هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
"لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن بروز الكثير من الحروب إلى جانب
الحرب الرئيسية التي يعيش على وقعها اليمن منذ سنة 2015.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحرب اليمنية أصبحت متعددة الأوجه،
ففي شمال البلاد يتعرض المتمردون الحوثيون الذين يقاتلون ضد القوات الحكومية إلى
القصف من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، في حين فُتحت في المنطقة الجنوبية جبهة
جديدة ذات طابع انفصالي؛ مما أضعف التحالف.
وذكرت الصحيفة أن الوضع في اليمن ازداد تعقيدا، لا سيما في ظل استمرار
تكوين التحالفات وحلها وفقًا للمصالح القبلية والجيوسياسية والاقتصادية، وتخييم
شبح الموت في سماء هذا البلد، دون إعطاء فرصة لإرساء السلام. والجدير بالذكر أن
المملكة العربية السعودية، على رأس التحالف الداعم للرئيس اليمني عبد ربه منصور
هادي، قصفت مركز اعتقال تابع للحوثيين في ذمار جنوب صنعاء يوم الأحد الموافق
لغرة أيلول/ سبتمبر.
وحسب اللجنة الدولية
للصليب الأحمر، أدى هذا القصف إلى وفاة حوالي 100 شخص. ومن جانبها، نفت الرياض
علمها بوجود أسرى في المركز، مشيرة إلى أن الهجوم المنفذ من طرفها كان يستهدف موقعا عسكريا لتخزين الطائرات دون طيار والصواريخ. وبقطع النظر عما إذا كانت الرياض تعلم
بوجود أسرى هناك أو لا، فقد قامت في وقت سابق بقصف مرافق عمومية تؤوي مدنيين مثل
مستشفى أطباء بلا حدود في حيدان في سنة 2015.
وأشارت الصحيفة إلى
التقرير الذي قدمه خبراء الأمم المتحدة المعنيون بالشأن اليمني، في الثالث من أيلول/
سبتمبر، الذي يتضمن الجرائم التي ارتكبتها مختلف الأطراف منذ بداية الصراع، والذي
لا يبرّئ أحدا. في هذا الصدد، تعتبر المنظمات الدولية أن الوضع الإنساني السائد في
اليمن هو الأسوأ في العالم.
حيال هذا الشأن، قالت مديرة برنامج "أطباء بلا حدود" كارولين
سيجوين: "إن انتشار أوبئة مثل الكوليرا والدفتريا والحصبة يؤثر بشكل خاص على
الأطفال، كما يؤدي الفقر الاقتصادي ونقص الغذاء إلى مشكلة رئيسية تتمثل في سوء
التغذية والمجاعة في بعض المناطق". إلى جانب الفقر والحرمان، يهدد الموت تحت
قصف قنابل التحالف أو جراء إصابة بطلقة طائشة سكان اليمن.
اقرأ أيضا: تضارب بشأن حوار يمني غير مباشر بين الحكومة و"الانتقالي" بجدة
وأفادت الصحيفة بأنه منذ سنة 2014، يقاتل المتمردون الحوثيون المدعومون من
طرف طهران، الذين يسيطرون على مناطق واسعة في غرب وشمال اليمن، قوات حكومة الرئيس
هادي، المدعوم بدوره من طرف المملكة العربية السعودية والتحالف العربي. في هذا
الصدد، يقول الباحث في المركز الفرنسي الوطني للأبحاث، فرانسوا فريسون روش:
"يسيطر الحوثيون بشكل تام على أراضيهم، كما يمتلكون مخزونا من الأسلحة التي
تمنحهم إمكانية الحكم بالقوة، ولكن لا يزال أمامهم عمليات قصف التحالف ومواجهة
القوات الحكومية في بعض المناطق".
وأشارت الصحيفة إلى
اشتباك الحوثيين مع قبائل حجور شمال صنعاء، التي كانت موالية لهم في وقت سابق،
والمتهمة بالسماح بوصول المقاتلين الموالين للحكومة إلى المنطقة. وحسب فرانسوا
فريسون روش: "يجب إدراك أن القوات الموجودة في القبائل ليست منظمة كجيوش
تستجيب لتسلسل هرمي عسكري، وإنما قبائل تغير تحالفها باستمرار وفقا لحاجتها".
من هذا المنطلق، تعقّد
مشهد الحرب في الأشهر الأخيرة خاصة مع تحركات الانفصاليين الذين سيطروا على مدينة
عدن، العاصمة المؤقتة في جنوب البلاد، وتحالفوا في وقت سابق مع حكومة هادي ضد
الحوثيين، غير أنهم يقاتلون حاليا القوات النظامية للحصول على استقلال جنوب اليمن
والعودة إلى يمن ما قبل سنة 1990.
ومن جهته، يعتقد
فريسون روش أن الإمارات، أحد أعمدة التحالف العربي، تفضل دعم حركة الانفصاليين على
حساب الرئيس اليمني المقرب من حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمين). وعلى خلفية
ذلك، ساعدت الإمارات الجنوبيين الذين يطالبوا بالانفصال على قصف قوات الحكومة
اليمنية في 29 آب/ أغسطس من السنة الجارية. وأضاف فريسون روش "هذه الخطوة
تتعارض مع الدعم الذي تقدمه الرياض للرئيس اليمني، غير أن ذلك لا يعني إنهاء
التحالف بين البلدين، أي الرياض وأبو ظبي".
وأوردت الصحيفة أن
مطالب الاستقلال تصاعدت خلال النزاع، حيث وقعت اشتباكات قاتلة بالفعل في سنة 2017
و2018، ما مكن الانفصاليين من الاستيلاء على مدينة عدن ومحافظتي أبين وشبوة.
وفي الختام، نوهت
الصحيفة بأن عدم استقرار الوضع في اليمن يثير قلق المجتمع الدولي، لا سيما في ظل
ارتفاع حصيلة القتلى بما في ذلك المدنيين، في الفترة الأخيرة.