هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قرار وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا، بإيقاف منح تراخيص تنظيم المظاهرات والاعتصامات في ليبيا، ردود فعل غاضبة من ناشطين ومراقبين، وتساؤلات عن أسبابه، ومخاوف من تبعاته.
وأصدر "باشاغا" تعليماته إلى كل مديريات الأمن في العاصمة طرابلس بمنع منح التراخيص لأي تظاهر، معتبرا أن القرار سيكون بشكل مؤقت، مرجعا قراره إلى الظروف الأمنية والتهديات التي يقوم بها أصحاب النفوس "المريضة" باستغلال المظاهرات والاعتصامات بأعمال تمس الوطن والمواطن، بحسب تعبيره.
غرفة طوارئ
وأصدر الوزير قرارا بتشكيل غرفة أمنية مؤقتة للطوارئ؛ لمتابعة الأحداث الأمنية الطارئة، وتلقي المعلومات واتخاذ الإجراءات الأمنية العاجلة، وتنفيذ البرامج والسياسات الأمنية التي تصدر؛ لمواجهة الظروف الطارئة والتصجدي لأي أعمال تخريبية"، وفق الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية.
وكانت السفارة الأمريكية في طرابلس، قد حذرت من هجوم وشيك على مؤسسة حيوية في العاصمة اليوم السبت، داعية مواطنيها إلى تجنب المناطق المحيطة بالمباني الحكومية والمؤسسات الأخرى، خاصة قرب مكتب البريد المركزي، إلى جانب مراقبة وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات، وفق موقعها الرسمي.
اقرأ أيضا: ما حقيقة وجود "خلايا نائمة" مؤيدة لحفتر في العاصمة طرابلس؟
وبعد قرار وقف التصاريح للتظاهر، وتشكيل غرفة طوارئ، كيف يرى الناشطون والمحللون هذا القرار في هذا التوقيت؟
"ظروف استثنائية"
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية، محمد بو عبدالله، أن "قرار الوزير جاء وفقا للقانون 65 لسنة 2012 من الإعلان الدستوري، الذي يكفل للوزارة حق منع التصاريح للتظاهرات بشكل مؤقت، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، والقرار جاء لضمان سلامة المتظاهرين".
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن "القرار جاء في ظروف استثنائية وبشكل مؤقت، كون ليبيا تمر الآن بمرحلة صعبة تحتاج إلى تطبيق الإجراءات الأمنية، وتعطيل التصاريح للتظاهر موجود ومعمول به في كل دول العالم"، بحسب كلامه.
وحول استهداف القرار لفصيل معين أو أحداث بعينها، قال عبدالله: "ليس للقرار علاقة بأي حدث أو فصيل معين، كون وزارة الداخلية بعيدة كل البعد عن كل التجاذبات السياسية، والقرار كما قلت لك جاء لتحقيق أمن وسلامة المتظاهرين"، وفق تصريحه.
قرار مبرر
وقالت الصحفية من طرابلس، أحلام الكميشي، إن هناك أمورا عدة تسببت في إصدار هذا القرار ومنها "التحذير الأمريكي بشأن عمل إرهابي في العاصمة، واقتراب موعد الملتقى الوطني الجامع، وكذلك الانتصار السوري في معركته مع داعش وتوجه فلول التنظيم إلى ليبيا للتمركز ومن ثم الهجوم".
وأشارت في تصريح لـ"عربي21"إلى أن "المظاهرات قد يتم استغلالها لتنفيذ أي عمل إرهابي، وأعتقد بعد انتهاء المؤتمر الجامع سيتم السماح بعودة التظاهر من جديد أي أنه قرار مؤقت"، بحسب تعبيرها.
مقدمة للقمع؟
وبدوره، أكد الباحث الليبي ورئيس منظمة الديمقراطية وحقوق الإنسان في أمريكا، عماد الدين المنتصر، أنه "ينبغي رفض هذه التعليمات الجائرة المتخلفة بكل قوة وباستخدام كل ما يكفله القانون المحلي والدولي من حقوق للرد على هذا القرار".
وأضاف لـ"عربي21": "إن كانت هناك تجاوزات مزعومة تمس أمن المواطن فليتعامل معها الوزير بحسب القانون، ولا يتعامل معها بطريقة الديكتاتور، فلهذا الأمر ما بعده ولعل القرار بالونة اختبار، لكيفية كبت الغضب الشعبي المتوقع عند انعقاد الملتقى الجامع الذي سيتم فيه وأد الثورة ومكتسباتها"، وفق تقديراته.
اقرأ أيضا: سلامة يتهم حفتر أمام مجلس الأمن بشن هجمات انتقامية جنوب ليبيا
"فلول القذافي"
ورأت الناشطة الليبية، هدى الكوافي، أنه "من واجب الدولة حماية المواطن حال قيامه بمظاهرات سلمية كونها نوع من التعبير المستحق له، ونحن مع المظاهرات المطالبة بالحقوق والخدمات، لكن نرفض التظاهرات من أجل الإفراج عن أتباع القذافي لأنه يجب أن يتم كل هذا وفقا للقانون لا للتظاهر".
واستدركت قائلة: "وأعتقد أن قرار الوزير سيكون قرارا مؤقتا حتى لا يسمح باستغلال المظاهرات من طرف يريد نشر عدم الاستقرار والترويج لبعض الشخصيات، فتصبح المظاهرات حقا يراد به باطل"، كما قالت لـ"عربي21".
"إجراء وقائي"
وأشار رئيس منظمة "ليبيا السلام" (مستقلة)، نبيل السوكني، إلى أن "منع المظاهرات بشكل مؤقت هو إجراء وقائي جاء في الوقت الصحيح كون الوضع الأمني لم يستقر، وما يحدث من مظاهرات الآن في طرابلس تتم من قبل بعض الأطراف المعروفة بعينها والتي لا تريد استقرار البلاد".
وأضاف لـ"عربي21" أن "هذه التظاهرات تزداد كلما اقترب حل المشكلة الليبية، فنجعل هؤلاء يخرجون علينا باسم الوطن علما بأن أغلبهم ليسوا من أبناء العاصمة، لذا الاستغلال موجود لتحقيق أجندات وسياسات تخدم طائفة على حساب الوطن"، بحسب رأيه.
في حين، قال مدير منظمة التضامن الليبية لحقوق الإنسان، جمعة العمامي، إن "قرار "باشاغا" يؤكد وجود فهم خاطئ لمسؤولية وزارته والمناط بها حفظ أمن وحقوق المواطنين خاصة في التعبير عن آرائهم، فعلى وزارة الداخلية تأمين التظاهرات مثل تأمينها لمباريات كرة القدم".
وأضاف لـ"عربي21": "التخوف نابع من كون الوزير لم يحدد تاريخ انتهاء هذا المنع وترك مدة القرار مفتوحة"، وفق قوله.