هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لرئيس مكتبها في القدس ديفيد هالبفنغر، يقول فيه إن أكثر من عشرين شخصا قتلوا، ودمرت بيوت ومتاجر في القتال، الذي نشب خلال عطلة نهاية الأسبوع بين إسرائيل وغزة، مشيرا إلى أن الجانبين أعلنا يوم الاثنين أنهما راضيان عن النتيجة.
ويقول هالبفنغر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "دوامة العنف ووقف إطلاق النار المتكررة، التي تصل إلى شفير حرب شاملة للعالم الخارجي، قد تبدو أنها دمار عبثي، لكن المحللين يقولون إنها تخدم بشكل كبير الخصمين الرئيسيين".
ويرى الكاتب أن "هذه المعارك توفر فرصة لبنيامين نتنياهو أن يضرب حركة حماس التي تسيطر على غزة، وفي الوقت ذاته يقوي من حجته بأن الفلسطينيين ليسوا جاهزين للسلام، وأن حل الدولتين مستحيل. وحركة حماس، التي تسعى لتخفيف الحصار على غزة، والتي من الواضح أنها تسلمت ضمانات متجددة بتخفيف حصار غزة، تظهر للمواطنين الفقراء في غزة بأن استراتيجية المقاومة المسلحة مجدية، والنتيجة هي نوع غريب من التكافل".
ويشير هالبفنغر إلى أن "العلاقة بين حركة حماس وإسرائيل هي علاقة خصومة، وهي دائما وعرة، وأحيانا قاتلة ومحاطة بالمخاطر، بحيث يمكن أن تتحول إلى صراع بري طويل الأمد، سواء كان ذلك بسبب الصواريخ الضالة التي تقتل الكثير من الأبرياء، أو التحول في الحسابات السياسية على أي من الجانبين".
ويقول الكاتب إنها "قد تؤدي إلى هدنة –(تفاوض بالنار)، كما وصفها المسؤول السابق في السلطة الفلسطينية غيث العمري- وربما تكون شكلا من أشكال الانفراج، على الطريقة الشرق أوسطية".
ويستدرك هالبفنغر بأنه "مع كل تكرار للدورة لا تؤدي إلى نشوب حريق، فإن كلا من إسرائيل وحركة حماس تخدمان كل منهما هدف الآخر، وتعتادان بشكل أكبر على التعامل معا بهذه الطريقة".
ويلفت الكاتب إلى أن "القتل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو الأسوأ منذ حرب عام 2014، التي استمرت 50 يوما، يشكل على الأقل المرة الثامنة للقتال بين إسرائيل وغزة على مدى العام المنصرم، حيث لا تستمر المعركة أحيانا أقل من يوم، وكل منها انتهى بسرعة بوقف إطلاق للنار، عادة ما يتم التوصل إليه بوساطة مصرية، وينظر إليه على أنه دليل على غياب رغبة كل من الطرفين في حرب شاملة".
ويفيد هالبفنغر بأن "حركة حماس أظهرت مقدرتها على الوفاء بالتزاماتها: وكانت هناك لحظة مهمة في نهاية آذار/ مارس، عندما نشرت حركة حماس في ذكرى بداية مسيرات العودة أشخاصا يلبسون سترات بألوان زاهية لإبقاء العنف بأقل ما يمكن، مظهرة أن بإمكانها الحفاظ على هدنة، بحسب المحللين".
ويستدرك الكاتب بأنه "في الأوقات الأخرى، تعبر عن نفاد صبرها بالسلاح، وقد يكون عنف نهاية الأسبوع بسبب تأخر ملايين الدولارات من قطر للمساعدة في دفع رواتب الموظفين في غزة، ولأن إسرائيل لم تلتزم بوعودها بالسرعة الكافية، وتم تفسير بعض المناوشات خلال الصيف الماضي، على أنها محاولات من قيادات حركة حماس للحصول على صفقة أفضل".
وتنقل الصحيفة عن زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المقيم في إسرائيل، أيهود يآري، قوله: "إنهم يميلون لمحاولة توسيع الشروط، وتحسين ما يحصلون عليه باستعراض عضلاتهم".
ويقول هالبفنغر إنه "بالنسبة للحكومة الإسرائيلية فإن إدارتها للعلاقة مع حركة حماس محاطة بالتناقضات والحاجة للموازنة الدقيقة، فإن كانت تنظر لحركة حماس على أنها منظمة إرهابية تعتزم القضاء على إسرائيل، فإن لا مصلحة للحكومة في إعطاء حركة حماس شرعية، أو أن تسمح لها ببناء قوتها".
ويستدرك الكاتب بأن "نتنياهو لم يظهر الكثير من الرغبة في القضاء على حركة حماس -بالرغم من دعوات بعض السياسيين اليمينيين لفعل ذلك- بسبب ما سماه المفاوض الأمريكي المخضرم في الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، (مشكلة اليوم التالي): حيث على إسرائيل أن تعيد احتلال غزة بقواتها، وتتحمل المسؤولية كاملة عن مليوني شخص، وهناك أيضا مخاطرة بأن تأتي مجموعة أكثر تطرفا من حركة حماس وتسيطر، مثل تنظيم الجهاد الإسلامي، الذي يعد منافسا لحركة حماس في غزة، أو ربما عناصر من تنظيم الدولة، الذي بعمل في صحراء سيناء".
