نشر موقع "
هاكرنون" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن التهديد الذي تشكّله تقنيات
الذكاء الاصطناعي لمبادئ
الديمقراطية، نظرا لتمهيدها الطريق أمام ظهور انتهاكات تكنولوجية شديدة الخطورة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه مع اتساع نطاق التكنولوجيا الصينية أكثر من أي وقت مضى لتبلغ جميع أنحاء العالم تقريبا، باتت التطوّرات التي شهدها مجال الذكاء الاصطناعي تشكل تهديدا حقيقا؛ لما يمكن أن ينجم عنها من انتهاكات واختراقات. وهو ما يثير قلق وكالات الأمن الداخلي في الدول الغربية.
وأفاد الموقع بأن المعلومات التي صدرت مؤخرا، والتي تفيد بأن الجامعة الوطنية الصينية لتكنولوجيا الدفاع بالشراكة مع مايكروسوفت تنوي إحداث المزيد من التطورات على مجال الذكاء الاصطناعي، أثارت الذعر في نفوس بعض السياسيين في الولايات المتحدة. ويعتقد الخبراء في هذا المجال أن تعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي الذي يكتسب زخما أكبر كل يوم يعرّض حريات مستخدمي شبكة الإنترنت للخطر.
ونوّه الموقع بأنه كلما أصبحت الدول أكثر إقبالا على التطورات في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ازداد التهديد الناجم عن توظيف حكومات العالم الراغبة في تشديد الرقابة على مواطنيها لمثل هذه الأنظمة لتحقيق مبتغاها. وبالنسبة للديمقراطيات الغربية المتعوّدة على سيادة القانون وحرية التعبير، فإن تعقّب حياة الأفراد ومراقبتها يعد أمرا مرفوضا.
أما بالنسبة للدول التي تتمتع بسجل حافل بقمع حرية المواطنين وانتهاك حقوق الإنسان، فإن أي سعي محتمل لإحكام قبضة هذه المؤسسات على السلطة من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي سيزيد الأمر سوءا، إذ سيفتح المجال لمزيد من الممارسات القمعية والمراقبة المشدّدة.
وذكر الموقع أن بكين طبّقت أحدث تقنيات المراقبة والتتبع على هواتف المواطنين الذكية، لا سيما في منطقة سنجان ذاتية الحكم ذات الأغلبية المسلمة من الأويغور؛ بهدف تعقّب حركتهم اليومية. وفي حال لم ينجح القمع في كبح جماح الأفراد، فمن شأنه أن يؤدي إلى تنامي الشعور بالاستياء لدى سكان المنطقة، وتفاقم الصراعات العرقية والدينية.
وتوظّف عشرات الدول في جميع أنحاء العالم، على غرار كينيا وبنغلاديش، أنظمة الذكاء الاصطناعي الصينية في عمليات المراقبة وممارسة القمع في حق الأقليات العرقية والمعارضين السياسيين. وتقوم الحكومة الصينية بتصدير هذه التكنولوجيا كجزء من مبادرة الحزام والطريق، حيث تتولّى بكين تمويل مشاريع البناء مثل بناء الطرق وخطوط الطاقة ومشاريع الاتصالات السلكية واللاسلكية في البعض من أفقر دول العالم.
وأشار الموقع إلى أن هذه المخاوف في تنام، حيث يقوم عمالقة التكنولوجيا الصينية من قبيل زد تي إي كوربوريشن للاتصالات وهواوي ببناء مدن ذكية في بلدان على غرار باكستان والفلبين. وتعتزم الشركتان تركيب معدات مراقبة متطوّرة في هذه "المدن الذكية" ذات التصميم الذاتي، حيث يقع تحليل البيانات من أجل مراقبة تدفّق حركة المرور والكشف عن النشاط الإجرامي في الشوارع باستخدام الكاميرات الحديثة.
وأود الموقع أن دولة زيمبابوي المنهكة بسبب القمع الحكومي الذي استمرّ عقودا من الزمن، فضلا عن عواقب توقيعها اتفاقية تعدين تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع شركة تسينغشان الصينية، تقوم بإنشاء قاعدة بيانات تُسمّى "الصورة الوطنية" تستخدم تقنية التعرف إلى الوجه.
وأضاف الموقع أن العديدين في الغرب يعتقدون أن شراكة مايكروسوفت مع الجامعة الصينية تمثّل فرصة بالنسبة لشي جين بينغ لينشر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الخاصة ببلاده إلى زوايا أخرى من العالم. ومن هذا المنطلق، تخشى الأنظمة الديمقراطية أن تستغل الصين هذه الفرصة لإعاقة كفاحها ضد الجرائم الإلكترونية ذات التوجه السياسي.
وسواء تمثّلت نية بكين في الترويج للتكنولوجيا من أجل تحقيق أرباح أو التوسّع على المستوى الجيوسياسي، يبدو أن البلدان الغربية التي تتبنى تقنية الذكاء الاصطناعي ستظل في تبعية للأنظمة الصينية التي تستخدم للتجسس على خصوصيات الأفراد، والتي وقع دمجها بشكل كلي ضمن البنية التحتية للبلاد. ويمكن لهذه الأنظمة أن تقوم بنشر المعلومات المزيفة والشائعات ومقاطع الفيديو المفبركة التي تعرف بـ"الزيف العميق" أو "الديب فيك".
وفي الختام، شدد الموقع على ضرورة تفكير صناع القرارات السياسية في الدول التي تتبنّى الفكر الديمقراطي مطوّلا قبل استخدام الابتكارات والتكنولوجيا الصينية، سواء كان ذلك في مجال الذكاء الاصطناعي أو في أي تطورات تكنولوجية أخرى.