هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أجمع مراقبون على أن القرار الأمريكي المحتمل بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، سيكون له تداعيات كبيرة على الجماعة.
وقال المراقبون إن "الجماعة ستتعرض لحصار
اقتصادي شديد، وسيتم تجميد أموالها وممتلكاتها الواقعة ضمن الأراضي الأمريكية،
وستعاني من قيود في حركة التنقل والسفر، وخاصة المنع من دخول الولايات
المتحدة"، مؤكدين أن القرار في حال اتخاذه، سيزيد من موجة الاسلاموفوبيا،
ويدعم اليمين المتطرف في الغرب، وسيجعل التحول السلمي وتداول السلطة خاصة بالشرق
الأوسط من المستحيلات، وسيُفقد الكثيرين الأمل في مسارات التغيير السلمية
والديمقراطية.
وأشار الباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
أسامة أبو ارشيد إلى أن هذا القرار المحتمل ليس وليد اليوم، بل بدأت إرهاصاته
الجادة منذ وصول دونالد ترامب لرئاسة أمريكا، مضيفا أنه "كانت هناك محاولات
أمريكية متكررة في السابق لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية".
وتابع ارشيد في حديثه لـ"عربي21":
"تم وضع ملف تجريم الإخوان على مكاتب وزارة الخارجية الأمريكية خلال فترة حكم
الرئيس جورج بوش الابن في دورتها الأولى، لكن تلك المحاولات فشلت ولم تمر"، منوها
إلى أن "أول من ضغط باتجاه تصنيف أمريكا لجماعة الإخوان كمنظمة إرهابية هو
ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وذلك في
اتصالات ولقاءات سابقة مع ترامب قبل نحو عامين ونصف".
اقرأ أيضا: "إخوان سوريا": محاولات وصمنا بالإرهاب باءت بالفشل
ولفت إلى أن ترامب حاول مطلع العام 2017 الدفع
باتجاه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، لكن كان هناك دفع مقابل من مؤسسات الحكم،
وخاصة وزارتي الدفاع والخارجية والاستخبارات الأميركية، والذين رفضوا هذا التصنيف
حينها.
واستدرك بقوله: "إلا أن موقف مؤسسات الحكم في
أمريكا الآن قد تغير واختلف عما كان عليه في السابق؛ حيث تُقاد وزارتي الدفاع
والخارجية من قبل شخصيات أكثر قربا من ترامب وتفكيره، ويؤيدان الكثير من مواقفه
وسياساته، وبالتالي فلم يعد التوازن موجودا في الإدارة الأمريكية".
احتمال تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية بشكل رسمي في الفترة المقبلة قائم بشكل كبير
وأشار إلى أن "هذا القرار المرتقب يأتي
استكمالا لقرارات ترامب التي تعتمد على التغييرات الجذرية التي يحدثها في السياسية
الخارجية، وهو ما اتضح جليا بالنسبة للقدس، والجولان، والمفاوضات مع كوريا
الشمالية أو حتى التصعيد مع الحلفاء في أوروبا".
ورأى أبو ارشيد أن احتمال تصنيف الإخوان كمنظمة
إرهابية بشكل رسمي في الفترة المقبلة قائم بشكل كبير، مضيفا أنه "وفقا
للمعطيات الحالية قد يتم تمريره، لا سيما أن قرار التصنيف يخضع بالأساس لوزير
الخارجية المتماهي تماما مع ترامب في هذه المسـألة"، وفق تقديره.
وذكر أن هناك 3 شروط أمريكية لتصنيف الإخوان أو
غيرها على قوائم الإرهاب، وذلك حسب المعايير التي تضعها وزارة الخارجية الأمريكية،
موضحا أن الشرط الأول أن تكون منظمة أجنبية، وهو ما ينطبق على جماعة الإخوان.
اقرأ أيضا: ما علاقة تلويح ترامب بوصم الإخوان بالإرهاب وصفقة القرن؟
وأردف قائلا: "الشرط الثاني يتمثل في أن تكون
الجماعة قد مارست أو لديها نية ممارسة أو تملك القدرة والإرادة على ممارسة أعمال
إرهابية، وهو ما لا ينطبق على الإخوان، والشرط الثالث هو أن يكون هناك تهديد مباشر
لأمن المواطنين الأمريكيين أو تهديد للمصالح القومية الأمريكية، وهذا أيضا لا
ينطبق على الإخوان".
وشدّد على أنه "لا أحد يمكنه إيقاف التصنيف على
لائحة الإرهاب إلا الكونغرس الذي سيكون أمامه 7 أيام فقط من تاريخ تبليغه من قبل
وزير الخارجية ليقرر إذا ما كان سيوافق أم يعارض هذا القرار، فإن مضت هذه الأيام
السبعة يصبح هذا القرار ساريا ويتم نشره في الجريدة الرسمية، أما إذا ما اعتراض
الكونغرس فلن يمكن وقتها تمرير هذا القرار".
واستكمل أبو ارشيد قائلا: "حينما يصدر الكونغرس
قرارا لابد أن يتم إقرار ذلك بغرفتيه (مجلسي النواب والشيوخ)، إلا أنه في ظل سيطرة
الجمهوريين على مجلس الشيوخ الأمريكي سيكون من الصعب التصدي لهذا القرار".
