هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الوهم الأعظم: الأحلام الليبرالية والواقع الدولي
المؤلف: جون ميرشايمر
الناشر: ييل يونيفرستي برس
الطبعة الأولى: 2018
عدد الصفحات: 328
تَخصُّصْ العلاقات الدولية أو ما كان يعرف سابقًا بـ "علم الاجتماع الأمريكي" هو علم تأسس بشكل مبدئي وتطور في الغرب وتحديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ظهور هذا التخصص تطورت عشرات النظريات لفهم وتحليل طبيعة العلاقات بين الدول، لاسيما الدول العظمى. وأحد أكثر هذه المدارس رواجًا هي نظرية الليبرالية والواقعية والواقعية البنيوية التي تطورت عن الأخيرة.
الكتاب الذي بين أيدينا للمنظِّر والفيلسوف السياسي جون ميرشايمر، هو أبرز منظر في المدرسة الواقعية البنيوية. الكتاب يحتوي على ثمانية فصول بالإضافة إلى المقدمة.
الليبرالية المستحكمة
يبين ميرشايمر في مقدمة كتابه أن ما يسميه بـ "الليبرالية المستحكمة" كسياسة خارجية أمريكية كان محكومٌ عليها بالفشل وذلك منذ عام 1989. ولفهم هذا الفشل الذريع بالسياسية الخارجة الأمريكية الليبرالية يقترح الكاتب فهم العلاقة الثلاثية بين الليبرالية، والقومية والواقعية. فمثلا إذا ما تعارضت القومية مع الليبرالية، فإن القومية تنتصر دومًا، فعندما حاولت أمريكا احتلال العراق لنشر القيم الليبرالية، فإن العراقيين يعرفون أنفسهم على أنهم عراقيون أولًا حتى لو كانوا ليبراليين. الليبرالية وبحسب الكاتب لم تكن لا واقعية ولا تمتلك فهمًا عميقًا لمفهوم القومية عند الشعوب التي كانت تريد أن تنشر الليبرالية فيها.
في الفصل الأول "الحلم المستحيل" يوضح ميرشايمر كيف أن "الليبرالية المستحكمة" لن تحقِّق أهدافها بنشر الديمقراطية والاستقرار والسلام والانفتاح الاقتصادي في العالم، بل توجهاتها سوف تؤدي إلى مزيد من الحروب والصراعات التي لا تنتهي، كما أن الحروب والإرهاب على المستوى الدولي ازداد انتشارًا، حتى أن السياسات الليبرالية أدت إلى تقييد القيم الليبرالية داخل البلدات الليبرالية. لذا ـ وبحسب الكاتب ـ فإن نشر الليبرالية بالخارج يؤدي إلى تقويض القيم الليبرالية والحريات بالعالم وحتى في أمريكا.
عن الطبيعة البشرية والسياسة
في الفصل الثاني "الطبيعة البشرية والسياسة" يبين الكاتب أن الاختلاف في فهم الطبيعة البشرية هو الأساس الذي يبنى عليه الجدل والمناظرات في النظريات السياسة. يسعى ميرشايمر في هذا الفصل أن يقدم فهمه الخاص للطبيعة البشرية والسياسية، والذي يقوم بشكل أساسي على نقد وتفنيد الفكر الليبرالي. يؤمن ميرشايمر أن الذين يزعمون أن هناك حقيقة وقيم كونية سيجدون صعوبة بالتسامح وإيجاد حلول وسطية كما هو حال الليبراليين، لذا فهو يقترح أن يكون هناك اعتراف ذاتي بنسبية الأخلاق والقيم، حيث أن طبيعة البشر مختلفة.
