هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حظيت اتهامات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة لساسة ليبيا بـ"الفساد"، ردود فعل غاضبة وأخرى مرحبة، وحملة استهجان من مسؤولين وناشطين، وسط تكهنات بتأثير هذا الصدام على مجريات الملتقى الوطني المرتقب.
وطالب العديدون سلامة بتحديد أسماء الفاسدين وتقديم الأدلة على ذلك.
وأصدرت مجموعة من الساسة، بينهم أعضاء برلمان ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي، بيانات استهجان لما وصفوها بالاتهامات "المرسلة" من مسؤول دولي رفيع المستوى، وطالبوه بتقديم الأدلة على اتهاماته، وإلا ستكون مجرد "تضليل" و"متاجرة سياسية"، وفق تعبيرهم.
"مدارس صفيح"
في المقابل، جاءت تصريحات جديدة لسلامة حول الوضع في ليبيا، وكأنها إصرار ورد ضمني منه على حالة الغضب التي أصابت الساسة هناك جراء اتهاماته لهم بالفساد، حيث قال: "بلد يصدر 1.3 برميل نفط يوميا، ولديه مئات المدارس من الصفيح، وعشرات المستشفيات المترهلة، ولم ينفق مليما على صيانة منشآته".
اقرأ أيضا: سلامة يتحدث عن "مستوى فساد عال" بالطبقة السياسية بليبيا
وأضاف في أول تعليق له على ردود الفعل: "مدارس صفيح ومستشفيات مترهلة بينما يخصص 60 في المئة من ميزانيته لمرتبات موظفيه، ومئات الملايين أتعاب محاماة للخلافات في مؤسساته"، متسائلا: "بلد على هذه الحال.. هل بمجرد الصدفة؟"، بحسب صفحته الرسمية على "تويتر".
وطرحت الاتهامات والردود الغاضبة حولها تساؤلات حول علاقة ذلك بالملتقى الوطني المرتقب في الشهر المقبل، ونتائج الصدام المبكر بين سلامة ومتصدري المشهد السياسي في ليبيا.
"تعميم مرفوض"
من جهته، قال عضو البرلمان الليبي، صالح فحيمة، إن "التعميم الذي انتهجه سلامة في اتهام الجميع وتشويههم لا ولن نقبله، وبعد أن طالبناه بإظهار أدلته على صدق اتهاماته، ها هو بهذه التغريدة يعلن أنه لايملك أدلة دامغة، ويقول إنها مجرد تكهنات واستنتاجات استنبطها من المقارنة بين دخل الدولة الليبية وحالة البنية التحتية".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن سلامة اعتبر نسبة مرتبات الليبيين من الميزانية العامة للدولة التي يقول إنها بلغت 60 في المئة أنها أيضا فساد من الطبقة السياسية، وكأن الليبيين كلهم قد تم توظيفهم في عهد البرلمان أو في عهد الساسة الحاليين، بحسب كلامه.
وتابع: "بحسب ما ذكرته، فإن سلامة نفسه يثبت أن تصريحاته واتهاماته كانت مجرد كلام مرسل، لا يرقى إلى أن يكون تصريحات من مسؤول أممي رفيع المستوى".
موقف "يستحق التحية"
لكن وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، اعتبر أن "تصريحات سلامة جاءت في موعدها قبل انعقاد الملتقى الجامع ليشعر كل من الساسة الحاليين أن الشعب قد عرف أن بعضهم سارق للمال العام، وأنه يفترض أن يكون مكانهم السجن وليس المنصب في المستقبل".
اقرأ أيضا: "المجلس الرئاسي" يطمئن الليبيين بخصوص أجندة الملتقى الوطني
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "أنا شخصيا أحيي غسان سلامة على موقفه هذا وتصريحاته، فالرجل التقى بالجميع وسأل عن كل من تقلد منصبا من عدة جهات ذات علاقة به ودرس سيرته الذاتية بتفاصيلها، لذلك لم يرد أحد من هؤلاء على اتهامه لهم بالفساد بأدلة تنفي تورطهم"، وفق رأيه.
ضربة استباقية
وأشار الناشط الليبي، أحمد التواتي، إلى أن "المبعوث الأممي بهذه الاتهامات يوجه للساسة في ليبيا ضربة استباقية لهدم آخر خيط لهم بالشعب حتى إذا ما أقدم على أن يكون المؤتمر الجامع البديل لهذه الأجسام لن يجدوا شعبا يتعاطف معهم بل الجميع ستروقه هذه النهاية لهم"، بحسب تقديراته.
وأكد لـ"عربي21" أن "سلامة وضع كل الساسة في سلة واحدة حتى لا يتهم بالتحيز، وفعلا ما قاله بأن الفساد يطالهم جميعا كون التشبث بالمقعد دون تقديم خدمة للمجتمع هو في حد ذاته فساد، ومن المؤسف أن نسمع كشعب هذه الحقائق لكل متابع دون أن نتحرك في مواجهته أو التظاهر عليه".
الملتقى وإسقاط الأجسام الحالية
بدوره، قال رئيس تحرير صحيفة "الرأي" الليبية (مستقلة)، حسين العريان لـ"عربي21": "تصريحات سلامة لم تأت بجديد، لكن التعميم الذي استخدمه هو ما وضعه في موقف محرج، وما ذكره من فساد وتجاوزات قد تناوله تقرير ديوان المحاسبة السنوي والأجهزة الرقابية الأخرى وتوجد قضايا فساد أمام المحاكم".
واستدرك بالقول: "لكن السؤال الذي نبحث له عن إجابة: هل نصح سلامة هؤلاء الفاسدين؟ أليس هو رئيس بعثة أممية من أهم وظائفه دعم مؤسسات الدولة؟ لكن من الواضح بأن خروج سلامة في هذا التوقيت هدفه إنجاح ما يريد تمريره خلال الملتقى الجامع، وكذلك التمهيد لإسقاط كل الأجسام القائمة حاليا"، وفق رأيه.