاولات الكونغرس محاكمته، والتحقيق في مكالمته مع الزعيم الأوكراني، وطلبه التحقيق في نشاطات نائب الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن وابنه هانتر.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مجموعة "يوروشيا" في واشنطن، كليف كابتشان، قوله: "كان ترامب راغبا في تحقيق فوز في مجال السياسة الخارجية، لكنه لم يجد واحدا.. يعتقد أن الحوار مع إيران هي فرصته الأفضل"، وأضاف كابتشان أن ترامب كان "يائسا بشدة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان يريد حرف الأخبار عن أوكرانيا وبايدن بلقاء درامي مع روحاني".
وينوه التقرير إلى أن الأشخاص الذين تحدثوا عن محاولة ماكرون الفاشلة في فندق روحاني طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم لا يملكون الصلاحية لمناقشة الموضوع، مشيرا إلى أن البيت الأبيض لم يرد على طلب التعليق، بالإضافة إلى أن وزارة الخارجية الفرنسية لم ترد أيضا.
ويذكر الكاتبان أن زيارة ماكرون إلى الفندق الذي كان يقيم فيه روحاني جاءت بعد خطاب ترامب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة، وكرر فيه شجبه لإيران، لكنه تحدث عن إمكانية التصالح معها، مذكرا العالم بأن بعضا من أصدقاء أمريكا اليوم كانوا أعداءها السابقين.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما جاء دور روحاني للحديث يوم الأربعاء أمام الجمعية العامة، فإنه بدا واضحا أنه ليس مستعدا للقاء ترامب، فهاجم الولايات المتحدة لخروجها من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، وقال روحاني إن الصور الجماعية يجب أن تأتي بعد الاتفاق وليس قبل تحقيق التقدم، ولم يشر إلى أن ترامب حاول الحديث معه عبر الهاتف بالليل.
وينقل التقرير عن نائب المنسق العام للعقوبات في الخارجية الأمريكية والباحث في جامعة كولومبيا ريتشارد نيفيو، قوله إن الإيرانيين لم يكشفوا عن الحادثة لسببين "فلم يروا أي مبرر لإحراج ماكرون دوليا من خلال رفض روحاني لمقابلته.. ربما احتاجوا لهذه القناة في المستقبل فلماذا يريدون تقويضها"، مشيرا إلى أن السبب الثاني هو أن روحاني "ربما كان قلقا من الطريقة التي سيستخدمها معارضوه في طهران رغم رفضه العرض".
ويقول الكاتبان إنه "بالنسبة للمؤسسة الإيرانية الحاكمة التي حددت علاقتها مع الولايات المتحدة من خلال الثورة الإيرانية عام 1979، فإن أي تلميح لتخفيف العلاقات المتوترة بين البلدين يحمل مخاطر سياسية، ففي الجمعية العامة، وهي المكان الوحيد الذي يمكن أن يلتقي فيه المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون، بذل الإيرانيون جهودهم كلها لتجنب أي مواجهة بالصدفة.
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون كاد في عام 2000 أن يواجه الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي في الجمعية العامة، وقام مساعدو الرئيسين بالتخطيط للمقابلة في أروقة الجمعية، التي كانت ستبدو مصادفة، إلا أن خاتمي غير رأيه في اللحظة الأخيرة، واختبأ في الحمام لحين مرور كلينتون ومرافقيه من الدبلوماسيين في الرواق، وذلك بحسب دبلوماسيين على معرفة بالحادث.
ويفيد التقرير إلى أنه في عام 2013، ووسط المحادثات مع إيران بشأن الملف النووي الإيراني، ناقش المسؤولون من الطرفين إمكانية مصافحة بين الرئيس باراك أوباما وروحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي النهاية تحدث الاثنان عبر الهاتف، و"حتى هذه المكالمة فإنها كانت مثل العاصفة، فهذه أول مرة يتحدث فيها زعيما البلدين منذ أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران".
ويستدرك الكاتبان بأن روحاني لم يفلت من المتشددين في بلاده الذين وبخوه على حديثه مع أوباما، وفي نهاية ذلك العام لم يحضر روحاني جنازة الزعيم نيلسون مانديلا؛ خشية تعرضه لموقف لا يجد منه بدا إلا مصافحة أوباما، وحذرت صحيفة المتشددين "كيهان" من كون الجنازة مصيدة له قد تقود لمواجهة مع زعيم دولة الشيطان الأكبر.
وبحسب الصحيفة، فإنه عندما وجد وزير الخارجية محمد جواد ظريف نفسه في مواجهة مع أوباما في الجمعية العامة عام 2015 وصافحه، فإنه طلب من المسؤولين في البيت الأبيض تأكيدات بعدم نشر الصورة التي التقطها أحد مساعدي الرئيس أوباما.
ويفيد التقرير بأن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها الرئيس الفرنسي بمحاولة فاشلة لتسهيل محادثات مع بين ترامب والرئيس الإيراني، فبحسب وكالة "أفتاب" الإيرانية شبه الرسمية، فإن ترامب حاول مقابلة ظريف في قمة الدول السبع التي استضافها ماكرون، وهو الذي دعا ظريف لمناقشة طرق لمقابلة المسؤولين الأمريكيين، وكان الشرط الإيراني، بحسب الوكالة، هو عدم مقابلة المسؤولين الإيرانيين أيا من الأمريكيين، وعندما أخبر ماكرون ترامب أنه سيقابل ظريف أصر على الانضمام إلى الاجتماع، لكن ماكرون أخبره أنه وعد الإيرانيين بعدم حصول أي مقابلة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن ماكرون مزح في اللقاء، قائلا إنه يستطيع الاتصال بترامب للانضمام إليهم، لكن ظريف رفض ذلك.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)