هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد رئيس الانقلاب في مصر، عبدالفتاح السيسي دعمه للعمليات التي يقوم بها اللواء الليبي، خليفة حفتر لمكافحة الإرهاب، واعتبرها طريقا لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وسط تساؤلات عن دلالة هذا الدعم الواضح وأسباب زيارة الأخير المفاجئة إلى القاهرة في توقيت حرب "طرابلس".
وذكر بيان للرئاسة المصرية أن "الطرفان ناقشا آخر المستجدات على الساحة الليبية، وأن "القاهرة تدعم جهود مكافحة الإرهاب "بما يسمح بإرساء قواعد الدولة المدنية المستقرة ذات السيادة، والبدء في إعمار ليبيا والنهوض بها في مختلف المجالات".
تأكيد للدعم
وتعد هذه أول زيارة يقوم بها "حفتر" منذ شنت قواته هجوما على العاصمة الليبية "طرابلس"، والذي لاقى ردود فعل غاضبة دوليا ومحليا، وسط تهديدات بعقوبات قد توقع على الجنرال الليبي إن لم يعد إلى ثكناته، لكن زيارة القاهرة واستمرار المعارك يؤكد إصرار "حفتر" على استكمال الأمر بدعم إقليمي ودولي.
وأثارت الزيارة ردود فعل من قبل مراقبين وناشطين ليبيين، كونهم اعتبروها تأكيد للدعم المقدم من قبل النظام المصري لحفتر حتى لو على المستوى المعنوي والسياسي، وطالب بعضهم حكومة الوفاق بموقف دبلوماسي جاد تجاه القاهرة.
والسؤال: هل الزيارة دعم معنوي، أم محاولة لإقناع "حفتر" بالتهدئة والعودة للمفاوضات؟
تصعيد دبلوماسي
من جهته، قال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد إن "الزيارة في هذا التوقيت هي بداية لانكشاف التحالفات وخروج أطراف المجتمع الدولي والمهتمين بالأزمة الليبية من حالة الحياد الباهتة والزائفة إلى الاصطفاف العلني والصريح، كما أنها تحمل رسائل للداخل وللخارج".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "حفتر يريد طمأنة مؤيديه أن الدعم له مستمر، ويريد أن يؤكد للخارج أنه يصرّ على العسكرة حلاً وحيداً للأزمة، لذا مطلوب من حكومة الوفاق وخارجيتها الآن فتصعيد دبلوماسي كبير وعاجل ضد القاهرة وانحيازها الواضح لحفتر"، حسب رأيه.
اقرأ أيضا: السراج: حفتر أصر على إدخال ليبيا في حرب
وحول علاقة الأمر بزيارة "السيسي" لأميركا، قال أبو زيد: "لا أعتقد أن الأمر له علاقة، فواشنطن لا تعول على مصر في الملف الليبي، ولكن الأرجح أن هذه الزيارة تأتي للبحث عن مزيد من الدعم الذي أصبح حفتر في أمسّ الحاجة له خاصة الدعم النوعي المتعلق بسلاح الجو، والدعم في خطوط الإمداد"، كما قال.
تأزيم وطرابلس الضحية
وقال المدون من الشرق الليبي، فرج فركاش إنه "يجب أن يكون موقف مصر داعم لوحدة البلاد وعدم تمزقها بعدم انحيازها لأي طرف، ودعم الحوار والمصالحة وتوحيد المؤسسات في مواجهة أي تحد أمني للبلاد باعتبار مصر تعترف بالسلطة المعترف دوليا".
وتابع لـ"عربي21": "لكن غير هذا الموقف سيؤدي إلى تأزيم الوضع أكثر وستدخل دول أخرى في الصراع لمناصرة الطرف الآخر وتزداد حدة الحرب بالوكالة في ليبيا والضحية للأسف ستكون "طرابلس" وسكانها"، حسب قوله.
حسم ودعم
لكن الناشط السياسي المؤيد لعملية "حفتر" في طرابلس، فتح الله الفرجاني أكد أن "السيسي داعم قوي للقوات المسلحة الليبية (قوات حفتر) في حربها ضد "الإرهاب" والعصابات المسلحة وخاصة في "طرابلس"، وأن أبرز ما تم تناوله في هذه الزيارة هو ملف مكافحة الإرهاب وخطره علي الدولتين"، وفق معلوماته.
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الجيش" دخل في مرحلة الحسم الآن، لذا وبكل تأكيد فإن ثمة رسائل مهمة نقلها "السيسي" إلى "حفتر" تتعلق بالموقف الأمريكى والدولي من عملية "طرابلس"، أما حكومة "الصخيرات" (الوفاق) فهي داعمة للإرهاب ولا تملك من أمرها شيئا إلا التنديد"، حسب زعمه.
بحث عن مخرج
ورأى المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار أن "زيارة حفتر للسيسي لها عدة أبعاد، منها: البحث عن دعم ميداني، وصرف الرأي العام فى الشرق الليبي عن خسارته للمعركة وخسائره في الأرواح والمعدات، وكذلك بحث تطورات الموقف وما هو المخرج. منها"، حسب رأيه.
اقرأ أيضا: السيسي يلتقي حفتر بالقاهرة لـ"بحث التطورات في ليبيا"
وأشار إلى أن "حفتر تعرض لهزيمة قاسية وقاصمة على تخوم "طرابلس"، وهذا ما وضعه تحت ضغوطات كبيرة من أهالي القتلى والرأي العام، ناهيك عن فقدانه القدرة على تجييش أفراد واستنفار القبائل لدعمه، لذا هناك عدم رضا من المجتمع الدولي عن أداء "حفتر" ومغامرته"، كما صرح لـ"عربي21".
وأوضح الناشط الليبي، قدور سعيدي أن "مشروع "حفتر وحلفائه في مصر والخليج وفرنسا للسيطرة على العاصمة قد فشل فشلا ذريعا، وأن اللقاء مع السيسي، بغض النظر عمن دعا إليه، هو محاولة لتدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مضيفا لـ"عربي21": "حفتر سيطلب تدخل الطيران المصري لدعمه ولن يعترف بالهزيمة أما الطرف المصري فسيحاول إيجاد مخرج، على الأرجح سياسي، للعودة إلى مسار الأمم المتحدة".
مفاوضات "مستحيلة
وقال الطبيب العسكري السابق في قوات "البنيان المرصوص"، محمد الطويل إن "القاهرة أيقنت أنه حان الوقت لكي تتدخل وتنقذ ما يمكن إنقاذه كون الوقت ليس في صالح "حفتر" بعد هزيمته حتى الآن، لذا استدعاه "السيسي" لإيجاد مخرج للحرج الذي وضعهم فيه "حفتر".
وأوضح لـ"عربي21" أن "العودة الآن إلى طاولة المفاوضات شبه مستحيلة، أما حكومة الوفاق فرغم الإنجاز على الأرض إلا أنها تتحرك ببطء شديد دبلوماسيا، وعليها استغلال الاعتراف الدولي بها والضغط على الجميع لإيقاف هذه الحرب والمطالبة بتسليم "حفتر" كمجرم حرب"، حسب تعبيره.