يزعم ميرشايمر أن الليبرالية تؤدي دورها بشكل جيد داخل حدود الدولة لكنها لا تصلح كقاعدة سليمة للسياسة الخارجية على الإطلاق
عيوب الليبرالية السياسية
الفصل الرابع "تصدعات بالصرح الليبرالي" يسرد لنا الكاتب عيوب الليبرالية السياسية، فأهمها بالنسبة له هو التركيز المفرط على الفردانية، حيث أن الليبرالية وبحسبه تتجاهل أن البشر في جوهرهم كائنات اجتماعية، حيث أنهم يولدون وينشؤون ويتفاعلون في سياق جماعي وليس بمعزل عنها. أيضا من عيوبها أنها تدمر الروابط الاجتماعية بين الأفراد وبالتالي تفكك وتمزق المجتمعات. وبسبب عدم إيجاد حلول فلسفية ومنطقية لأمثال هذه العيوب فإن صرح الليبرالية بدأ بالتشقق بحسب الكاتب.
في الفصل الخامس "تصدير الليبرالية" يحاول ميرشايمر الإجابة على السؤال الجوهري في كتابه، وهو ماذا يحدث عندما تتبنى دول عظمى السياسة الخارجية الليبرالية؟
يزعم ميرشايمر أن الليبرالية تؤدي دورها بشكل جيد داخل حدود الدولة لكن الليبرالية وبحسبه لا تصلح كقاعدة سليمة للسياسة الخارجية على الإطلاق، بل أن تبني الليبرالية كسياسة خارجية يؤدي إلى مشاكل كبرى مثل التدخلات بشؤون الدول الأخرى ومحاولة تغيير أنظمة سياسية حتى باستخدام القوة، لذا، فالسياسة الخارجية الليبرالية تؤدي إلى مزيد من الحروب وعدم الاستقرار على المستوى الدولي.
بالفصل التالي يكمل ميرشايمر نقده لليبرالية، فهو يدعي أن اعتناق الليبرالية الديمقراطية على المستوى الخارجي لا يضر بالفكر الليبرالي داخل حدود الدولة المُصدرة لليبرالية فحسب بل أن ذلك يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والدمار بل وارتفاع نسبة العداء والتنافس بين الدول الكبرى. فعلى سبيل المثال، يوضح الكاتب كيف أن السياسة الخارجية الأمريكية فشلت في معظم الملفات الخارجية، بأوكرانيا، وبجورجيا وبالشرق الأوسط، حيث التدخلات الأمريكية زادت من الدَّمار والقتل والفوضى في هذه الدول والمناطق، وبخاصة مصر وليبيا وسوريا.
نظريات السلام الليبرالية
"نظريات السلام الليبرالية" عنوان الفصل السابع، حيث يتفحص ميرشايمر ثلاث نظريات ليبرالية وهي "نظرية السلام الديمقراطية"، و"نظرية الترابط الاقتصادي" و"الليبرالية المؤسساتية". فعلى سبيل المثال، نظرية السلام الديمقراطية تفرض عدم إمكانية وقوع حروب بين الدول الديمقراطية. ينتقد الكتاب هذه النظرية من خلال توضيح حدوث أربع حروب بين دول ديمقراطية في الماضي، حيث أن المانيا الديمقراطية خلال الحرب العالمية الأولى حاربت ضد دول ديمقراطية أخرى وهم بريطانيا، وفرنسا وإيطاليا وأمريكا.
في الفصل الأخير "دعوى للتقيد" يدافع ميرشايمر عن فكرة وضع قيود على السياسة الخارجية الأمريكية. فهو يقترح حلولا للفشل بالسياسات الخارجية الأمريكية، كما يدعو إلى التخلص من الهيمنة الليبرالية بالسياسة الخارجية الأمريكية، حيث وبحسب الكاتب فإن السياسة الخارجية ذات التوجه الليبرالي كلفت أمريكا خسائر عسكرية بدون نهاية، بناء على ذلك فإنه على أمريكا وبحسب الكاتب تقييد سياساتها الخارجية. كما يؤكد الكاتب على أهمية بناء نخبة ذات توجه واقعي كنقيض للنخبة الأمريكية الليبرالية التي تدير السياسة الخارجية الأمريكية في الوقت الراهن.
السياسة الخارجية ذات التوجه الليبرالي كلفت أمريكا خسائر عسكرية بدون نهاية