هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا برلمانيون وحقوقيون مصريون المفوضية الدولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بعدم الاكتفاء بتأجيل مؤتمرها الإقليمي الذي كان مقررا عقده بالقاهرة مطلع شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، عن مناهضة جريمة التعذيب، وإعلان تغيير مكان عقد المؤتمر وسحبه من القاهرة، وفتح ملف الانتهاكات الحقوقية التي يقوم بها نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي.
وحسب آراء الذين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن السجل الإجرامي للنظام المصري، لا يحتاج لدليل، في ظل وجود شهادات حية وأدلة موثقة عن جرائمه التي ارتكبها في حق مواطنيه، ومواطني الدول الأخرى، بدءا بمجازر فض الاعتصامات التي جرت في محافظات مصر بعد الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي، ومرورا بآلاف المعتقلين، ومئات الذين تم تصفيتهم جسديا.
وكانت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أعلنت مساء الثلاثاء الماضي، تأجيل مؤتمرها الإقليمي عن جريمة التعذيب التي كان مقررا عقدها بالقاهرة في الرابع من الشهر المقبل، بعد اعتراضات وجهتها منظمات مصرية ودولية، وصفت استضافة مصر للمؤتمر بأنها مشاركة دولية في تبييض وجه النظام العسكري بمصر.
وقد دعت 13 منظمة حقوقية مصرية في بيان مشترك وصل "عربي21" نسخة منه، الأمم المتحدة إلى إلغاء المؤتمر من الأساس، وعدم الاكتفاء بتأجيله، مع ضرورة إلزام السلطات المصرية بالعديد من الإجراءات لاستمرار عضويتها في الهيئات الحقوقية الدولية، من بينها صدور تشريع مصري يتضمن تعريفا لجريمة التعذيب وفقاً للدستور المصري، وللاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والانضمام للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
اقرأ أيضا: دعوات حقوقية لحرمان مصر من استضافة مؤتمر أممي لمناهضة التعذيب
ودعت المنظمات الموقعة على البيان، بموافقة السلطات المصرية على الطلبات الرسمية للمقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، إلى إجراء زيارة رسمية لمصر، وإنهاء التحقيقات ضد القضاة "المتهمين" بالمشاركة في صياغة مشروع قانون لتعريف ومناهضة جريمة التعذيب، وإلغاء قرار غلق عيادة النديم للتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب الصادر في 2016، والإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي الحقوقي إبراهيم متولي مؤسس رابطة أسر المختفين قسريًا.
تحقيق دولي
وفي تعليقه لـ"عربي21" عن قرار تأجيل المؤتمر يؤكد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري السابق، عز الكومي، أنها خطوة جيدة ولكنها تحتاج لمزيد من الإجراءات لوقف الدعم الدولي الذي تقدمه الهيئات الدولية للنظام العسكري بمصر.
ويشير الكومي لوجود تواطؤ دولي لمنع تحريك دعاوى قضائية ضد من ارتكبوا مذابح بحق معارضي السيسي، رغم وجود وثائق وأدلة تثبت تورطهم، من بينها الأدلة التي وثقتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عن مقتل 800 مصري، نتيجة القتل الممنهج في الرأس والصدر.
ويوضح البرلماني السابق، أن المهتمين بالملف الحقوقي، لهم نشاط قانوني وحقوقي إيجابي أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان في "أروشا- تنزانيا"، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان في "غامبيا"، بالإضافة لدعاوى قضائية تم تحريكها في إنجلترا وهولندا والنرويج والسويد، ضد المسؤولين بالنظام المصري، ولكن لم يتم اتخاذ أى إجراء تجاههم، رغم جرائمهم التي حدثت على مرأى ومسمع من العالم .
ووفق رأي الكومي، فإنه لو عقد المؤتمر الإقليمي ضد التعذيب بالقاهرة، فإن نظام السيسي سوف يستغله لشرعنة ما يقوم به من جرائم بشكل روتيني شبه يومي، مثل الاختفاء القسري والقتل خارج إطار القانون وممارسة التعذيب لانتزاع الاعترافات، فضلا عن الجرائم ضد الإنسانية في سيناء والوراق وقرى النوبة، وهو ما يتطلب من المفوض السامي لحقوق الإنسان، إعلان سحب عقد المؤتمر من القاهرة، ونقله لدولة أخرى ليس لها سجل سيئ في ملف حقوق الإنسان.
ويطالب الكومي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالعدالة، باستغلال فرصة تأجيل المؤتمر لفتح تحقيق دولي شفاف في مذبحة رابعة، وقتل المعتصمين السلميين، باعتبارها أفعال ترتقي للجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي بأنها ضد الإنسانية، وتشكيل لجنة تقصي حقائق، للوقوف على حالة حقوق الإنسان بمصر، وكشف حالات الاختفاء القسري والتعذيب الممنهج والقتل خارج إطار القانون.
اقرأ أيضا: بعد احتجاجات.. تأجيل مؤتمر دولي عن تجريم التعذيب بمصر
اعتراف أممي
ويؤكد مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان SPH، علاء عبد المنصف لـ"عربي21"، أن أهم ما جاء في قرار المفوضية الدولية لحقوق الإنسان، هو الاعتراف بالسجل السيئ لمصر في هذا المجال، وهي خطوة تحتاج للتطوير من المفوضية الدولية بفتح التحقيقات العاجلة في ما تضمنته تقارير منظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية عن انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان.
ويضيف عبد المنصف: "الإجراء الأممي كان استجابة جيدة للنداءات المُتكررة للمنظمات الحقوقية العاملة على ملف حقوق الإنسان في مصر، خاصة أن النظام المصري كان يرى في عقد المؤتمر فرصة لتبييض وجهه، وتحسين صورته أمام المجتمع الدولي قبل مناقشة الملف المصري لحقوق الإنسان، خلال الاستعراض الدوري الشامل للمفوضية الدولية المقرر له تشرين الثاني/ نوفمبر المُقبل".
ويوضح عبد المنصف أن الحكومة المصرية لم تقم بأي التزام للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها، كما أنها لم تقدم أي تقرير دوري للجنة التعذيب منذ سنة 2002، وبالتالي فإن تأجيل المؤتمر والتمهيد لسحبه من القاهرة، يمثل إعلانا من أعلى هيئة حقوقية بأن الملف الإجرامي للنظام المصري فاق كل التصورات.