هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تظلّ صورة فلسطين عالقة في أذهان مئات الآلاف
من أبنائها اللاجئين في لبنان، رغم أن السواد الأعظم منهم لم يُكتب له تنفس
نسائمها أو التقاط مشهديتها بالعين المجردة بعد تهجير الآباء والأجداد منها عام
1948.
ويرى مراقبون أنّ التمسك بالهوية الفلسطينية
والتاريخ والجغرافيا الوطنية له دلالة لفلسطينيي الشتات مرتبطة بأمل متوارث، جيلا بعد آخر، بأنّ العودة هي الخيار الوحيد وليس مجرد اختيار أو شعور ظرفي.
وتفاعل فلسطينيو لبنان مع ذكرى يوم الأرض هذا
العام وسط زحمة الهواجس من مخططات "إسقاط عودتهم"، فكان الشعور العام
"الغاضب" متصاعدا ومترقبا لمآلات صفقة القرن التي تمرّر فصولها تباعا، في
حين أنّ الفصل المتعلق باللاجئين هو الأصعب، حيث يُفسر فلسطينيو لبنان التضييقات
المتصاعدة بحقهم على المستوى الإنساني بأنها خطوات داعمة للصفقة
"الخطيرة".
ورأى منسق العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، محمد الشولي، أنّ يوم الأرض "ليس مجرد ذكرى، بل هو
مناسبة وطنية للتعبير والتأكيد على حتمية الحقوق الفلسطينية وعدم التنازل عنها تحت
أي مبرر أو ظرف"، وشدد في تصريحات لـ"عربي21" على أنّ "الحقوق لا
تسقط بالتقادم وفق ما كفله القانون
الدولي، الذي أجاز أيضا الحق في التظاهر، فارضا الحماية على حرية الرأي والتعبير".
ولفت إلى أن "فلسطينيي
لبنان شاركوا بفعاليات على امتداد الخارطة اللبنانية إلى جانب الفعالية الحاشدة
التي نظمها مؤتمر فلسطينيي الخارج، والتي شددت على ضرورة الوحدة والتمسك بالثوابت
الوطنية".
وتحدث الشولي عن
معاناة "كبيرة وقاسية يكابدها الفلسطينيون في لبنان، التي تخالف كل الأعراف والقوانين
الدولية، لا سيما النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان"، مستغربا
"استمرار التعاطي السلبي مع قضايا اللاجئين الإنسانية ومنها حقوق العمل
والتملك، التي تعد قاعدة عامة لا يحقّ لأي جهة مخالفتها؛ لأنها تتجاوز بذلك
القواعد الإنسانية المتعارف عليها دوليا".
ودعا الشولي "الأمم
المتحدة إلى إثبات مصداقيتها من خلال تطبيق القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، من
بينها حق العودة، الذي لا يمكن شطبه أو تصفيته أو تذويبه تدريجيا".
كما طالب المجتمع
الدولي "بالضغط لرفع الحصار عن قطاع غزة، والدفاع عن الحق في التظاهر، واعتبار
الانتهاكات الإسرائيلية بمثابة جرائم دولية تستوجب محاكمة قادة الكيان أمام المحاكم
الدولية".
وبيّن أن مؤسسة "شاهد"
دعت إلى "تقييم مدى فعالية الآليات المحلية والإقليمية والدولية لحماية حقوق
الإنسان في ظل ما يتم ارتكابه وسط صمت أو عجز دولي"، داعيا إلى "فضح
المخططات التي تهدف إلى تصفية الحق الفلسطيني من خلال صفقات دولية مشبوهة وبتآمر
جزء من المجتمع الدولي".
وبيّن عضو اللجان
الشعبية في مخيمات الشمال، أبو فراس موسى، أنّ "الاحتفال في هذه المناسبة يحمل معاني كبيرة، بعضها رمزي؛ لكونه يخلّد
ذكرى الشهداء الذين ناضلوا منذ عشرات السنوات في سبيل قضيتهم السامية"،
معتبرا في تصريحات لـ"عربي21" أنّ "يوم الأرض يعكس حقيقة الشعب
الفلسطيني الذي يصارع التحديات بمختلف أنواعها في سبيل البقاء واستعادة الحقوق
المسلوبة".
وشدد موسى على أنّ
"اللاجئين الفلسطينيين موحدون تجاه المخاطر المحدقة بهم، ويدركون أنّ
المؤامرة باتت تطرق أبواب مخيماتهم بهدف تذويبهم أو ترحيلهم"، مستغربا
"الحديث عن توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم، في وقت يرفض الفلسطينيون بشكل
نهائي وحاسم أي محاولة للنيل من هويتهم وإرثهم النضالي وضرب ثوابتهم التي تشكل
عامود هذه القضية التاريخية".
ودعا موسى الدولة
اللبنانية إلى إعطاء الفلسطيني في لبنان كامل حقوقه المدنية والإنسانية، بما فيها
حق العمل والتملك؛ لتهيئة أجواء الصمود عنده، بدلا من التهويل على الجميع بالحديث
عن التوطين ومخططاته من دون العمل جديا على تحصين الفلسطيني إزاء الخطط الدولية
المشبوهة".
وحذر موسى من أي
محاولة للمساس بالوحدة الفلسطينية على صعيد الشتات والأراضي المحتلة، وقال:
"وحدة الصف الفلسطيني ضرورة في هذه المرحلة الصعبة تحديدا، التي يقودها الرئيس
الأمريكي ترامب حاملا صفقته الخائبة، محاولا تمريرها في ظل سياسة الكيل بمكيالين
والصمت المخيب للمجتمع الدولي".
ونوّه المسؤول السياسي
لحركة حماس في منطقة صور، عبد المجيد عوض، إلى أنّ ملف اللاجئين الفلسطينيين يشكل "العامود
الرئيس للقضية وأحد العوائق الأساسية التي تحول دون تنفيد صفقة القرن الأمريكية"،
مؤكدا في تصريحات لـ"عربي21" تمسك حركة حماس
بالثوابت الفلسطينية، وقال: "قضية اللاجئين على رأس أولياتنا، وحق العودة مقدس
لا يمكن التفريط به أو التنازل عنه مهما كلفنا ذلك من ثمن"، مردفا: "المناسبة
تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة الكبرى، ما يعطينا دافعا قويا للإصرار
على التمسك بالحقوق والثوابت كاملة".
وطالب عوض الدولة
اللبنانية بالمساهمة في تعزيز الصمود الفلسطيني إلى حين عودته إلى أرضه من خلال
توسيع دائرة النظر إلى أوضاعه، وقال: "منح اللاجئين حقوقهم كاملة يعدّ محطة
مهمة في مشروع التحرير والعودة"، خاتما: "الرسالة التي كتبها شعبنا
بدمائه المباركة تدلّل على أنّ طول السنين وتقادم الزمن لا يمكن أن ينسينا أرضنا المباركة".
اقرأ أيضا: فعاليات بلبنان لإحياء يوم الأرض وتضامنا مع الفلسطينيين (شاهد)