هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثار التساؤلات عن مدى قدرة رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، على تفعيل قراره بدمج فصائل الحشد الشعبي المسلحة، ومدى قدرته من الحد من نفوذ تلك الجماعات المسلحة.
وأصدر عبد المهدي، أمس الاثنين، مرسوما بتنظيم عمل قوات ما يعرف بالحشد الشعبي ومرجعيتها العسكرية ويلزمها بالاندماج في القوات المسلحة النظامية، والاختيار بين العمل السياسي أو العسكري، محددا مهلة تنتهي في 31 من تموز/ يوليو الجاري للالتزام بالضوابط الجديدة.
المرسوم جاء في توقيته، بعد أيام من الأحداث الأمنية التي شهدتها بغداد مؤخرا، آخرها الهجوم على مقر السفارة البحرينية، وسبقها هجوم على قواعد عسكرية تضم قوات أمريكية.
إجراء تنظيمي أملته الظروف
الكاتب والمحلل السياسي العراقي، محمد الخاقاني، رأى أن توقيت القرار، يثير الكثير من الأسئلة، إلا أنه يبدو طبيعيا، ولا يعدو كونه إجراء تنظيمي أملته الظروف وتطورات الأوضاع في المنطقة.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه مثلما أدت تلك الفصائل دورها في المعارك ضد تنظيم الدولة، وكانت تخضع لتوجيهات القيادة العسكرية العليا، فإنها تخضع كذلك بعد ذلك، لذات الأوامر وعليها تنفيذها.
وأضاف الخاقاني، أن فصائل الحشد الشعبي بمختلف مسمياتها أمام اختبار التنفيذ لتلك القرارات الحكومية، لافتا إلى أن هناك من بدأ فعليا بالتنفيذ، وحل الفصيل التابع له وأعلن نفسه غير مسؤولا عن ما يبدر بعدها من تصرفات قد تحسب عليه، كسرايا السلام التي تتبع التيار الصدري الذي بدوره أصدر بيانا أيد فيه خطوة الحكومة العراقية.
ولفت إلى أن الخطوة حازت على مباركة الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، الذي رأى فيها خطوة موفقة في هذا الوقت بالذات.
اقرأ أيضا: الحكومة العراقية تأمر بإغلاق كافة مقرات "الحشد الشعبي"
التجاذبات السياسية
وتوقع الكاتب العراقي، أن الخطوة المقبلة ستكون بإبعاد العراق عن التجاذبات السياسية والداعية إلى زج البلاد في "معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل"، وبالتالي فإنها ستقوي الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة عبر محاولة جعل جميع ما يجري على المقاتل العراقي تنطبق على فصائل الحشد الشعبي كونه جزءا من القوات المسلحة.
ولم يستبعد الخاقاني، التطورات والتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة، وإيران، وتوقيت القرار، متسائلا، "هل ستكون تلك الفصائل مع توجهات الحكومة العراقية وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، أم أنها ستكون طرفا إلى جانب إيران إذا ما نشبت الحرب، وبالتالي تعريض المصالح الأمريكية بالعراق للخطر؟".
ورأى، أن قرار عبد المهدي، من أهم القرارات التي اتخذها لغاية الآن منذ تشكيل الحكومة العراقية، ويندرج ضمن أوامر سابقة نظمت العلاقة بين فصائل الحشد المختلفة والقوات المسلحة.
سحب البساط من الولايات المتحدة
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي العراقي، وسام الكبيسي، أن توقيت القرار يأتي لسحب البساط من التصريحات الأمريكية الأخيرة، والتي هددت فيها بتصنيف بعض الفصائل والشخصيات في الحشد الشعبي ضمن قائمة الإرهاب، وبالتالي فإن ذلك يشكل حرجا على الحكومة العراقية في آلية التعامل مع الحشد الذي يشكل قوة لا يستهان بها داخل البلاد.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الحكومة العراقية أرادت أن تبحث عن خيارات وسط، فخرجت بقرار دمج تلك الفصائل داخل المؤسسات الرسمية.
ثلاثة عوائق
وأوضح أن قرار عبد المهدي، يعد مقبولا، أمام تعددية مراكز القرار الأمنية والعسكرية داخل العراق، إلا أنه يؤخذ عليه بأنه لم يعالج ثلاثة عوائق رئيسية، وهي: الترهل بالجيش العراقي والتضخم بالرتب العسكرية الكبيرة فيه، أما الأمر الآخر، افتقاد الجيش العراقي للتوازن بين مكونات الشعب العراقي وأطيافه المتنوعة، ما قد ينتج من تبعات القرار هيمنة شيعية على الجيش.
اقرأ أيضا: الغارديان: سليماني اجتمع بقادة "الحشد" استعدادا للحرب
أما العائق الثالث، بحسب الكبيسي، فيكمن بتبعات للقرار قانونية ومالية، موضحا، أنه أمر ديواني، وليس قانونيا بعد، ويحتاج لتشريع برلماني، ما يستدعي لرفع ميزانية الجيش العراقي لتغطية النفقات، مما يزيد من أعباء الدولة التي تعاني عجزا كبيرا في الموازنة السنوية.
واستبعد الكبيسي، بأن القرار يستهدف النفوذ الإيراني بالعراق، لافتا إلى أن طهران أوجدت قوة كبيرة في داخل مفاصل الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وليس من السهل الحد من نفوذها بهذه الطريقة.
وأشار إلى أن قرار الحكومة العراقية، إلى جانب أنه قد يكون بطلب من الولايات المتحدة، فإن إيران من مصلحتها اتخاذ مثل هذا القرار، مما يولد لها نفوذ أكبر بمظلة رسمية داخل الجيش.
هل ينجح؟
واستبعد الكبيسي، أن ينجح عبد المهدي بتنفيذ القرار، مرجئا ذلك بأن شخصيته ليست ذات كاريزما شعبية وقوية تملك القدرة على الحد من نفوذ الحد الشعبي بالعراق، الذي شكل منظومات عسكرية كبيرة تحت إمرته، وأصبح جيشا موازيا للجيش ما يصعب تفكيكه.
واستدرك الكاتب العراقي، بأنه من الممكن تحقيق القرار إن تولدت قوة شعبية داخل العراق، تدعم القرار، إلى جانب قوة خارجية تستطيع الضغط والتأثير على إيران.