هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في دراسة محلية مثيرة للجدل أصدرها مركز مصري لدراسات الرأي العام، حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية المثيرة للجدل؛ كشفت مؤشراتها تراجع بين المصريين في تأييد خطوة النظام.
ووسط رفض المعارضة المصرية، يسعى النظام لتمرير تعديلات دستورية أقرها البرلمان الثلاثاء، وتطرح للاستفتاء الشعبي يوم 20 نيسان/ أبريل الجاري، وتمنح رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي عامين إضافيين على مدة حكمه الحالية وتسمح له بالترشح لمدة رئاسية ثالثة 6سنوات حتى 2030.
الدراسة الميدانية التي أعدها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"، واطلعت عليها "عربي21"، رصدت انخفاض نسبة المشاركة المتوقعة بالاستفتاء لـ4.8 بالمئة من إجمالي من لهم حق التصويت.
وأشار رئيس المركز الباحث بدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن أهم مؤشرات الدراسة هي انخفاض القابلية للحشد للتصويت بالاستفتاء عند موظفي القطاع العام وأن العلاوات بالرواتب التي أعلنها السيسي، الشهر الماضي غير ذات جدوى.
وتوقع ألا يزيد حجم المشاركة المتوقعة للعاملين بالحكومة عن 15 في المئة، من حجم العاملين بالجهاز الإداري للدولة، مقابل 4.5% و3% و 2.5% و2% من العاملين بالنشاط الصناعي والتجاري والخدمي والزراعي على التوالي.
اقرأ أيضا: هل ينجح الحشد الديني بدفع المصريين للتصويت بنعم للدستور؟
وقال، إن ثاني المؤشرات وجود انقسام حاد بالكتلة القبطية حول التعديلات، وأن القطاع الأكبر منها لن يشارك بالاستفتاء، وأن التوقعات تشير لانخفاض المشاركة لـ41% من إجمالي المسيحيين الذين لهم حق التصويت، وهي ما تقل عن المشاركة بآخر 4 استحقاقات انتخابية.
وكشف أيضا عن مفارقة مفادها ارتفاع معدلات رفض المشاركة لكبار السن وتقاربها مع معدلات الرفض عند الشباب، حيث انخفضت نسبة المشاركة بالفئة العمرية أكبر من 65 عاما إلى 3.9% على خلاف آخر 5 سنوات.
وفي مفارقة أخرى، أظهرت الدراسة التي أجريت أيام 14 و15 و16 نيسان/ أبريل الجاري؛ ارتفاع معدلات رفض المشاركة عند فئة النساء متفوقة على فئة الذكور لأول مرة منذ 2013، رغم أنهن كن من أكثر الفئات مشاركة في السابق.
وتوقعت الدراسة ألا تزد المشاركة في صفوف العاطلين وربات البيوت عن 1.5%، وأن الأسباب الاقتصادية أهم العوامل المؤثرة في قرار مشاركتهم.
"عبرت عن الواقع"
وحول دلالات الدراسة، وكيف تكشف عن تغيرات حقيقية بالشارع المصري، قال مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية باسطنبول، الدكتور ممدوح المنير: "بكل تأكيد تعبر عن واقع الشعب الذي أصبحت غالبيته الساحقة ترفض السيسي، ونظامه بعد انكشاف حقيقته وكذب دعاويه عن الرخاء الاقتصادي".
الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أنه "حتى مؤيدي السيسي، من العامة أو الأقباط؛ انقلب معظمهم عليه بعد الواقع المر الذي جاء به حكمه العسكري"، مشيرا إلى أن "الأقباط كانوا حصان طروادة في استقرار نظام السيسي، وإعطائه المشروعية الشعبية عبر حشودهم التي كان يروج أنها تمثل المصريين جميعا".
اقرأ أيضا: أول دعوى قضائية لإلغاء الاستفتاء على تعديلات الدستور بمصر
وأضاف الباحث السياسي: "لكن الكنيسة المصرية ممثلة في البابا تواضروس تحولت لحزب سياسي طائفي له مشروع سياسي يظن أن التأييد الأعمى للسيسي، سيقربه من تنفيذ مشروعه، لكنه لا يعرف أنه بذلك يدمر منظومة الأخلاق التي تتحدث عنها المسيحية و تجعل (شعب الكنيسة) بحالة عزلة وانعدام للثقة بقيادتهم وما تمثله لديهم، فضلا عن شعور باقي الشعب بالاحتقان من تأييد تواضروس للسيسي".
وبالنسبة لوضع النساء بالدراسة، قال المنير: "طبيعي أن تزيد مساحة الرفض لأنهم أكثر من خدعوا بالتأثير العاطفي الذي كان يستدر به السيسي تأييدهم، وظهر على حقيقته كممثل فاشل بلا أخلاق أو ضمير، فضلا عن أن المرأة المصرية أصبح حالها أسوأ بعهده مع انتشار البلطجة وغياب الأمن والانحراف الأخلاقي".
ويرى المنير، أن "الدراسة عبرت عن الحد الأدنى من الواقع، وأن التعديلات الدستورية إذا توفرت لها عوامل النزاهة والشفافية سيرفضها الشعب بأكمله عدا تواضروس ومن حوله؛ فهي وصفة كاملة لصناعة فرعون جديد ولا يبقى له سوى أن يقول أنا ربكم الأعلى كما قالها سلفه منذ آلاف السنين".
"ترجمة للواقع"
وفي قراءته لمؤشرات الدراسة أكد الإعلامي حازم غراب، أنها "ترجمة بالغة الدقة والدلالة على حال المصريين في ظل هذا الظرف السياسي والواقع المعاش".
الخبير الإعلامي، أوضح لـ"عربي21"، أن "كل ذي حس سياسي متواضع يدرك هذه النتائج لكن كانطباعات"، مضيفا: "ويحمد للمركز تحويل هذه الانطباعات لاستطلاع رأي مدروس وعلمي لا يمكن التشكيك بنتائجه".
"تعبر عن حقيقة"
من جانبه قال الكاتب الصحفي أسامة الألفي: "لا أعتمد على مثل هذه الدراسات التي لم يعلن عنها"، مضيفا "وإن كانت النتيجة التي ظهرت تعبر عن حقيقة؛ فالكثير من مؤيدي النظام تراجعوا".
اقرأ أيضا: حركات مصرية معارضة تدعو للتصويت بـ"لا" على تعديل الدستور
وفي تعليقه على ما ترصده الدراسة من تراجع لنسب النساء وكبار السن والأقباط رغم أنها الفئات الأكثر تصويتا بالاستحقاقات السابقة، أكد نائب رئيس تحرير الأهرام، لـ"عربي21"، أنه "بالفعل هناك أصدقاء أقباط كثر ضد النظام بعدما انكشف".
ويعتقد الألفي، أن ملف الاقتصاد والحريات هما الأكثر تأثيرا وتسببا في مثل هذا التغيير، مبينا أن "الاقتصاد مؤثر بالنسبة لعامة الشعب الذين لا يهمهم من يرأس البلاد ولا سياسته بقدر ما يهمهم لقمة العيش، والحريات مؤثرة بالنسبة للطبقة المثقفة".