هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ثلاث ساعات في موسكو، وهي المدة التي اجتمع بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع فلاديمير بوتين، كانت كافية لإعلان إغلاق ملف الطائرة الروسية التي سقطت في الأجواء السورية قبل أشهر، وفتح عهد أكثر عمقا وتطورا مع روسيا.
الزيارة الحادية عشرة لنتنياهو؛ هي الأهم خلال السنوات الثلاث الماضية. وبحسب القناة العبرية الثالثة عشرة، "تمكنت إسرائيل من خلال زيارة رئيس وزرائها لموسكو، من تثبيت حقها في حرية الحركة في المجال السوري بعد التفهم العميق الذي أبدته القيادة الروسية لمصالح تل أبيب، ومن أجل ضمان عدم السماح لطهران ومليشياتها بالتمركز في سوريا".
توثيق التعاون الأمني والاستخباري بين تل أبيب وموسكو يأتي بعد كل جولة ضجيج وصراخ تعم إعلام الممانعة، خصوصا التي تلي الغارات الصهيونية المتتالية، أو بعد إسقاط الطائرة الروسية، بينما يغطي تحليل زيارة نتنياهو لموسكو وحصادها "الوفير والثمين"، كما تصفه وسائل الإعلام الإسرائيلية ويركز إعلام الممانعة، على قضية فساد نتنياهو وملاحقة الشرطة والقضاء لملفاته.
وقد ذكّر بوتين نتنياهو بفضل أسبقية اعتراف السوفييت بـ"قيام إسرائيل"، ومن ثم أهمية الروابط العقائدية والحضارية التي تجمع بين موسكو وتل أبيب، فضلاً عن التكنولوجيا والتقدم، وهي قيم لا يمكن الحصول عليها في المنطقة؛ من أنظمة تجمعها مع موسكو مصالح لا ترتقي كما هي مع إسرائيل، حسب وصف المتابعين للعلاقة بينهما.
الثابت كل مرة عند تناول علاقة موسكو مع تل أبيب؛ لم يعد بحاجة للتذكير بعد زيارة بشار الأسد الأخيرة لطهران وظهوره في حميميم ذليلاً، وفي مجلس الولي الفقيه بدون "دسم وزخم" الأنظمة المعينة، أو المدعومة من قوى الاحتلال، ليظهر كل مرة كزعيم عصابة محمي بطريقة بلطجية ووحشية.
في كل الأحولل، مؤشر العلاقة الإسرائيلية الروسية في سوريا، هو ناظم مستقبلي للسياسة الروسية التي تثبت نقاط المصلحة المشتركة، والتي تكون دوما عكس ما توحي به حناجر الممانعين وإعلامهم.
سجلت الأعوام الأربعة الماضية، بعد إشراك موسكو قواتها بشكل مباشر لدعم الأسد وسحق الشعب السوري، أو تجوال العدوان الإسرائيلي مئات المرات فوق الأراضي السورية.. سجلت مرحلة جديدة في العلاقة بين قوى الاحتلالين الروسي والإسرائيلي، تقوم على هدف المحافظة على نظام بشار الأسد في دمشق، والبقية تفاصيل صغيرة لا يمكن أن تؤدي لتدهور العلاقة أو المس بجوهرها القائم على مشتركات يذكر أحدهما الآخر بها كل مرة.
وفي هذا السياق، يقول "وزير القدس" زئيف إلكين، الذي رافق نتنياهو إلى موسكو، إن رئيس الوزراء نجح بإقناع بوتين بخارطة المصاح الإسرائيلية في سوريا".
وأضاف إلكين للإذاعة العبرية: "ما حققه نتنياهو من إنجازات لصالح إسرائيل عبر توثيق علاقته ببوتين؛ لم يتمكن أي زعيم إسرائيلي قبله من تحقيقها". وهذا يختصر كل شيء.
الاتفاق الروسي الإسرائيلي، على إخراج وطرد كل القوى "الأجنبية" من سوريا، هو اعتراف متبادل من قوتي احتلال بشرعية وحرية حركتهما فوق الأرض السورية، بمباركة النظام المشغول بتأمين الحماية لنفسه من نفس القوى المحتلة.
وبوتين يعتبر نتنياهو بطل وليس محتلا، وطالما اتفقا على تأمين النظام في دمشق، فلا مشكلة عندهم.
خبر القدس، ووزيرها الصهيوني في موسكو، يختفي من قنوات وصحافة مشغولة بتمجيد قتلة ومشعوذين ووكلاء للمحتل، وصراخ كثير يرمي شعوبا منتفضة على الطغيان بالعمالة والخيانة.
فتتويج الحصاد الإسرائيلي في سوريا، أو في المنطقة، لم يكن لولا منجل موسكو ومطرقة النظام في دمشق التي مهدت لجمع الغلال لتسليمها للمحتلين.
وعلاقة موسكو مع النظام السوري يعرفها كل سوري قبل وقوف رأس النظام خلف "الخط الأصفر" بمطار حميميم، ومفاجأة وزير دفاع بوتين لبشار في حميميم. ويدرك كل سوري مكانة من باع البلاد للإمساك بكرسي الوهم الأبدي، واستيراد مرتزقة روسيا وطهران لقتلهم وحماية سفاحهم.
زيارة نتنياهو لبوتين، تتوج أهدافا ونتائج لا تقل كارثية عن التي شهدناها في الأعوام السابقة، لكنها تضيف أبعادا عميقة لملفات عدة في المنطقة، على رأسها القضية الفلسطينية. العقل الروسي لا يختلف عن عقل النظام السوري؛ من جهة العلاقة مع الإسرائيلي، والعكس صحيح.
والتحالف أقوى وأقرب مع المحتل، ولن تكون العلاقة مع الروسي قائمة على تحقيق نتائج وأهداف تتعلق بتحقيق حرية وكرامة وعدالة، بينما نراها مع الإسرائيلي تتعدى التعاون العسكري والتقني والتكنولوجي والثقافي، لدرجة التذكير بحاجة "الدولة العظمى" لتكنولوجيا إسرائيل، وتمهيد كل شيء للمنجل الاسرائيلي.
في المقابل، ما هي أهداف موسكو من رأس النظام السوري، دون تأمين بقائه كجلاد على أجساد السوريين، لينعم المحتل بنتائج وأهداف كثيرة بفضل مطرقة موسكو بالبراميل والصواريخ!!