هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا يزال الغموض الأمريكي يطغى على تفاصيل عملية الانسحاب المعلنة للقوات الأمريكية من سوريا، في ظل حديث أمريكي سابق عن ضرورة التنسيق المسبق مع تركيا.
وهو ما كان معلنا في السابق لهدف زيارة
مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون إلى أنقرة، قبل أن يغادر المسؤول
الأمريكي تركيا بعد اجتماعه والوفد الأمريكي المرافق له بمتحدث الرئاسة التركية
إبراهيم كالن ومسؤولين أتراك، في ظل تقارير إعلامية تحدثت أن سبب المغادرة الباكرة
لبولتون يأتي بعد رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاجتماع به.
ونقل مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية أن
بولتون أبلغ المسؤولين الأتراك بأن أمريكا تعارض أي "معاملة سيئة للحلفاء
الأكراد في سوريا"، مؤكدا أن واشنطن لن "تنسحب من قاعدة التنف بسوريا في
هذه المرحلة".
وكان بولتون قال قبل وصوله إلى تركيا إن
"الولايات المتحدة تريد ضمانة سلامة الأكراد بعد انسحابها، وتريد اتفاقا على
ذلك قبل الانسحاب".
اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي: واشنطن لن تنسحب من قاعدة "التنف" حاليا
في المقابل، أعلن متحدث الرئاسة التركي
إبراهيم كالن عقب لقائه بولتون، أنهم ناقشوا مع الوفد الأمريكي تفاصيل الانسحاب
الأمريكي من سوريا في غضون 120 يوما، مشيرا إلى أن الأمريكيين أبلغونا بأن
الانسحاب سيتم خلال 60 – 100 يوما، والآن يقولون نحتاج إلى 120 يوما، وتركيا لا
تعتبر هذا تأخيرا كبيرا".
وأضاف كالن أنه "خلال اجتماعنا مع
الوفد الأمريكي ناقشنا كيفية الانسحاب والهيكلية التي سيخلفها ومصير الأسلحة
الثقيلة التي وزعتها أمريكا وقواعدها العسكرية ومراكزها اللوجستية في سوريا"،
موضحا أن الأمريكيين أخبرونا أنهم يبحثون مسألة الأسلحة التي بحوزة (ي ب ك)، ومصير
16 قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا".
وبخصوص عدم إجراء لقاء بين الرئيس التركي وبولتون أوضح كالن:
"الرئيس أردوغان لم يعد بلقاء جون بولتون"، مبينا أن "تصريحات
بولتون في إسرائيل المتعلقة بأكراد سوريا أدت إلى ردة فعل في تركيا".
بدوره، رأى المختص في الشأن التركي
إسماعيل كايا أن أنقرة ما زالت في طور معرفة مدى نضوج خطة الانسحاب الأمريكية،
وجدولها الزمني في ظل التناقض في تصريحات ترامب، معتقدا أن "أنقرة تتفق مع
واشنطن في أن لا يصب الانسحاب في صالح روسيا والنظام وإيران".
أبرز الطروحات
وأكد كايا في تصريحات تابعتها
"عربي21" أن الخلاف الأساسي بين أمريكا وتركيا حول تنظيم "ب ي
د" وامتدادات تنظيم "بي كا كا"، مشددا على أن "تركيا لن تقبل
وعود جديدة هذه المرة، وتريد خطوات فعلية على الأرض"، بحسب تقديره.
وأشار كايا إلى أن "أبرز الطروحات
تتمثل في تشكيل قوات محلية من كافة مكونات الشعب السوري، لإدارة تلك المناطق بدعم
من أمريكا وتركيا، أو الاتفاق على علميات عسكرية تركية محدودة، لتطهير الشريط
الحدودي وضمان عدم قيام كيان انفصالي".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي والمختص
بالشأن التركي سعيد الحاج أن "التفسيرات التي قالت إن الولايات المتحدة قد
أوكلت لتركيا إكمال مهمتها في سوريا، أو فوضتها بالسيطرة عليها وما إلى ذلك؛ هي
تقييمات بعيدة عن الدقة".
وأوضح الحاج في مقال نشرته
"عربي21" أن "انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لا يعني غياب دورها
وانتهاء سياستها تماما، نظرا لوجود قوات وقواعد عسكرية لها في المنطقة، سواء في
العراق أو تركيا أو غيرهما"، مضيفا أن "ذلك يعود أيضا لأن الدور السياسي
الأمريكي لا يعتمد حصرا على الوجود العسكري المباشر، ولأن واشنطن تعمل على استدامة
سياستها وتحقيق أهدافها من خلال حلفائها وأصدقائها".
اقرأ أيضا: هل تعوض أمريكا غيابها عن سوريا بقواعد عسكرية خارجية؟
ورأى الحاج أن "عمق مناطق شرق
الفرات، ليس على الأجندة التركية الوصول لها أو السيطرة عليها، بل ستكون سيطرة
النظام عليها كافية جدا لتركيا وأقل كلفة عليها، وفق سيناريو تقاسم النفوذ
والسيطرة الذي تحاول بلورته مع موسكو"، بحسب تقديره.
وتوقع المحلل السياسي أن "تسيطر
تركيا على منبج وبعض البلدات الحدودية مثل تل أبيض ورأس العين وعين العرب، إضافة
لشريط حدودي يؤمن الداخل التركي، فضلا عن بعض الضربات المحددة للعتاد ومخازن
الأسلحة، وبعض الشخصيات القيادية ربما".
وختم قائلا: "كل ذلك في حال نفذ
ترامب فعلا وعده بالانسحاب، وهو ما يبدو أنه بات في دائرة الشك، على الأقل وفق
الجدول الزمني الأولي، خصوصا بعد الاعتراضات داخل المؤسسة الأمريكية، ما يعني أن
كل التقييمات التي بنيت عليه ما زالت في حيز الافتراضي حتى يتحقق، إن تحقق"،
بحسب رأيه.