هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ما وصفه بـ "عمليات القمع الممنهج والاستخدام المفرط للقوة من قبل الحكومة السودانية تجاه الاحتجاجات الشعبية السلمية" التي انطلقت في البلاد منذ 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 45 شخصًا حتى الآن، مطالبًا الحكومة السودانية بوقف الممارسات القمعية تجاه الصحفيين والمتظاهرين والتركيز بدلاً من ذلك على التعامل السلمي مع مطالبهم وتلافي التقصير في الخدمات الأساسية وتوفير حياة كريمة للسودانيين.
وقال المرصد الحقوقي الدولي، في بيان له اليوم السبت أرسل نسخة منه لـ "عربي21": "إن عدد قتلى الاحتجاجات الشعبية في السودان لا يقل عن 45"، لافتًا إلى مقتل شخصين على الأقل في الاحتجاجات الأخيرة التي حصلت أول أمس الخميس، وواجهتها قوات الأمن بالرصاص الحي والاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع.
إقرأ أيضا: المعارضة السودانية تدعو للاعتصام في 23 ميدانا بالخرطوم
وقال الأورومتوسطي: إن محجوب التاج محجوب إبراهيم (20 عامًا)، وهو طالب في كلية الطب بجامعة الرازي، قُتل الخميس إثر تعرضه للتعذيب من قبل أفراد الأمن، فيما قتل عبد العظيم بابكر (22 عامًا) إثر رصاصة مباشرة في الصدر. وأفاد مشيّعون شاركوا في جنازة "محجوب" أن قوات الأمن هاجمت الجنازة ودهست بعض المشاركين بالعربات المتحركة.
وأشار المرصد الحقوقي الدولي، ومقره جنيف، إلى أن المظاهرات بدأت من مدينة "عطبرة" شمالي البلاد، وانتقلت إلى مدن وأقاليم أخرى بما في ذلك القضارف، والفاشر، والخرطوم، احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وتردي ظروف المعيشة، ومطالبةً الرئيس عمر البشير بالتنحي، حيث قوبلت بانتشار أمني مكثف، واستخدام القوة المفرطة كالغاز المسيل للدموع وضرب المحتجين بالهراوات وإطلاق الذخيرة الحية والرصاص المطاطي.
إقرأ أيضا: الشرطة السودانية تؤكد مقتل شخصين بتظاهرات الخميس
بدورها، روت الناشطة الحقوقية "أسيل عبدو" في منشور لها عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن كيفية تعامل قوات الأمن السودانية بتاريخ 17 كانون الثاني (يناير) الجاري مع المتظاهرين في الاحتجاجات التي دعا لها "تجمع المهنيين" بحي "بري" في الخرطوم، إذ أشارت إلى أن قوات الأمن حاولت في البداية تفريق عدد كبير من المحتجين في ميدان "الدرايسة" بإطلاق الغاز المسيل للدموع قبل أن تستخدم الرصاص المطاطي والحي ما تسبب بإصابة عدد من المتظاهرين.
وقالت عبدو في شهادتها: "إن قوات الأمن اقتحمت غرفًة كان يحتمي بها المتظاهرون، وبدأوا بضربهم بشكل عنيف، وكيل الشتائم وتهديدهم بالسجن والاغتصاب".
وندد المرصد الأورومتوسطي باستمرار عمليات القمع الحكومي للمحتجين وملاحقتهم، مشيرًا إلى اعتقال المئات على مدار الأسابيع الماضية.
وكان وزير الداخلية السوداني أحمد بلال عثمان قال في تصريحات صحافية، إن السلطات السودانية اعتقلت 816 شخصًا خلال 381 مظاهرة في مدن سودانية مختلفة، غير أن المرجح أن أرقام المعتقلين فاقت هذا العدد بكثير. فيما أكدت شهادات ميدانية للمرصد الأورومتوسطي أن حملة المداهمات والاعتقالات شملت كتابًا وطلابًا وصحافيين وناشطين حقوقيين وزعماء معارضين كمسعود محمد الحسن، وصالح محمود عثمان، ومسعود محمد الحسن.
وانتقد الأورومتوسطي تصريح وزير الدولة بوزارة الإعلام والاتصالات السودنية مأمون حسن إبراهيم، والذي قال إن الأجهزة الأمنية تعمل على ملاحقة من سماهم بـ "المحرضين وناشري المعلومات والأخبار الكاذبة" عبر الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".
وفي سياق متصل، أدان المرصد الأورومتوسطي إقدام السلطات السودانية على سحب تراخيص عددٍ من المراسلين الصحافيين كمراسلي قناتي "العربية" و"الجزيرة" ومراسل وكالة "الأناضول" التركية، بالإضافة إلى إغلاق بعض المكاتب الصحافية على خلفية تغطيتهم للأحداث الدائرة في البلاد، فضلاً عن تعطيل عمل شبكات التواصل الاجتماعي، وحجب عمل بعض المواقع الإخبارية في محاولة لفرض تعتيم إعلامي على حقيقة ما يحدث على الأرض.
إقرأ أيضا: السودان يسحب تراخيص 3 صحفيين من الجزيرة.. والأخيرة تندد
وبيّن الأورومتوسطي أن قوات الأمن لا تزال تمنع صحيفة "الجريدة" السودانية من الطبع منذ ما يزيد عن أسبوعين، وكانت اعتقلت رئيسي مجلس الإدارة والتحرير في الجريدة، كما منعت طباعة صحيفة حزب البعث السوداني، وصادرت صحيفة "اليوم التالي" في 12 كانون الثاني (يناير) الجاري، كما أوقفت عشرات الصحفيين عن الكتابة والنشر. وأحصت منظمة "مراسلون بلا حدود" أكثر من 100 انتهاك لحرية الصحافة في السودان خلال الشهر الماضي، بينها اعتقال 66 صحفيًا.
من جانبها قالت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي: "إن ما تمارسه السلطات السودانية من أعمال قمع للمتظاهرين السلميين على امتداد المدن السودانية يشكل انتهاكًا خطيرًا للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان"، محذرة من أن "إسكات الصحفيين وقمعهم بهذه الصورة الواسعة يوحي بأن النظام يسعى بكل السبل للتكتم على جرائمه بحق المتظاهرين وأن هناك ما يخشى من خروجه للإعلام".
وأضافت بريتشت: "إنّ السلطات السودانية تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة المتظاهرين السلميين، وعليها فتح تحقيق رسمي وشفاف فيما يتعلق باستخدام القوة المفرطة في قمعهم، ويجب عليها إعادة فتح مكاتب وسائل الإعلام التي أغلقتها خلال الأيام القليلة الماضية، والإفراج عن الصحفيين والنشطاء السلميين".
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة السودانية إلى الإسراع في التعامل مع مطالب المتظاهرين ومعالجتها بالسبل السلمية، والعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين، خصوصًا ما يتعلق بغلاء الأسعار وظروف المعيشة، بدلاً من قمع المتظاهرين وانتهاك الحقوق الأساسية لهم.