هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تصاعدت وتيرة عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة في الآونة الأخيرة، لينسدل الستار على أربع عمليات إطلاق نار خلال شهر واحد فقط في محافظة رام الله وحدها بحسب الإعلام العبري.
آخر العمليات التي نفذها مقاومون فلسطينيون تلك التي وقعت مساء السبت عند حاجز بيت إيل شمال مدينة البيرة، والتي أدت لإصابة سائق باص إسرائيلي، فيما تمكن المنفذون من الانسحاب من المكان، ليبدأ جيش الاحتلال عمليات تمشيط بحثا عنهم.
وجاءت عملية إطلاق النار على حافلة للمستوطنين قرب رام الله بعد ساعة واحدة على عملية أخرى نفذها فلسطينيون تجاه مستوطنة للاحتلال قرب بيت لحم دون أن يبلغ عن إصابات.
من جهة أخرى تتخوف الأوساط الإسرائيلية من تزايد أعمال المقاومة في الضفة في الأشهر الأخيرة، إذ لا تخفي تلك الأوساط خشيتها من التحول نحو انتفاضة فلسطينية جديدة في ظل غياب الأفق السياسي واستمرار إسرائيل في ممارساتها المتعلقة بالاستيطان والتهويد واقتحام الأماكن المقدسة، فضلا عن عشرات الاعتقالات اليومية التي تنفذها في مدن الضفة والقدس.
خيار المقاومة
الباحث في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أشار إلى أن استمرار العمليات في الضفة المحتلة يعبر عن حالة طبيعية، كون الاحتلال لا يزال قائما ويتوغل، موضحا أن الاستيطان يتوسع بشكل يومي تقريبا.
اقرأ أيضا: جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين تضاعفت 3 مرات العام الماضي
وبين أبو عواد في حديثه لـ "عربي21"، أن العمليات الأخيرة تدلل على وجود توجه ثقافي جمعي في تبني خيار المقاومة لدى الفلسطينيين، وهذا الأمر مقلق إسرائيليا كون الاحتلال بات يدرك أن شريحة كبيرة من الفلسطينيين يتبنون هذا النهج، رغم أن من يقومون بهذا العمل شريحة قليلة، لكن قيام جيل الشباب بمثل هذه الأعمال المقاومة تنظر له إسرائيل بعين الخطورة وتعتبر أن ثقافة المقاومة باتت تتمدد خارج حدود كانت تعتقد أنها مقتصرة فقط على غزة.
وأوضح أن رسالة المقاومة في الضفة المحتلة باتت واضحة؛ مفادها أن استمرار الاحتلال على ما هو عليه في الضفة واستمرار الاستيطان ونهج الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الواقع الفلسطيني الحالي سيعني مزيدا من العمليات، مشيرا أن إسرائيل تدرك ذلك وهي تستعد جيدا لحدوث الكثير من العمليات التي باتت مؤلمة إلى حد ما.
ورغم القبضة الأمنية الشديدة التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين هناك؛ إلا أن المقاومين في العمليات الأخيرة تمكنوا من التستر والاختفاء، حيث شهد العام 2018 العديد من عمليات المطاردة لمقاومين فلسطينيين تمكنوا من تنفيذ عملياتهم والانسحاب بسلام.
وأكد أبو عواد أن أسرائيل رغم تمكنها من كشف عدة عمليات قبل تنفيذها؛ إلا أن تمكن نسبة لا بأس بها من تنفيذ عملياتهم دون كشفها يقلقها، مردفا بأن "الشاباك يقر بأنه لن يستطيع القضاء عليها بشكل كامل بل يتوقع أن تزيد نسبتها، خاصة أن إسرائيل تزيد من قبضتها على الفلسطينيين".
رسالة داخلية
البروفيسور الفلسطيني والمحلل السياسي عبد الستار قاسم قال إن العمليات الأخيرة تحمل في طياتها رسالة داخلية للفلسطينيين، مفادها أن المقاومة في الضفة المحتلة لا مفر يجب أن تنهض ولا خيارات أمامها إلا المواجهة، معتبرا أن غياب المقاومة أذل الفلسطينيين وشجع الاحتلال والمستوطنين على مزيد من العربدة والانتهاكات، وزاد من اعتداءاتهم وقتلهم للشباب.
اقرأ أيضا: إصابة مستوطن إسرائيلي بإطلاق نار في الضفة الغربية
وأضاف قاسم في حديثه لـ"عربي21"، أن الفلسطينيين لم يهزموا أمن الاحتلال الذي يشدد قبضته الأمنية في الضفة الغربية، لكن نجاح بعض العمليات جاء بصيغة فردية لا يستطيع الشاباك أن يصل إليها أو يتنبأ بها.
وأكد أن نجاح العمليات في الآونة الأخيرة مرده للتخطيط المسبق والتفكير الدقيق، والإبقاء على سرية العمل والتنفيذ، وهو ما يصعب الوصول إلى المنفذين مهما بلغت إمكانات الاحتلال الأمنية.
وتوقع قاسم أن تبقى وتيرة المقاومة على ما هي عليه في الفترة القادمة، مشيرا أن الوضع الأمني والملاحقة التي تتبناها أجهزة أمن الاحتلال والسلطة الفلسطينية تجعل من الصعوبة بمكان أن تزيد وتيرة العمليات المنظمة، وهو ما يعني استمرار العمل الفردي غير القابل للتنبؤ أو التقدير.