ويجد هالبفنغر أن "المشكلة هي أنه في السبب الذي يبدو فيه أن نتنياهو يحظى بدعم المؤسسة الأمنية في إدارته لغزة، فمناوئوه هاجموه لأنه سمح للوضع بأن ينزلق إلى هذا الشكل، لكنهم لم يقولوا ماذا يمكن أن يفعلوا بشكل مختلف".
ويقول الكاتب: "يبدو أن الإسرائيليين يظهرون المزيد من تحمل الإصابات من الماضي، ففي عسقلان يوم الأحد، أعرب الناجون من هجمة صاروخية أصابت مصنعهم، وقتلت أحد زملائهم العاملين فيه، عن دعمهم الثابت لنتنياهو، مع أنهم يلومون الرأي العام في العالم، الذي يمنع الجيش الإسرائيلي من توجيه الضربة التي تستحقها غزة".
وتورد الصحيفة نقلا عن ميناشي بابيكوف (42 عاما) من أشدود ويعمل مديرا، قوله بأن على الجيش "أن يضرب (غزة) بقوة.. لكنهم يخشون مما سيقوله العالم".
وينقل هالبفنغر عن المحللين، قولهم إن حركة حماس تخدم غرضا آخر لحكومة نتنياهو، فمع السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية، ومع حركة حماس التي تحكم قطاع غزة، فإنه ليس هناك طريق سهل لحل الدولتين، الذي يعتقد أن نتنياهو يعارضه.
وتورد الصحيفة نقلا عن ميلر، قوله إن توحيد الطرفين -الذي بذلت فيه أمريكا ومصر ولاعبون دوليون أشهرا من المحاولات قبل الاستسلام العام الماضي- سيؤدي بالضرورة إلى المفاوضات حول حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأضاف: "ما دامت هناك في الواقع ثلاث دول لا يمكن أن يكون هناك حل دولتين وحركة حماس هي الضمانة بالنسبة لنتنياهو".
ويعلق الكاتب قائلا: "هنا، أيضا، يشترك معارضو حل الدولتين الإسرائيليون في أرضية مشتركة مع حركة حماس، التي تريد دولة واحدة، وإن كانت تختلف عن تلك التي يريدها الإسرائيليون، وبالنسبة لحركة حماس، فإن التفاوض حول الأمن والاقتصاد والمساعدات الإنسانية من خلال قناة خلفية عن طريق وسيط أمر عملي، لكن التخلي عن أيديولوجيتها القائمة على المقاومة المسلحة مقابل المفاوضات السلمية مع إسرائيل ليس واردا".
وتنقل الصحيفة عن الخبيرة في غزة سيلين توبول، التي تعمل مع مؤسسة التعاون الاقتصادي الإسرائيلية، قولها: "من وجهة نظر حركة حماس، فإن من الأفضل أن تكون الحكومة شبيهة بما لدينا من أن يكون هناك حكومة أكثر اعتدالا وتسعى للتقدم بعملية السلام.. لأنه عندما تفعل ذلك فإنك تشجع السلطة الفلسطينية.. وهذا الأمر مهم جدا بالنسبة لحركة حماس: التي تسعى في تنافسها السياسي إلى إضعاف السلطة الفلسطينية بقدر الإمكان".
ويبين هالبفنغر أنه "بالنسبة لحركة حماس، فإنه كلما طالت الهدنة كان ذلك أفضل، بحسب ما يقوله مراسل الشؤون الفلسطينية في التلفزيون الإسرائيلي على مدى سنوات يآري، فحركة حماس بحاجة لسد النقص في ترسانتها الصاروخية، وإعادة بناء المنشآت العسكرية والاستخباراتيه التي دمرتها إسرائيل، وأضاف: (كل مرة يكلفهم الأمر)".
وتستدرك الصحيفة بالإشارة إلى أن يآري قال إن زعيم حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، أراد أن يعيد تركيز المنظمة على تحسين الظروف هناك، وذلك جزئيا لشراء الوقت، ليرى ماذا سيحصل للسلطة الفلسطينية عندما تعلن إدارة ترامب عن رؤيتها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفي وقت تتراجع فيه صحة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وينقل الكاتب عن يآري، قوله: "إن نهج السنوار هو إيقاف التدهور في غزة.. وسيكون الثمن هدنة طويلة وخلال سنتين أو ثلاث سنرى ماذا بعد"، وأضاف أن عباس قد يكون ذهب حينها، أو أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية قد تكونان في مسار تصادمي، خاصة إن وفى نتنياهو بوعده الانتخابي بضم مستوطنات الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وينوه هالبفنغر إلى قول يآري إن أيا من التطورين سيفتح الطريق أمام حركة حماس لأن تتفوق على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث يقول السنوار إن أولويته الضفة الغربية، مشيرا إلى أن تلك الديناميكية تجعل حركة حماس عدوا يعتمد عليه.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول توبول إن نتنياهو "ينظر إلى حركة حماس على أنها شريك أكثر مصداقية من السلطة الفلسطينية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)