هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للباحث في جامعة تل أبيب كيفجن ليم، يناقش خلافة المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد وفاة خليفته المحتمل آية الله محمد هاشمي شاهرودي (70 عاما) الذي توفي عشية عيد الميلاد، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شاهرودي كان واحدا من الذين فهموا السلطة في إيران، رغم جهل العالم الخارجي به مقارنة مع غيره من المرجعيات الدينية المثيرة للجدل، لافتا إلى أن السبب هو أنه كان ابن المؤسسة، ولديه قدرة غير محدودة للوصول إلى قمة السلطة.
ويلفت ليم إلى أن "شاهرودي كان على علاقة مع الفصائل الإيرانية المتعددة، وعلاوة على هذا كله فقد كان مرشحا لأن يكون الخليفة لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، ووفاته المبكرة لن تؤدي فقط إلى حالة استقطاب داخل سياسة الخلافة، بل إنها قد تؤدي أيضا إلى حالة عدم استقرار في إيران".
ويفيد الكاتب إلى أن شاهرودي ولد في عام 1948 في العراق، لأبوين إيرانيين كانا يعيشان في النجف، وتلقى تعليمه في المؤسسة الدينية على يد علماء الحوزة الدينية هناك، خاصة مؤسس حزب الدعوة محمد باقر الصدر، وبدرجة أقل على يد مرشد الجمهورية الأول آية الله الخميني، وسجن في العراق عام 1974 مع عدد من علماء الدين الشيعة، لافتا إلى أن شاهرودي ترأس بعد غزو صدام حسين إيران، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي أنشئ حديثا، ومع صعود الخميني إلى السلطة عام 1989 قرر متابعة طموحاته السياسية في إيران، والتخلي عن السياسة في العراق.
ويقول ليم: "كونه شخصية دينية في الحوزات الدينية في قم، فقد كانت لديه من المؤهلات العلمية التي لا تسمح لأحد أن يمسه، ما سهل طريقه داخل المؤسسة السياسية الإيرانية، وخارج عمله في المؤسسة القضائية التي ترأسها من عام 1999- 2009، ظل الشاهرودي عضوا في مجلس خبراء القيادة الذي ينظر في صلاحية المرشحين للبرلمان، وشغل منصبا في مجلس الخبراء الذي يختار خليفة المرشد الأعلى، وكذلك عضوية مجلس صيانة الدستور، وبعد وفاة رئيسه علي أكبر هاشمي رفسنجاني رشحه خامنئي لرئاسته، ما يعني أنه شخصية يمكن لخامنئي الاعتماد عليها، ولهذا رثاه بالقول إنه كان (شخصية عملت وبإخلاص في مؤسسات الجمهورية المهمة)".
ويستدرك الكاتب بأن معظم الإيرانيين يتذكرون شاهرودي عندما كان رئيسا لهيئة القضاء، وهي المدة التي امتدت خلال حكم كل من محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، التي قام بها شاهرودي بعملية ملاحقة للبرلمانيين الإصلاحيين والصحافة والطلاب والمثقفين وناشطي حقوق الإنسان، ولاحق في نهاية فترته الحركة الخضراء، التي احتجت ضد الانتخابات المزورة التي سلمت السلطة إلى نجاد.
ويفيد ليم بأنه شاهرودي كونه رئيسا لمصلحة القضاء، فإنه أشرف بشكل مباشر وغير مباشر، على إعدام ألفي شخص بمن فيهم بعض القصّر، واندلعت التظاهرات المطالبة بمحاكمته في أثناء زيارته إلى هانوفر الألمانية لتلقي العلاج في كانون الثاني/ يناير 2018، وفكرت الحكومة بتوجيه اتهامات له قبل أن تقرر التخلي عن تلك الفكرة، مشيرا إلى أنه حمل النائب العام لطهران الذي اختاره، وهو سعيد مرتضوي، مسؤولية اغتصاب وقتل الصحافية الكندية الإيرانية زهرة كاظمي في أثناء اعتقالها.
ويبين الكاتب أنه في المقابل، فإن شاهرودي قام بعدد من الإصلاحات، مثل إعادة العمل في الفصل بين القضاء والنيابة العامة، الذي ألغاه سلفه محمد يزدي، وتعليق الرجم، والتقدم بتشريع يمنح القصّر المزيد من الحماية القانونية، لافتا إلى أن صحفا، مثل "شهرفند"، صورته قبيل موته بأنه رمز القضاة كلهم، فيما وصفته صحف حكومية، ومنها وكالة الأنباء الرسمية، بالتقدمي.
