هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للأستاذة الزائرة في مدرسة لندن للاقتصاد البروفيسورة مضاوي الرشيد، تقول فيه إن المرأة في السعودية يمكنها الآن السفر دون موافقة الرجل، إلا أن هذا التقدم هش.
وتقول الرشيد في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "بعد رفع الحظر عن المرأة لقيادة السيارة العام الماضي فإنه يمكن للحركة النسوية السعودية الاحتفال بانتصارها الثاني: فقد أعلنت السلطات السعودية أن المرأة تستطيع الحصول على جواز السفر والسفر دون إذن الرجل، ويمكن أن تحصل على شهادات الولادة والزواج والطلاق، لكنها لا تستطيع الزواج أو الخروج من السجن أو مأوى من العنف الجسدي دون موافقة الرجل- عادة ما يكون الأب أو الأخ أو الزوج".
وتشير الكاتبة إلى أن "نظام الولاية الغريب في السعودية منتشر، ويفترض أن المرأة ليست شخصية قانونية مستقلة، ويجب في هذه الحالة أن يتم تمثيلها عبر أقاربها الرجال عندما تريد العمل أو الزواج أو السفر أو الدراسة أو الحصول على العناية الطبية، واعتمد النظام السعودي على تفسير ضيق لفكرة الولاية في الإسلام لفرض حصار على المرأة، وعلى مدى نصف قرن مضى، ومنح الرجل السلطة عليها، وحرمها في الوقت ذاته من حقوقها السياسية والمدنية والإنسانية".
وتلفت الرشيد إلى أن "الحكومات فرضت هذا النظام على مدار التاريخ الإسلامي، ففي السعودية ومعظم الدول الإسلامية لا تستطيع المرأة الزواج دون موافقة ولي الأمر، لكن في مذهب واحد في الفقه الإسلامي، وهو الحنفي، فإنه يمكن للمرأة الزواج دون حضور الولي، لكن في السعودية، حيث يطبق المذهب الحنبلي، يشترط العلماء والشيوخ الوهابيون أن يكون الولي هو الشخص الوحيد الذي يسمح بزواج ابنته، ويمكن للمرأة أن تأخذ الأب للمحكمة لأنه عرقل الزواج، وعندها يتولى القاضي ولايتها ويعطي الموافقة، وفي الحالات كلها تحتاج المرأة لموافقة الرجل على الزواج، والإعلان الأخير أبقى على هذا الأمر".
وتجد الكاتبة أن "الكثير من السعوديات اللاتي دفعن باتجاه الحصول على المساواة في الحقوق المدنية لن يستطعن الاحتفال، فمعظمهن إما في السجن، مثل لجين الهذلول ونسيمة السادة وسمر بدوي، أو ممنوعات من السفر، مثل عزيزة اليوسف وهاتون الفاسي وإيمان النجفان، وهناك من هربن إلى كندا وأستراليا والولايات المتحدة وأوروبا وطلبن اللجوء، مثل هالة الدوسري وصفا حسنين وأميمة النجار".
وتقول الرشيد إن "الجمع بين الإصلاح والقمع في ظل قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تضم مبادراته زيادة تشغيل النساء، وتعيينهن في المناصب العليا، لم يدهش المرأة السعودية فقط، بل المراقبين الخارجيين أيضا".
وتنوه الكاتبة إلى أن "الحركة النسوية السعودية أثبتت أنها من أفضل الحركات تنظيما وقدرة على تقديم رؤية للمجتمع المدني، وتعمل على عدة مستويات، ففي الميدان مدرسات وطبيبات وعاملات في العمل الإنساني والخدمة المدنية، يقمن بمساعدة النساء المتضررات وتوثيق الانتهاكات، وعلى مستوى آخر، هناك النساء المدافعات عن الحقوق اللاتي رفعن صوتهن من أجل نقل المعركة لخارج السعودية والحصول على دعم الحركة الأنثوية في الخارج، ما أزعج النظام الذي حاول تقديم رؤية أنه هو المصدر الحقيقي لتمكين المرأة".
وتفيد الرشيد بأن "النظام واجه كابوسا من خلال اللغة التي حاولت نشر فكرة الحقوق للجميع، التي قامت نساء الحركة النسوية السعودية بالدفع بها، ولهذا السبب وضع الكثير من النساء الشجاعات خلف القضبان من أجل إسكاتهن".
وتقول الكاتبة إن "سمعة السعودية الدولية في مد وجزر بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي العام الماضي، والهاربات السعوديات اللاتي يعلقن في المطارات بانتظار كرم دولة عليهن لتمنحهن اللجوء السياسي، وعادة ما تهرب هؤلاء النساء نتيجة عنف الرجل وانتهاكاته".
وترى الرشيد أنه "لهذا السبب فإن منح المرأة الحق في السفر جاء في وقته، ويعطي صورة جيدة للمستثمرين المحتملين، فالنساء العاطلات عن العمل والمتعلمات ربما بدأن بالبحث عن عمل في دول الخليج الأخرى أو الخارج، وهناك عدد من النساء السعوديات العاملات محاضرات في الجامعات البريطانية، والباحثات في الولايات المتحدة، والصحافيات مثل إيمان الحمود في فرنسا، والمصممات والفنانات في دبي، وعدد آخر من المتعلمات العاملات في مجال المال والأعمال والفن والإعلام".
وتشير الكاتبة إلى أن "الاقتصاد السعودي لا يزال غير قادر على استيعاب المتخرجات من الجامعات السعودية، وهناك عدد من الحاملات لشهادات الدكتوراة لا يجدن العمل المناسب في مجالهن بعد سنوات من الدراسة، وهذا القرار سيخفف من حياة النساء، لكن المعوقات لا تزال قائمة للجنسين، فمع محاولة الدولة مركزة الاقتصاد واللبرلة قد لا يجد الكثير من السعوديين العمل المناسب في مجالهم، وقد يؤدي قرار السماح للمرأة بمغادرة البلاد إلى تجفيف المنابع، ما يفتح المجال لإمكانية إلغاء القرار".
وتختم الرشيد مقالها بالقول إن "السعودية بحاجة لإصلاح سياسي عاجل، والتأكد من أن الحقوق التي تعطى اليوم بالإكراه لا يمكن إلغاؤها أو إرجاعها، فالحقوق يجب أن تكون متجسدة في الثقافة السياسية الشعبية والحقوق المتساوية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)