هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت التراجعات العسكرية الكبرى والمتتالية لفصائل المعارضة السورية خلال السنوات الأخيرة، أسئلة جوهرية تتعلق بمصيرها ومستقبلها العسكري والسياسي.
وفي هذا الصدد، رجح المحلل السياسي السوري أسامة
بشير أن المعارضة السورية المسلحة لن "تبقى حاملة للسلاح إلى ما لا نهاية"،
معتبرا أنه سيتم التوصل لوضع السلاح في وقت ما، كما حصل في درعا والغوطة الشرقية
سابقا.
ويعتقد بشير في حديثه لـ"عربي21" أن الروس
والأتراك متفقون على إنهاء الوجود المسلح بالشمال وضبطه عبر الجيش الوطني وبمشاركة
الروس، وبالتالي بحال فشلوا سيكون هناك الخيار العسكري.
لكنه في المقابل أكد أن روسيا والنظام سيواجهون ردة
فعل قوية دولية في حال تم الهجوم عسكريا على الشمال، إلا أن "هذا الخيار
سيبقى قائما في حال لم يتم الوصول إلى حل يتضمن مصالحات، ولكن بطريقة تختلف عما
حصل ببقية المناطق، حيث أنه سيكون للجيش الوطني دور فاعل في الشمال بالمشاركة مع
الشرطة العسكرية الروسية".
واستبعد بشير أن تتحول المعارضة السورية إلى العمل
السياسي دون العسكري، إلا أنه يرى في ذات الوقت ربما يتم اختيار بعض الشخصيات
ليكونوا ضمن العمل السياسي.
خيارات المعارضة
من جانبه، أشار عضو مجموعة العمل من أجل سوريا درويش
خليفة إلى أنه بعد أكثر من ثماني سنوات على انتفاضة الشعب السوري في وجه السلطة
الحاكمة، لم يتبلور إجماع على بديل سياسي يسعى لتحقيق مطالب القوى الشبابية التي
قادت الحراك السلمي، وبالتالي تصبح هي القيادة الفعلية لما خرجت له.
وأرجع خليفة في حديثه لـ"عربي21" ذلك إلى
هيمنة العسكر على القرار الداخلي والقوى السياسية المعينة في الخارج ومن الخارج،
وتسلطهم على القرار بدون أدنى شرعية شعبية، وكذلك ميول المعارضة السياسية في تحقيق
الكسب الذاتي في التمثيل والعلاقات الخارجية، ولعب دور وظيفي لا يراعي مصالح
الطبقات المجتمعية الثائرة على النظام المحكوم بأجندة إيرانية روسية يعرفها
السوريون عامة.
ولفت إلى أن الجميع يسعى ليكون البديل للسلطة دون أن
يعمل على بلورة برنامج سياسي يتوافق مع طموح الشعب السوري المتعطش لحريته وكرامته،
التي سُلبت منه بفعل حكم الأسد للبلد وهيمنة الحزب الواحد.
اقرأ أيضا: طعمة لـ"عربي21": وقعت أخطاء والديموقراطية لم تترسخ بعد (شاهد)
وأكد خليفة أن المعارضة كان جدير بها مخاطبة الشعب،
والعمل على مطالب المجتمع قبل التوجه للحلفاء، والحفاظ على مصالحهم في حال رحيل
النظام، والذي لم تؤكده الاتفاقيات الخاصة بالحالة السورية حتى الآن.
ويرى وفق وجهة نظره بأن المجتمع الدولي لا يثق
بالمعارضة السورية كما أنه لا يثق بالنظام أيضا، ولكن الأخير يستطيعون ضبطه متى
شاؤوا، وبوجوده يستطيعون تبديد تخوفهم من المجهول وبالذات بعد صعود التيارات
المتشددة على السطح وبسط نفوذهم في البيئات المضطربة.
وأكد أن مستقبل المعارضة السورية محكوم بالاتفاقيات
الدولية والتي من الممكن إعطائها مساحة للعمل، كتضمين قانون أحزاب في الدستور
الجديد، ومشاركتها في الحياة السياسية عبر تمثيلها في البرلمان والمجالس المحلية.
وأضاف أن "تحول الفصائل الإسلامية لأحزاب
سياسية ذي جناح عسكري إن ذهبت الأمور في بقاء الوضع الأني (مناطق نفوذ عسكرية) إلى
سنوات عديدة، كحزب الله في لبنان وحركة حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك الفصائلية
العسكرية التي تحمل غلاف سياسي في العراق".
ويرى أن بقاء الوضع في سورية على ما هو عليه سيعطي
سورية صفة "دولة مركبة" تحكمها قوى أمر واقع، بينما خيارات المعارضة تستند
على القرارات الدولية والاتفاقيات الثنائية بين الدول المتداخلة في الملف السوري
المعقد شكلا ومضمونا.
"إعادة
حسابات"
أما عضو الائتلاف السوري المعارض السابق حسين البسيس
فقد رأى أن "المعارضة السورية كانت طيلة ثماني سنوات بعيدة عن الواقع
الميداني بنسبة عالية جدا، حيث لم تحاول يوما دراسة الاسباب واعادة النظر بما يحدث
لكي تتجاوز تلك النقطة، ما جعلها ضعيفة في كل ما تطرحه وخاصة ان الجانب العسكري
تراجع كثيرا".
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "العلاقات
الدولية كلها مبنية على السياسة والمصالح ودائما المطالب متحققة عندما تكون
السياسة قوية، وهذا أيضا نتاج لاستثمار القوة العسكرية الموجودة بالشكل الأمثل"،
وفق تعبيره.
وأكد البسيس أن المعارضة السورية بحاجة اليوم لإعادة
حساباتها والعمل على الجانب السياسي من خلال الأحزاب والتيارات السياسية، لأن ذلك
يتوافق والرؤية الدولية للحل بسوريا، وهذا لا يمنعها من أن تكون لديها قوة عسكرية
مرتبطة بها ارتباطا حقيقيا، لتمنحها القوة لتحقيق أهداف الثورة في الاستحقاقات
القادمة في الملف السوري.
اقرأ أيضا: طعمة لـ"عربي21": سببان ساعدا على تقدم الأسد ميدانيا (شاهد)