ولفت إلى أن "الخيار الثاني والأخير هو اللجوء
إلى القضاء الأمريكي المتمثل في محكمة الاستئناف الأمريكية في مقاطعة كولومبيا في
واشنطن العاصمة، ويكون ذلك خلال 30 يوما من إصدار القرار، حيث يحق للطرف المتضرر
رفع دعوى قضائية إلى أن يتم البت في هذه القضية أمام القضاءـ وفرص نجاح هذه الدعوى
تتجاوز الـ50 بالمئة تقريبا".
ورأى أن "هذا القرار في حال تمريره سيكون له
تداعيات كبيرة جدا على جماعة الإخوان؛ حيث ستتعرض لحصار اقتصادي شديد، وستعاني من
قيود في حركة التنقل والسفر، فضلا عن ضغوط ستتعرض لها من قبل الدول الحليفة
لأمريكا كي يتم معاملتها كمنظمة إرهابية مثلما يجري مع حركة حماس".
القرار سيعقد السياسة الخارجية لأمريكا في المنطقة
وذكر أن "هذا القرار سيعقد السياسة الخارجية
لأمريكا في المنطقة، خاصة في الدول التي تشارك فيها الجماعة في الحكم بشكل ما أو
بآخر سواء تونس أو المغرب أو الأردن أو الكويت أو حتى تركيا؛ فهذا القرار سيتبعه
فرض عقوبات وقيود على حركة الإخوان في تلك الدول وغيرها".
ونوه إلى أن "هذا القرار سيكون قرارا صعبا وله انعكاسات كبيرة وواسعة على أطراف متعددة"، منوها إلى أن هناك ضغطا من داخل الإدارة الأمريكية كي لا يتم تصنيف الإخوان على لائحة الإرهاب، وهذه الضغوط يمارسها المهنيون داخل الإدارة الأمريكية وداخل مجلس الأمن القومي.
وأشار الباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة
السياسات، والمُقيم بواشنطن، إلى أن من يصفهم بالمهنيين داخل الإدارة الأمريكية
"يمثلون الأغلبية، لكن صوتهم تم إضعافه وحصاره بسبب سيطرة ترامب والدائرة
المحيطة على مقاليد الحكم في البيت الأبيض".
وبسؤاله عما إذا كان هذا القرار له علاقة بـ"صفقة
القرن"، أجاب: "بالفعل، قد يكون له علاقة كبيرة بهذه الصفقة، خاصة أن
السيسي هو عراب صفقة القرن الآن، وبالتالي فقد يكون طُلب منه شيئا بخصوص تلك
الصفقة، وهو بالمقابل طلب ثمنا مقابل ما سيقدمه".
بدوره، قال وكيل مؤسسي حزب البديل الحضاري وعضو
المجلس الثوري، أحمد عبد الجواد، أن خطوة تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية بأمريكا
ستلحق ضررا ملموسا بمسار التحول الديمقراطي في العالم كله، وليس في العالم العربي
فقط.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "هذا القرار –حال اتخاذه- سيزيد من موجة
الاسلاموفوبيا، ويدعم اليمين المتطرف في الغرب، وسيجعل التحول السلمي وتداول
السلطة خاصة في الشرق الأوسط من المستحيلات"، داعيا جميع من وصفهم بالعقلاء
في أمريكا وخارجه إلى ضرورة مواجهة الأمر سريعا بكل السبل المتاحة.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: ما هي فرص تصنيف الإخوان جماعة "إرهابية"؟
وأوضح عبد الجواد أن هذا القرار سيخضع جماعة الإخوان
للمراقبة الأمريكية ويمنع أفرادها من دخول أراضيها، ويتم بموجبه تجميد أموالهم
وممتلكاتهم الواقعة ضمن أراضي الولايات المتحدة أو تلك التي تقع ضمن صلاحياتها،
فضلا عن منع أي مواطن أميركي أو مقيم بالولايات المتحدة من التعامل مع جماعة
الإخوان.
واعتبر أن تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية جزء أصيل من
صفقة القرن، بهدف إشغال الكثيرين بهذا القرار، فضلا عن محاولة تحييد الجماعة عن
مواجهة هذه الصفقة التي وصفها بالمشبوهة والكارثية.
ونوه عضو المجلس الثوري إلى أن هذا القرار يبدو أنه
سيتم تمريره هذه المرة، بعدما فشلت المحاولات السابقة، مضيفا: "ترامب وفريق
إدارته المتطرف مصممون على اتخاذ هذه الخطوة التي قد تشعل المنطقة أكثر، خاصة
بعدما نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على
الجولان".
وأوضح أن "هذا القرار المحتمل سيفقد الكثيرين
الأمل في مسارات التغيير السلمية والديمقراطية، وقد يدفع البعض، وخاصة الشباب، إلى
اللجوء إلى أساليب أخرى نرفضها جميعا، بل إن جماعة الإخوان تكون في مقدمة الذين
يواجهون من يفكر في اتخاذ مسارات لا تتفق مع منهج الجماعة السلمي في إحداث التغيير".