ويقول ليم: "كان شاهرودي مثل الخميني وخامنئي، يرتدي العمامة السوداء لإظهار نسبه إلى الرسول، ولم يكن يملك المؤهلات الدينية والعلمية التي أهلته ليكون المرشد الأعلى فقط، بل كانت نقطة قوته هي جاذبيته لدى المعسكرات داخل المؤسسة الإيرانية الحاكمة كلها، وهما رصيدان مهمان لاستقرار إيران السياسي، فعلى خلاف خامنئي والكثير من المتشددين، فإن شاهرودي احتفظ بعلاقات جيدة مع المعسكرات الأربعة في إيران: المحافظين، والمحافظين الجدد، والمعتدلين المحافظين، والإصلاحيين، وقد انعكس هذا من خلال تعيينه في عام 2011 لرئاسة مجلس فض النزاعات والتنظيمات المتعلقة بفروع السلطة التنفيذية، الذي تم استحداثه ردا على المواجهة بين الرئيس نجاد والبرلمان".
وينوه الكاتب إلى أنه "كان وفيا لخامنئني، وكانت رئاسته لمنصب المرشد بمثابة استمرار للعلاقة المتوازنة مع بقية فروع السلطة، خاصة الحرس الثوري، وعلى خلاف خامنئي، فإنه لم يكن بحاجة إلى التقرب للحرس الثوري من أجل بناء قاعدة السلطة".
ويشير ليم إلى أن "شاهرودي كان الشيعي الوحيد الذي كان مرشحا لخلافة خامنئي، بل قيل إنه كان يموضع نفسه ليكون زعيما لشيعة العراق، ففي عام 2012 طفت تقارير تقول إن شاهرودي يقوم ببناء شبكة رعاية في داخل جار إيران الغربي، خاصة في النجف، عمادها الضريبة الدينية وأموال الدولة الإيرانية، وعلى ما يبدو فقد كان يحاول إضعاف سلطة آية الله علي السيستاني، وكان لإيران سبب، فالسيستاني المولود في إيران كان يعارض فكرة ولاية الفقيه".
ويقول الكاتب إن "شاهرودي، الذي كان ينظر إليه بأصوله العراقية بصفته شخصية خارجة عن إيران، لم يكن إيرانيا ولا عراقيا بالكامل، إلا أن أرضيته الاجتماعية كانت جذابة للمجتمعات الشيعية خارج إيران، خاصة العراق الذي لم يكن يدعم فكرة ولاية الفقيه، ومنذ سقوط صدام حسين عام 2003 اقتربت الحكومة الشيعية في بغداد من إيران، لكنها حاولت في أحيان أخرى ممارسة استقلالية سياسية عن طهران".
ويذكر ليم أن "النظام الإيراني، الذي يحكم منذ 4 عقود، يواجه تحديات تتعلق باستقراره بسبب الاحتجاجات، ويعتمد استقرار البلد على قبول الطبقة السياسية مجتمعة بمرشد أعلى قادر على بناء إجماع والموازنة بين المصالح المتنافسة. وكانت قدرة شاهرودي على تجاوز الانقسامات داخل المؤسسة السياسية والدينية الحاكمة سببا لطرح اسمه بصفته خليفة محتملا لخامنئي، فكان مؤهلا من الناحية العلمية والإدارية، وكان من بين قلة يحظون بمصداقية داخل المؤسسة الحاكمة".
ويستدرك الكاتب بأن "سيطرة المتشددين على مفاصل السلطة السياسية والأمنية والعسكرية كلها لن تعطي المعسكر الذي يقوده الرئيس المعتدل حسن روحاني أي مساحة للمشاركة في عملية اختيار المرشد المقبل".
ويختم ليم مقاله بالقول إن "وفاة شاهرودي تفتح الباب أمام رئيس مجلس مصلحة النظام علي لاريجاني ومدير مؤسسة دينية في مشهد والمرشح الرئاسي عام 2017 والمرشح لتولي هيئة القضاء إبراهيم رئيسي، وكلاهما لا يملكان صبر شاهرودي للتعامل مع المعتدلين والإصلاحيين في حالة وفاة خامنئي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)